طرح مؤتمر "تطلعات المرضى" ، الذي نظمه مستشفى الملك عبد الله بن عبد العزيز في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن ، امس البحث في وضع إطار عمل تكاملي بين القطاعات الصحية في المملكة لتحقيق إستراتيجية لتطوير الرعاية الطبية وإعادة هيكلتها وضمان مخرجات أفضل وفق خطة زمنية محددة. وبرزت في المؤتمر رؤية لإيجاد شبكة علاقات بين المستشفيات قائمة على اتفاقيات واضحة لتبادل المنافع والاستفادة من الإمكانيات المتاحة في نقل المرضى لتلقي العلاج المناسب. ففي ورقة حول " بناء شبكة علاقات بين القطاعات الصحية لتسهيل النقل والإحالة" ، قال ، مدير مركز نمو الطفل في مستشفى الملك عبد الله بجامعة الأميرة نورة ، المشرف العام على لجان عمل مؤتمر " تطلعات المرضى " الدكتور صالح محمد الصالحي إن هناك هدراً في الرعاية الصحية ، مع ضعف الخدمات، ورصد هذا الهدر يحتاج دراسة مفصلة عن الموارد المادية والبشرية واللوجستية.
وأوضح أن دراسة الواقع تؤكد أنه رغم وجود برنامج " إحالتي " للحالات الطارئة في وزارة الصحة ، والخدمة النوعية التي يقدمها، فهناك من الأمراض ما يحتاج إلى عناية ورعاية ، و كثير من المرضى يحتاجون إل لتلقي العلاج في مكان آخر ، وبعضهم يعاني لاتمام النقل بطرق شخصية من مستشفيات طرفية إلى حيث يوجد العلاج المناسب لحالتهم ، في ظل غياب ترتيبات واضحة بين المستشفيات وشبكة علاقات قائمة على اتفاقيات لتبادل المنافع والاستفادة القصوى مما هو متاح.
وقال الصالحي إن 30% من الإسعاف والطوارئ في المستشفيات التخصصية في الرياض مشغولة بمرضى ليسوا في حاجة لان ينوموا في نفس المستشفى ، ولو كانت هناك اتفاقيات لتم النقل والتحويل إلى مستشفيات نسبة الإشغال فيها 10 إلى 40% ، وكانوا تلقوا رعاية بنفس الجودة بوجود فريق مدرب.
وطالب الصالحي المجلس الصحي السعودي بأن يعمل على تنسيق هذا الأمر ، مشيراً إلى أنهم ليسوا مسؤولين عن تنفيذ الخدمات. واقترح قيام المجلس بدراسة دقيقية عن وضع شبكة العلاقات بين المرافق الصحية .
وقال : وزارة الصحة لها دور ، وكذلك وزارة الحرس الوطني، والمطلوب الآن تنظيم ملتقى يخرج باتفاقيات ، وليس مجرد توصيات ، لتنفيذ هذا المشروع، الذي لا يعني فقط القطاع الحكومي، بل أيضاً القطاع الخاص ، والتأمين ، والجمعيات الخيرية ، وكل المكونات المقدمة للخدمة مباشرة أو بطريق غير مباشر.
من جانبها قدمت مديرة ادارة تطلعات المرضى بمستشفى الملك عبد الله بن عبد العزيز الجامعي بجامعة الاميرة نوره بنت عبدالرحمن ريم الشارخ ورقة بعنوان" بناء ثقافه من التعاون في تطلعات المرضى: رحله الى النجاح"، أوضحت فيها أن النظام الصحي يمر بتغير مستمر والاحتياج الصحي على الصعيد العالمي في حالة تزايد ، وكذلك تطلعات المرضى ومتطلباتهم . نتيجة لذلك تم العمل على تأسيس قسم تطلعات المرضى ليس فقط ليصل إلى مستوى توقعات المريض بل ليجتازها ويلبي احتياجاته المختلفة.
وعرضت الشارخ تجربة مستشفى الملك عبد الله الجامعي في إنشاء قسم لتطلعات المرضى ، قائلة : كوننا أول مستشفى جامعي ينشئ هذا القسم، نهدف أن يكون مثالا يحتذى للمستشفيات المماثلة و مرجعا للممارسين الصحيين في مجال تطلعات المريض ، مشيرة الى أن القسم يهدف إلى تحسين المعرفة والتواصل لدى الممارسين الصحيين عبر بناء قدراتهم ، وإشراك كل الإدارات المعنية في تحديد و تقليل الصعوبات التي قد تعيق مسار رحلة المريض سواء كانت صعوبات جسدية أو معنوية .
بدوره دعا الرئيس التنفيذي لمدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الانسانية عبدالله بن زرعة، إلى النظر في وضع إطار عمل تكاملي بين القطاعات الصحية في المملكة لتحقيق إستراتيجية تطوير الرعاية الطبية وإعادة هيكلتها وضمان مخرجات أفضل وفق خطة زمنية محددة.
وقال بن زرعة في ورقته التي قدمها بالمؤتمر إن الدراسات المتخصصة تؤكد أن تطبيق هذه إستراتيجيات ومبادرات "المريض هو محور العملية الصحية" من شأنه خفض فاتورة الرعاية الصحية في أي دولة إلى ما يقارب 40% إذ ترتكز المقاربات على وضع نظم وموارد وأنظمة إدارية ، ومرفقات قادرة على الوفاء، وتقديم أساسيات الرعاية وفق معايير سلامة المرضى وجودة الخدمات الطبية والحد من الإشكالات والقصور .
وقال بن زرعة إنه على الرغم من أن هذه المبادرات براقة وجاذبة ،إلا أنه يجب التنبيه على ضرورة عدم تطبيقها بمعزل عن إيجاد الأرضية الصلبة من خدمات متكاملة وذات كفاءة عالية قائمة على تطبيق معايير السلامة للمرضى وجودة الرعاية الصحية وقياس الأداء، و الوصول السهل للحصول على الرعاية الطبية لمن يحتاج إليها، وتوفير البرامج الوقائية والتوعوية لكل أفراد المجتمع وقياسها.
إلى ذلك شدد المدير التنفيذي للتكامل وتحقيق رضا المرضى بمدينة الملك فهد الطبية بالرياض الدكتور علي عسيري على ضرورة اشراك المستفيد من الرعاية الصحية في جميع مراحل العملية العلاجية عبر اعطاء المعلومات المتكاملة والشاملة, مطالبا بأهمية سماع صوت المستفيد ووضع الملاحظات والمقترحات موضع الاهتمام وتحسين التواصل مع المستفيد وإبداء الاهتمام والتعاطف مع حالته والاحترام والتقدير وهذا ما يسمى بالبعد الانساني للعلاقة.
ولفت الدكتور العسيري الى انه يجب السعي نحو تسهيل الوصول للخدمة بجميع مستوياتها وان تكون متوفرة في الوقت الذي يحتاجها بدرجة كبيرة من الجودة والأمان.