يحمل حافظ القرآن عبدالسلام محمد جبريل (25 عاماً) تجربة ملهمة وثرية في حفظ القرآن الكريم؛ إذ تمكّن من حفظه كاملاً خلال سنة واحدة فقط، رغم أنه يعمل في اليوم 18 ساعة في إحدى مغاسل السيارات "شمال الرياض". وقد وتم تكريم عبدالسلام من قِبل وزير العدل الدكتور وليد بن محمد الصمعاني رمضان الماضي ضمن حفل "إجلال الرابع" لتكريم 193 خاتماً وخاتمة في مجمع "النورين" بجامع عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بحي الوادي شمال الرياض. وعن حفظه القرآن الكريم قال العامل الغاني ل"سبق" إنه حفظ القرآن الكريم في سنة واحدة؛ إذ كان يستغل وقت الراحة من العمل بين الظهر والعصر لحفظ صفحتين من القرآن الكريم. مشيراً إلى أن الحفظ كان يستغرق معه ساعة من الزمن، وأن عمله في المغسلة يبدأ الساعة الثامنة صباحاً إلى ال12 ليلاً، باستثناء وقت الراحة بين الظهر والعصر، التي استغلها في الحفظ.
وعن طريقة المراجعة بعد الحفظ قال: "أقوم يومياً بمراجعة خمسة أجزاء من القرآن الكريم أثناء عملي؛ إذ أستفيد من تطبيق المصحف الشريف بالهاتف الجوال. فعند قيامي بغسل السيارة أسمّع لنفسي الحفظ، ثم بعد انتهائي من غسلها وأثناء استراحتي أقوم بالمراجعة من الجوال".
وذكر الحافظ الغاني عبدالسلام أن سبب حفظه القرآن الكريم هو حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي سمعه بلغته عندما كان في بلده: "لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامة حتَّى يُسألَ عن أربعٍ: عَن عُمُرِه فيما أفناهُ، وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ، وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ، وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ".
وأشار كذلك إلى دافع استغلال نعمة الصحة والشباب في حفظ القرآن الكريم، وأوضح أنه قَدِم إلى السعودية منذ سنة فقط، لكن لغته العربية تحسنت كثيراً بعد حفظ القرآن الكريم، مؤكداً أنه لا يجد صعوبة في الحفظ والمراجعة مصداقاً لقوله تعالي: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ للذِّكِرِ فَهَل مِنْ مُدكر}.
وأضاف الحافظ "عبدالسلام": بعد الحفظ انخرطتُ في دورة قرآنية مكثفة لمدة 21 يوماً في شهر رمضان الماضي، وراجعت الحفظ على يد الشيخ عبدالرزاق أحمد بمجمع النورين شمال الرياض، وكنت حينها أراجع عليه 26 صفحة يومياً من بعد صلاة الفجر.
ووصف مشاعره في حفل التكريم بحضور وزير العدل بأنها مشاعر سعادة كبيرة، ولاسيما أنه كان بحضور كوكبة من فضيلة المشايخ والدعاة، واصفاً ذلك بأنه "خير كبير".
وأكد عامل المغسلة "عبدالسلام" أنه وجد تأثيراً وبركة كبيرة على حياته بعد حفظ القرآن الكريم؛ إذ أصبح يؤم المصلين بالمسجد. ووصف "عبدالسلام" شعور والده عندما علم بإتمامه حفظ القرآن الكريم بسعادة غامرة؛ إذ اتصل عليه مهنئاً ومباركاً. كما لقي محبة وقبولاً بين الناس الذين يسارعون بإهدائه وتكريمه.
وعن ظروف حياته وعمله قال "عبدالسلام" إنه يعمل خلال 18 ساعة في اليوم، ويتقاضى 1500 ريال شهرياً، مشيراً إلى أنه لا يشعر بالتعب - ولله الحمد - ببركة حفظ القرآن الكريم، رغم أنه ينام في حدود ست ساعات يومياً فقط. لافتاً إلى أن موعد نومه يومياً يحين عند الساعة الواحدة والنصف، لكنه يقوم باستغلال الوقت من ال12 إلى الواحدة والنصف في المراجعة.
وقال: "مما يخفف عني التعب وإجهاد العمل - ولله الحمد - إلمامي بتفسير الآيات، ومعرفة معانيها عندما أقوم بتلاوتها أثناء عملي الطويل". مستدلاً بمشاعر الطمأنينة والراحة والسكينة التي تغمره بقوله تعالى {الَّذِينَ آمنوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ. أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
ووجَّه الحافظ "عبدالسلام" نصحه لكل المسلمين بأن "الوظيفة والعمل مهما كانا فإنهما مع الإخلاص والصدق مع الله لن يحولا بينك وبين ربك وبين قراءة القرآن والعبادة". وأردف بأن الله – عز وجل - يوم القيامة لن يسألك أولاً عن وظيفتك، وإنما عن صلاتك وعبادتك.. موصياً نفسه وجميع إخوانه المسلمين بأن يتعاهدوا القرآن الكريم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ؛ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدَّ تَفَلُّتًا مِنْ أَحَدِكُمْ مِنْ الإِبِلِ مِنْ عُقلِهَا"، ومستشهدا في هذا الصدد بأحاديث فضائل حفظ القرآن الكريم، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامة، ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهَذَا".
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِلَّهِ أهلينَ مِنْ النَّاسِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: "هُمْ أهل الْقُرْآنِ، أهل اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلَّم القرآن وعلمه". لافتاً إلى أن تلاوة القرآن وحفظه عبادة؛ يؤجر ويثاب عليها الإنسان. مشدداً في وصيته لجميع إخوانه المسلمين بأنه لا أحب ولا أكرم من حفظ القرآن الكريم، مؤكداً أن كتاب الله وسُنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - هما المنجاة من الفتن والعذاب.
يُشار إلى أن برنامج "بك أصبحنا" على إذاعة القرآن الكريم يستضيف اليوم الحافظ الغاني؛ لسرد تجربته مع حفظ القرآن الكريم.