ناقش المؤتمر العالمي ل"تدبر القرآن الكريم أعلام ومناهج"، الذي تنظمه الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم في الدار البيضاء بالمغرب، منهج تدبر القرآن الكريم عند الشيخ ابن عثيمين، من خلال بحث أعده الدكتور عبد الله بن عبد العزيز العواجي، عضو هيئة التدريس في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة المجمعة، تناول فيه تعريف شخصية الشيخ العثيمين، من خلال حياته الشخصية والعلمية، وأبرز صفاته، ومنهجه في التفسير، وسعة التدبر عنده، وفروع منهجية التدبر عنده. وقال "العواجي" إن منهج الشيخ العثيمين تميز بالعناية بالقرآن الكريم، من خلال تفسيره واستخراج الفوائد منه، وكثرة عطاء الشيخ التفسيري والتدبري، وكان منهج الشيخ تعظيم الدليل والحرص على الاستشهاد به، والوقوف بالدليل عند حدوده، وقد حصل الشيخ العثيمين على ملكة تفسيرية تدبرية، منها: جمعه بين الفهم والحفظ، وذكاؤه ودقة ملاحظاته واستنباطاته وصفاء ذهنه وعلمه بأدلة الشريعة.
كما ناقش "الإعجاز العددي وتدبر القرآن الكريم" من خلال بحث أعده الدكتور إبراهيم بن صالح الحميضي، الأستاذ بقسم القرآن الكريم وعلومه بجامعة القصيم، والذي تناول فيه نشأة ما يسمى ب "الإعجاز العددي في القرآن الكريم"، و "أقوال أهل العلم في الإعجاز العددي"، و "مناهج الباحثين في قضية الإعجاز العددي في القرآن الكريم"، واختتم بحثه بالتطرق إلى "الإعجاز العددي وتدبر القرآن الكريم"، و "أثر الانشغال باللطائف العددية على التدبر".
وأكد الدكتور الحميضي أن ما يسمى ب "الإعجاز العددي" مصطلح حادث لم يعرف إلا في هذا العصر ، وهو تخرصات مبنية على التكلف والتعسف الذي ينزه عنه القرآن الكريم، وطالب "الحميضي" بصرف النظر عن هذا الوجه الإعجازي الحادث والاشتغال بألوان الإعجاز الأخرى التي هي أظهر وضوحا، وأسلم منهجا، وأكثر نفعا، وطالب "الحميضي" من يبحث في تدبر كتاب الله بأن يلتزم بضوابط التدبر، ويتجنب الخوض فيما لا يعلم، والتكلف في استنباط معاني ولطائف مخالفة لظاهر السياق ودلالة اللغة وفهم السلف، وأن يعرض ما يتم التوصل إليه من معان واستنباطات على أهل العلم المتخصصين لمراجعتها وتحكيمها قبل نشرها.
وقال الدكتور إبراهيم الحميضي، إن علم إعجاز القرآن الكريم من العلوم المهمة الشريفة لتعلقه بكتاب الله تعالى وعظمته، وكونه مظهرا لعظمة القرآن الكريم، وأضاف أن العلماء اختلفوا في تحديد وجوه إعجاز القرآن، وأضاف أنهم يوردون أرقاما عددية عن إعجاز القرآن الكريم فيه ا"تكلف وتعسف في إثبات هذا الإعجاز المزعوم" وتابع أن كتب ومؤلفات هؤلاء فيها "اضطراب في مناهجها، وانتقاء الأمثلة، وتكلف في إيجاد الروابط بين أعدادها، ومحاولة الوصول للنتائج المفترضة بطرق لا تمت للمنهج العلمي بصلة بل إنها تسيء للقرآن الكريم المنزه عن التحريف والتبديل"، وحذر الباحث من كتب عبد الرزاق نوفل ورشاد خليفة وغيرهما ممن انشغلوا بالإعجاز العددي، وابتداع ما يسمى ب "نظرية ال19"، واستخدام الحاسوب في العد، واعتبار الرقم (19) من الأرقام المقدسة في القرآن الكريم، وقال "الحميضي" إن حسابات "رشاد خليفة" غير دقيقة، بل إنه "غير صادق، فقد كان يحرف ويعبث لتوافق الأرقام هواه في تقديس الرقم 19"، وقد ظهرت دراسات أخرى حول إعجاز الرقم 19 نهجت نهجا آخر ولم ينطلق أصحابها من أرقام فاسدة، كما فعل رشاد خليفة، لكنها من حيث التأصيل والمنهج ضعيفة ومضطربة.