تواصلت، مساء أمس الأربعاء، جلسات الندوة المصاحبة للاجتماع الحادي والعشرين للجنة رؤساء ومديري الجامعات ومؤسسات التعليم العالي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي تستضيفه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؛ حيث بحث أكادميون عبر جلستين، مستقبل النشر العلمي باللغة العربية في دول الخليج. جاءت الجلسة الأولى تحت عنوان: "معايير النشر في المجلات العلمية المحكمة باللغة العربية في دول مجلس التعاون، وتأثير تلك المجلات في تخصصاتها في العالم"، وترأسها وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية، ورئيس تحرير مجلة العلوم الشرعية الدكتور إبراهيم بن محمد قاسم الميمن، وتم خلالها طرح عدد من أوراق العمل.
وتطرقت الجلسة الثانية إلى المبادرات العلمية والتقنية لتطوير النشر العلمي باللغة العربية في دول مجلس التعاون والأدوار المنتظرة من الجامعات والمؤسسات العلمية والبحثية؛ للارتقاء بأوعية النشر العربية المحكمة؛ حيث رأس الجلسة وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للتخطيط والتطوير والجودة، ورئيس تحرير مجلة العلوم التطبيقية الدكتور خالد بن عبدالغفار آل عبدالرحمن.
تناولت أوراق العمل في الندوتين عدداً من المحاور؛ حيث تعرض رئيس مجلس إدارة ورئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية الدكتور عبدالله بن يوسف الغنيم إلى "التحكيم وسبل الارتقاء بالمجلات العلمية"، وخلصت ورقته إلى أن مسألة الارتقاء بالمجلات العلمية تقتضي النظر في النشاط العلمي بشكل عام داخل الجامعات وخارجها واتخاذ ما يسهم في ارتقائها، وتهيئة الأجواء للبحث العلمي السليم عن طريق عقد الندوات والمناظرات، وتشجيع الروح النقدية بين الباحثين، مع إصلاح بيئة العمل في المجلات وتفعيل أدوار هيئات التحرير والمستشارين، كما أوصت الورقة بضرورة توفير الاستقرار الوظيفي والتدريب المتواصل على أعمال التحرير، واختيار مجموعة من المحكمين الذين أثبتت التجربة دقتهم في الفحص، مع ضرورة الإفادة من تجارب المؤسسات العالمية المعنية بالتحكيم، خاصة في الدول المتقدمة في تلك المجالات.
وتطرق مستشار وكالة جامعة الملك سعود للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور سالم بن صالح الرجيعي في ورقته إلى موضوع "تهيئة المجلات والدوريات العربية لإدراجها في أوعية النشر الدولية: تجربة جامعة الملك سعود"؛ حيث أشار إلى أن مؤشرات النشر الدولي للبحوث والأوراق العلمية في مجملها تشير إلى ضعف الإسهام العربي في رصيد المعرفة البشرية، واستعرض جهود جامعة الملك سعود في سبيل تضمين دورياتها لمجلات شبكة (ISI) والخطوات المبذولة مثل تشكيل فرق عمل لتهيئة المجلات الصادرة باللغة العربية وتشكيل مجلس نشر علمي، وتصميم الدوريات بالأسلوب المتوافق مع المعايير القياسية الدولية لتحرير الدوريات العلمية ونشرها، وغيرها من الخطوات والآليات التنفيذية في سبيل تحقيق أهداف مبادرة الجامعة لتطوير المجلات الصادرة باللغة العربية.
وقدّم الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ورئيس تحرير مجلة اللسانيات العربية التابعة لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية الدكتور عبدالعزيز بن إبراهيم العصيلي ورقة بعنوان "معايير النشر العلمي العربي بين النظرية والتطبيق: دراسة مقارنة" أشار إلى أن كثير من المجلات الأكاديمية العربية لا تتقيد بالمعايير التي تضعها كشروط للنشر في صفحاتها وفقاً لمعايير النشر العالمي ومواصفاته، مما يقلل قيمة تلك المجلات وتقصر عن التأثير.
فيما تناول الأستاذ بجامعة الملك سعود ورئيس تحرير مجلة الدراسات الاسلامية الدكتور علي بن عبدالله الصياح في ورقته "المجلات العلمية المحكمة الشرعية - رؤية تطويرية" خلص فيها إلى ضرورة إنشاء بوابة Portal للمجلات الصادرة في العلوم الشرعية باللغة العربية في جميع أنحاء العالم العربي، وإنشاء دار نشر عربية متخصصة في إصدار المجلات العلمية على غرار دور النشر العالمية، كما طالب بإعادة النظر في فكرة ارتباط المجلات بالجامعات والنظر في ربطها بالجمعيات والمراكز المتخصصة أو مجالس نشر علمية مستقرة، مع ضرورة استثمار التطورات التقنية في عملية التحكيم والنشر الإلكتروني.
وعرض الأستاذ المشارك بكلية العلوم التطبيقية بالرستاق بسلطنة عمان الدكتور أحمد بن حميد البادي، بعنوان "تقييم البحوث العلمية المنشورة باللغة العربية في المجلات العلمية المحكمة في دول مجلس التعاون الخليجي في ضوء معايير البحث العلمي - دراسة تحليلية"، أوصى فيها الباحث بضرورة اهتمام مؤسسات التعليم العالي والجامعات بمختلف التخصصات من خلال وجود منظومة واضحة للنشر العلمي المحكم باللغة العربية، وفق معايير البحث العلمي وزيادة الدعم المقدم للدوريات العلمية المحكمة باللغة العربية.
أما المشرف على هيئة تحرير مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالجامعة سابقاً الأستاذ بجامعة قطر الدكتور عبدالحكيم بن يوسف الخليفي، فتناولت الورقة التي قدمها موضوع "النشر العلمي المحكم لأبحاث الدراسات الإسلامية في دول الخليج العربي - مشاكل وحلول"؛ حيث استعرض أهم المشاكل، وأسباب الضعف العلمي، وقدم مقترحات يمكن الأخذ بها من قبل الجامعات الخليجية نحو معالجة أسباب هذه القصور العلمي للأبحاث المحكمة في الدراسات الإسلامية.
وتناول عميد البحث العلمي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور ناصر بن محمد العقيلي ورقة بعنوان "تجربة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في تقييم وتصنيف المجلات العربية كنواة لعمل تصنيف مؤسسي"، حيث أشار إلى أن هناك مجموعة من المؤسسات المعنية بالنشر قامت بوضع معايير ومقاييس يمكن من خلالها تقييم وتصنيف المجلات العلمية، لكن لا توجد جهود مماثلة في جانب البحوث المنشورة باللغة العربية، وهو ما قد يؤثر على تعزيز مكانة النشر العلمي المحكم والرصين باللغة العربية.
وتطرق لجهود جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في العمل على وضع بعض المعايير للمجلات التي تنشر باللغة العربية، حيث سلط الضوء في ورقته على هذه التجربة التي كانت نواة لتصنيف محكم للمجلات التي تنشر باللغة العربية.
واستعرض عميد الدراسات العليا بجامعة السلطان قابوس ورئيس تحرير مجلة الدراسات التربوية والنفسية بالجامعة الدكتور عبدالله بن خميس أمبوسعيدي في ورقته "الانتقال من الكم إلى الكيف: تجربة مجلة الدراسات التربوية والنفسية بجامعة السلطان قابوس، نحو الجودة في النشر العربي" إلى الجهود التي يقوم بها القائمون على المجلة؛ من أجل الانتقال بالمجلة من التركيز على الكم إلى التركيز على الكيف من بداية استلام البحوث وحتى طباعتها في مجلدات، كما استعرضت الورقة الصعوبات والتحديات التي تواجه تجويد عملية النشر في المجلة والرؤى والتوجهات المستقبلية لتطوير عملية النشر فيها.
وتناول أستاذ التربية والتعليم المستمر المشارك بجامعة المجمعة الدكتور فيصل بن فرج المطير، موضوع "آليات تحسين النشر العلمي باللغة العربية في جامعات دول مجلس التعاون الخليجي"؛ حيث تطرق إلى آليات تدعيم النشر باللغة العربية في دول المجلس، وواقع النشر، وأبرز أنواع النشر، وقدم عدداً من التوصيات التي من شأنها تطوير حركة النشر والعمل على رفع مستوى التميز والحراك العلمي للإنتاج الفكري والثقافي.
واختتمت الندوة بورقة قدمها أستاذ الأدب والنقد المشارك في قسم اللغة العربية بجامعة الملك خالد الدكتور عبدالرحمن بن حسن المحسني بعنوان: "لوائح النشر العلمي لبحوث اللغة العربية وقيود التفاعل المجتمعي"؛ حيث عرض اشكالية النشر العلمي المحكم باللغة العربية من خلال زاويتين، الأولى خلل في البحث العلمي ذاته، والثانية لوائح النشر العلمي التي لا تشجع على الابتكار العلمي وخدمة المجتمع، وتساوي في منح الدرجة أو الترقية بين باحث مبتكر وآخر نمطي يكدس الافكار ويستعيدها في أبحاثه.
وقدّم الأستاذ بجامعة البحرين الدكتور خليل بن يوسف الخليلي، ورقة بعنوان "المجلات العلمية العربية ومعايير التصنيف في قواعد البيانات العالمية" أشار فيها إلى غياب غالبية المجلات العلمية الصادرة عن الجامعات والمؤسسات العلمية والمركز البحثية الخليجية عن الحضور في قواعد التصنيف العالمية المشهورة وخاصة (ISI)، واستعرض في الورقة المقدمة المعايير المعتمدة في تلك المؤسسة ودرجة توفر هذه المعايير في المجلات العربية.
كما تطرق إلى مستوى البحوث والأخطاء فيما تنشره المجلات العلمية الصادرة من الجامعات والمؤسسات العلمية الخليجية بما يؤثر على جودة المنشورات العلمية، وذكر الأسباب المؤدية إلى ارتكاب التجاوزات لأعراف البحث العلمي، متناولاً الحلول الكفيلة بمعالجتها.
وعرض الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور عبدالله بن حسين الخليفة ورقة "أثر المجلات العلمية المحكمة في دول المجلس في تخصصاتها في العالم"، حيث أشار إلى أنه اعتمد في ورقته على المسح الشامل لكل الدوريات العربية المحكمة على مستوى دول المجلس، وخلص إلى أن هناك اختلافاً وتبايناً في الأثر العلمي للدوريات الخليجية التي أجريت عليها الدراسة على مستوى الدورية أو الدول المنتمية لها.
كما قدّم رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز النجار الحمادي ورقة بعنوان "الآثار العلمية والتنموية للنشر العلمي المحكم باللغة العربية"، وأكد في ورقته أنه لكي يكون للبحث أثر على المجتمع لا بد من أن ينشر ويصل إليه كل من يمكن أن يستفيد منه في المجتمع، كما تناولت الورقة التأثير الاقتصادي والاجتماعي للنشر العلمي باللغة العربية على دول المجلس، والأدوار المنتظرة من الجامعات والمؤسسات العلمية والبحثية للارتقاء بالمجلات العلمية العربية؛ لمواكبة نظيراتها المنشورة باللغات الأخرى، وكيف يمكن تشجيع الباحثين للنشر العلمي باللغة العربية، والمحاولات العربية لتطوير النشر العلمي باللغة العربية.
وتناول وكيل جامعة حائل للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور عبدالله بن محمد الدوسري ورقة بعنوان "واقع النشر العلمي باللغة العربية"، وذكر أن المكتسبات العلمية لن تكون ذات جدوى أو مردود إيجابي على المجتمع أو مشاركة في دفع عجلة تقدم الأمم إذا بقيت حبيسة جدران المعامل أو أدراج المكاتب، وأشار إلى أن دورها يكون ذا قيمة عالية وفعالاً في الرفع من شأن الأمم إذا دخلت دائرة التطبيق وتم نشرها وتداولها بين أصحاب الشأن.
وفي نهاية الندوة فُتح المجال للتعليق على الأوراق المقدمة، كما أجاب المتحدثون عن الأسئلة الموجهة لهم.