تتجول أعمدة الرأي بين سحر الكلمات، سواء ما تكشفه من مآس، أو تلقيه من حكمة، فتقدم كاتبة رسالة مؤلمة من الطفل أحمد الغامدي إلى أمه، لم تصلها في الوقت المناسب، ولم يتم إنقاذه، لتنتهي حياته بصورة بشعة على يد زوجة أبيه، فيما يوصي كاتب آخر بقوله: "لا تهد الأثرياء الهدايا الثمينة.. وتعطي الفقراء ملابسك المستعملة". كاتبة تقدم رسالة مؤلمة من الطفل أحمد الغامدي إلى أمه
قدمت الكاتبة الصحفية سوزان المشهدي في صحيفة "الحياة" بقلمها، رسالة مؤلمة تخيلت أن الطفل أحمد الغامدي يرسلها إلى أمه، يحكي فيها عذاباته على يد زوجة أبيه، التي لم تصلها في الوقت المناسب، ولم يتم إنقاذه، لتنتهي حياته بصورة بشعة، محذرة الآباء والأمهات والجهات المسؤولة من تجاهل مثل هذه الرسائل فيما بعد، حتى لا تتكرر الماساة، وفي رسالة أحمد الغامدي إلى أمه، تقول الكاتبة: "كنت لا أعلم كيف أصل إليك لأخبرك ما الذي تفعله هذه السيدة بي وكيف تجردني من ملابسي كلياً لتضربني بخيزرانتها على أعضائي الحساسة، وكيف كانت تضرب رأسي بالجدار، كنت أخاف يا أمي من دورة المياه لأني أعلم يا أمي ما الذي سيحدث لي داخلها، كنت أتبول على ملابسي خوفاً ورعباً منها ومن نظراتها القاسية التي لا يراها أبي، بل ربما لا يريد أن يراها أبي، والتي تنقلب أمامه لتصبح الملاك الطاهر الذي يريد مصلحتي أنا وأختي، مع التأكيد أن الأم هي التي تربي لا التي تلد، لذلك سلمنا لها من دون أن يسأل نفسه مجرد سؤال ما الذي يدور خلف ظهره، لم يتوقف يوماً عند نظرات الحزن التي تسكن داخل عيني، ولم يقلقه يوماً شعور الانكسار الذي يرسم خطوطه على وجهي أنا وأختي. لم أكن أجرؤ على السؤال عنك منذ حرمت حنان صدرك فالسؤال عنك من المحرمات، فعند أبي وزوجته القاتلة التي ظلت تنتظر وفاتي وأنا أفرفر بين يديها لساعات طويلة من دون أن تمد لي يد المساعدة أو تنقذني من آلامي كان اسمك يا أمي محرماً حتى أن يجول في خاطري، لا يجوز أن أفتقدك، وليس من حقي أن أطالب برؤيتك، فهما يعتقدان أنك ما دمت طُلقتِ من أبي فأنتِ لم تعودي أمي، فالأم في رأيهما وفي رأي المجتمع المحيط بنا وبهما وبك تسقط بالإحلال وبالتبديل، هو سلمني لها وتركني بسنوات عمري القليلة أواجه عنفها الكثير الذي يطاولني أنا وأختي دائماً في غيابه، أنا سعيد يا أمي آمل أني غادرت دنياكم القاسية، أرجوكِ أن تنقذي أختي ولا تتركيها له ولا تتنازلي عن دمي من القاتلة مهما ضغط عليك الآخرون، أرجوكِ يا أمي أخرسي كل صوت يقول إنها كانت تؤدبني وإن ما حدث قتل خطأ، طالبي بالقصاص، اجعليها عبرة لكل زوجة أب لا تراعي من يرانا من فوق سبع سماوات، وطالبي أيضاً بعقوبة من حرمني منك ومن حضنك ومن وجهك، ولا تسامحي المجتمع الذي لم يسمع استغاثاتك، فمجتمعنا لا يتحرك إلا بعد وجود الجثث، أما قبله (فلا تصدقي كل ما تحمله الصحف فكم ضحكت من أعماقي عليها وعلى هواتف الحماية وعلى لجان الحماية وعلى قوانين الحماية)، كم طفلاً مثلي ينبغي أن يدفن في عمارة مهجورة حتى نفيق؟ كم من الغصون ينبغي لها أن تظهر حتى نتحرك؟ كم رهف وكم أريج وكم نواف وكم عبدالرحمن هل أكتفي يا أمي يا أملاً لم أره ينير في حياتي ويا حضناً لم يحتويني ويا اسماً كان ذكره محرماً في منزلهما!".
الرطيان: لا تهد الهدايا الثمينة للأثرياء.. وتعطي الفقراء ملابسك المستعملة!
وفي صحيفة "المدينة" يتابع الكاتب الصحفي محمد الرطيان سلسلة "الوصايا" التي يكتبها بكلمات قليلة وجمل وعبارات قصيرة، لكنها شديدة الكثافة، تمتلئ بالمعنى، يقول الكاتب
(114) لا تكن من هؤلاء الذين يهدون الأثرياء الهدايا الثمينة.. ويعطون الفقراء ملابسهم المستعملة! (115) كن وفيا ً لكل الأماكن التي تأكل من خبزها . (116) لكل «باب»: «مفتاحه» المختلف عن بقية المفاتيح. الحمقى هم الذين يكسرون الأبواب.. الأذكياء هم الذين يبحثون عن المفاتيح . «سلسلة المفاتيح»: عقلك! (117) احذر من بعض طباع «المدينة» وصفاتها المتوحشة.. حافظ على «القرية» في داخلك (118) جرّب أن تكتب يومياتك في دفترك الخاص.. سجّل حتى الأشياء التي تظن أنها عادية.. بعد فترة سيصبح هذا الدفتر ذاكرتك، وبعض ما كنت تظن أنه عادي سترى أنه غير عادي. على الأقل: ستدرّب نفسك على فعل «الكتابة». (119) لا تسخر من صاحب عاهة أبداً.. حتى وإن كان لئيماً.