كشف خبير قضائي أن الموضوع الخاص بالقضايا الإعلامية والإلكترونية قد حُسم بعد تعديل نظام المطبوعات والنشر، وذلك من حيث الجهة الرافعة للدعوى العامة، وهي الوزير، والجهة المختصة بالنظر، وهي اللجنة بالوزارة، حسب نصوص النظام واللوائح التنفيذية بهذا الخصوص، ولا يجوز لكائن من كان أن يرفع قضية سوى هيئة التحقيق والادعاء العام. وصرّح الخبير قضائي، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إلى "سبق" بأن من ضمن تلك القضايا قضية مؤسس الشبكة الليبرالية "رائف بدوي"؛ حيث إنها تُعدّ من دعاوى "الاحتساب" للحق العام؛ فلا يجوز لكائن مَنْ كان أن يرفعها سوى النيابة العامة، وهي هيئة التحقيق والادعاء العام. وأضاف الخبير في تصريحه بأن قضية الشبكة الليبرالية كانت مرفوعة في السابق بالمحكمة الجزئية بجدة، من محتسبين, كقضيتي روزانا اليامي، والمجاهر بالمعصية مرفوعتان من قِبل مُحتسبين لدى المحكمة الجزئية بجدة دون سواها ؛ فالقضية ابتداءً لا تُقبل، وكان يجب ألا يُقبل رفعها في السابق ابتداءً إلا من هيئة التحقيق والادعاء العام، ولو تم تقديمها من قِبل المحكمة فيجب على المحكمة عدم قبولها ابتداءً؛ لعدم الصفة للمدعي، وكذلك يجب على هيئة التحقيق والادعاء العام عدم قبول ما يُحال إليها من قِبل المحكمة في الحقوق العامة لقضايا الاحتساب؛ لأن عليها ألا تتلقى تعليماتها من المحكمة، وإنما من مرجعيتها وحسب أنظمتها، كما أن استجابتها لتقديم تلك الدعاوى العامة والرضوخ لمطالب المفتئتين على اختصاص السلطات العامة مخالفٌ لقرار مجلس الوزراء بوجوب رفع هذه القضايا للمقام السامي قبل رفعها للمحكمة، وكل هذه المخالفات القانونية كانت تقع للأسف. وتابع :"أما اليوم فتعديل نظام المطبوعات والنشر قد حسم الموضوع بشأن القضايا الإعلامية والإلكترونية، وذلك من حيث الجهة الرافعة للدعوى العامة، وهي الوزير، والجهة المختصة للنظر، وهي اللجنة بالوزارة، حسب نصوص النظام واللوائح التنفيذية بهذا الخصوص". وتحدّث بأنه صدر في ذلك "ضوابط رفع دعاوى الحسبة من المواطنين على المنكرات" من مجلس الوزراء برقم خ/ 133/ م وتاريخ 6/ 1/ 1427ه، المتضمن أن تُرفع دعاوى الحسبة من المواطنين إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لدراستها وليس إلى المحكمة مباشرة، ومن ثم التحقيق فيها وتحقيق الصفة لرافعها، وإذا قررت الهيئة أن الموضوع لا يستحق أن تُرفع بشأنه دعوى الحسبة فعليها حفظ ملف الدعوى وإفهام المدعي بذلك، وإذا قررت الهيئة أن الموضوع يستحق أن تُرفع بشأنه دعوى فعليها الرفع للمقام السامي بمسوغات ذلك؛ لأخذ التوجيه اللازم، وهذا عام في جميع المنكرات، ولا يزال العمل بهذه الضوابط سارياً سوى مخالفات ومنكرات الثقافة والإعلام والإنترنت، فقد خُصِّصت بموجب الأمر الملكي عبر تعديل نظام المطبوعات والنشر؛ فوزير الإعلام هو الذي يقرر رفع الدعوى للحق العام من عدمه، وذلك لدى اللجنة الموجودة لديه، على أي فرد أو موقع أو مؤسسة إعلامية أو إلكترونية، وبهذا ندرك أن المحكمة خالفت النظام بقبول الدعوى مباشرة، ولو رفعتها لاحقاً لهيئة التحقيق والادعاء العام؛ لأن الضوابط نصت على أن الرفع يتم من المواطنين للهيئة، وليس عن طريق المحكمة؛ لأن المحكمة يجب فيها الحياد والتجرد والموضوعية وعدم الوقوف مع جهة ضد أخرى أو فرد أو مجموعة ضد آخرين؛ فالقضاء نزيه ومستقل، ويجب أن يكون بعيداً عن التصارع بين التيارات. وقال الخبير القضائي إن هيئة التحقيق والادعاء العام أخطأت مرتين: الأولى حينما قَبِلت الأوراق من المحكمة؛ حيث كان يجب إعادتها للمحكمة وإفهامها بأن عليها إفهام المدعين من المواطنين برفع دعواهم مباشرة لدى الهيئة. والخطأ الثاني على الهيئة أنها رفعت تلك الدعاوى دون رفعها للمقام السامي؛ لأخذ التوجيه حسب الضوابط المشار إليها آنفاً؛ وبالتالي فجميع ما صدر من كل تلك القضايا باطل؛ لأنه مخالف للأنظمة، ومفتقر إلى الولاية الشكلية والموضوعية اللازمتين، وما رُفِع باطلاً فكل ما نشأ عنه يُعَدٌّ باطلاً. وأكمل الخبير حديثه حول الشبكة الليبرالية السعودية الحُرّة قائلاً: على هذا الأساس، فالشبكة الليبرالية موقع إلكتروني، وهو من اختصاص اللجنة في وزارة الإعلام، وليس من اختصاص المحاكم، وهناك فَرْق بين القضايا الواردة في نظام مكافحة جرائم المعلوماتية الذي جعل الولاية للمحاكم الجزائية والقضايا الأخرى، وذلك مثل قضايا الهيئة في حال قبضوا على رجل ابتز فتاة عبر الإنترنت والاتصالات فتُعتبر جريمة معلوماتية، وتختص بها المحكمة، وليست وزارة الإعلام، أما ما يتعلق بالوسائل الإعلامية والمواقع الإلكترونية فهو من اختصاص وزارة الإعلام، وذلك بموجب نظام المطبوعات والنشر الجديد. وختم الخبير القضائي تصريحه إلى "سبق" حول تعليق القضية لدى المحكمة ما يُقارب أربع سنوات قائلاً: بخصوص التأخير وتعليق القضية لمدة 4 سنوات فلا غريب في هذا الأمر بل الغريب في قبولها بهذا الشكل المخالف للقانون من حيث البداية؛ فقبولها باطل من حيث صفة المتقدم بالدعوى ومن حيث الجهة المختصة بالنظر في القضية. من جانبه طالب مؤسس الشبكة الليبرالية رائف بدوي في تصريحه ل"سبق" وزير العدل بتطبيق النظام, وتحويل قضيته لجهة الاختصاص وهي اللجنة القضائية في وزارة الثقافة والإعلام . وقال بدوي إن وزير العدل صرح أن الأوامر والتعليمات الموجهة للوزارة، قضت بعدم نظر محاكمها في أي من القضايا ذات الطابع الإعلامي أو الثقافي، ويدخل في مشمول الأمر عموم مصادر المادة الثقافية والإعلامية، وكذا المواد الثقافية والإعلامية الإلكترونية، وأن النظر فيها من اختصاص اللجنة المختصة بوزارة الثقافة والإعلام, وأنها نصوص نظامية واضحة صادرة عن ولي الأمر لا تقبل الاجتهاد أو الاحتساب. وعن شبكته الليبرالية قال بدوي إن جميع التُهم الموجهة لها غير دقيقية, وأنها تحترم جميع الأديان, وأن أي موضوع يتم طرحه بالشبكة يُعبر عن رأي كاتبه وليس القائمين على الشبكة, مع شروط تتضمن عدم الإساءة المباشرة للرموز الدينية الرسمية. وأضاف: "القضايا التي تُطالب بمحاكمتي لم يتم البت فيها لأن المحكمة ليست جهة الاختصاص" . وكان وكيل وزارة الإعلام المساعد لشؤون الإعلام الداخلي المكلف رئيس لجنة النظر في نظام مخالفات المطبوعات والنشر عضو لجنة النظر في مخالفات نظام الحقوق أحمد الحوت، قال في تصريح إلى صحيفة البلاد السعودية، أن نظام المطبوعات والنشر جعل مثل هذه القضايا من اختصاص اللجنة القضائية في وزارة الإعلام. مضيفاً بأنها مَنْ تتولى النظر في كل تلك القضايا، وأن لها - إن رأت ضرورتها - إحالتها إلى معالي الوزير. مشيراً إلى الأمر السامي الكريم، القاضي بعدم النظر في أي من القضايا ذات الطابع الإعلامي والثقافي إلا من قِبل وزارة الثقافة والإعلام، "بحكم نطاق اختصاصها الولائي، وأن أي حكم صادر من أي جهة أخرى فإنه يُعَدّ غير نافذ".