سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خادم الحرمين يؤسس لعصر جديد في تاريخ العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة بعد 18 اتفاقية نوعية صناعية.. وفتح المجال للشركات الأجنبية للاستثمار بالسعودية
حرص ملوك المملكة العربية السعودية ورؤساء الولاياتالمتحدةالأمريكية على الالتقاء والاحتفاظ بعلاقات متميزة على مدى العقود الثمانية الماضية؛ ما ساعد على نمو العلاقة القوية بين الدولتين الصديقتين، التي أرسى قواعدها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت. وهي علاقة تدخل في عقدها الثامن، وتبشر بالاستمرار لفترة طويلة في المستقبل. وتعود العلاقة التاريخية بين السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية إلى عام 1352ه (1933م)، حين أزجى الملك المؤسس حقوق الامتياز للتنقيب عن النفط لشركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا، باتفاقية مهدت الطريق لاكتشاف البترول في بئر الخير (بئر الدمام رقم 7) بكميات تجارية، فكانت المنفعة المتبادلة في تقدم السعودية من جهة، وتأمين الاحتياجات المستقبلية من الطاقة في الولاياتالمتحدة من جهة أخرى. وانطلقت أرامكو فيما بعد لتصبح أكبر منتج للبترول في العالم، وهو إنجاز عمل المهنيون من أبناء البلدين جنبًا إلى جنب لتحقيقه؛ ليؤكد بُعدَ نظر وحصافة الملك المؤسس، وحرصه - رحمه الله - على تقدم ورفاهية شعبه.
وتأتي العلاقة البترولية بين السعودية والولاياتالمتحدة بوصفها اعتمادًا متبادلًا مبنيًا على المصالح المشتركة التي تحقق الخير والفائدة للطرفين؛ إذ تسهم السعودية بوصفها شريكًا تجاريًّا رئيسًا في النمو والرخاء الأمريكي من خلال إمداداتها الموثوقة من الطاقة، فيما تُسهم الولاياتالمتحدة عبر مؤسساتها التعليمية والاقتصادية والتقنية في دعم البنية التحتية، وتطوير وازدهار الحركة الصناعية، وتهيئة وسائل الحياة المعاصرة التي تشهدها السعودية.
ولأن خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله ورعاه -، يقود السعودية اليوم نحو مستقبل واعد ومشرق، ويسعى -أيده الله- لتحقيق تحوُّلٍ اقتصادي مهم من خلال تركيز الدعم للقطاعات الاقتصادية القادرة على إعطاء قيمة اقتصادية مضافة؛ حتى تتهيأ لتكون رافدًا اقتصاديًا ومساندًا للدخل الوطني المعتمد أساسًا على النفط، وتنويع مصادر الدخل بما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز الشراكة وفتح باب المشاركة للاستثمار المباشر في السعودية، فقد أعطت زيارته مؤخرًا للولايات المتحدة زخمًا قويًا ودفعة كبيرة للفعاليات التي تزامنت مع الزيارة؛ لتعزز أواصر الصداقة والود بين الشعبين.
لقد أعطى تشريف خادم الحرمين الشريفين لمنتدى الاستثمار السعودي الأمريكي، الذي أقامه مجلس الأعمال السعودي الأمريكي ومجلس الغرف السعودية والهيئة العامة للاستثمار، مجموعة من الرسائل القوية لمجتمع الأعمال الأمريكي. أولى هذه الرسائل عزم السعودية على منح فرص استثمارية كبيرة للشركات الأمريكية، وتسهيل أعمالها، وتعزيز الشراكة بين البلدين في مجالات الأعمال المختلفة، من خلال هذا الحدث الاقتصادي الكبير. كذلك أكدت كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود خلال الحفل عمق العلاقات بين البلدين وتطورها على مدار 70 سنة؛ إذ قال - رعاه الله -: "تأتي زيارتنا اليوم لبحث وتطوير العلاقات بين البلدين في المجالات كافة، ومناقشة قضايانا. ولقد سرّنا ما لمسناه من توافق في الآراء نحو العمل على نقل علاقتنا الاستراتيجية إلى مستويات أرحب".
وأكد - أيده الله - حرص السعودية على وضع إطار شامل لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتوطيدها في مختلف المجالات للعقود القادمة بإذن الله، مع الأخذ في الاعتبار أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي أكبر شريك تجاري للمملكة، والمستثمرين الأمريكيين من أوائل وأكبر المستثمرين فيها.
هذه الكلمات الواضحة القوية جَلّت للمستثمرين ورجال الأعمال الأمريكيين الحاضرين للمنتدى فكرًا جديدًا وعصرًا واعدًا في العلاقات بين البلدين، دشنه الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهو ما أكدته كلماته التي ختم بها خطابه التاريخي للمنتدى؛ إذ قال - أيده الله -: "أصدرنا توجيهاتنا إلى وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للاستثمار لدراسة الأنظمة التجارية والاستثمارية كافة بغرض تسهيل عمل الشركات العالمية، وتقديم الحوافز، بما فيها العمل المباشر في الأسواق السعودية، لمن يرغب منها في الاستثمار في السعودية. وتتضمن عروضها خطط تصنيع أو استثمار ببرامج زمنية محددة، ونقلاً للتقنية والتدريب والتوظيف للمواطنين، بما يحقق المصالح المشتركة للجانبين".
وكان رئيس الجانب السعودي في مجلس الأعمال السعودي الأمريكي الأستاذ عبدالله بن صالح جمعة، ورئيس مجلس إدارة جنرال إلكتريك نيابة عن قطاع الأعمال الأمريكي جف امليت، قد عبّرا في كلمتين لهما عن اعتزاز مجلس الأعمال السعودي الأمريكي لما يجده الجانب الاستثماري من دعم من قيادتي البلدين؛ ما أسهم في نمو وتنوع فرص الاستثمار وتطورها، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين، ونوّها بعراقة التعاون بين السعودية والولاياتالمتحدة في مختلف المجالات، مستعرضَين الجوانب التجارية والصناعية والاستثمارية وسعي الجانبين إلى ازدهارها.
وبمناسبة المنتدى، تفضل خادم الحرمين الشريفين بقبول هدية تذكارية مقدمة من مجلس الأعمال السعودي الأمريكي.
وكان منتدى الأعمال السعودي الأمريكي حديث مجتمع الأعمال بعد نهاية فعالياته، ولا تزال أصداؤه تتناقلها وسائل الإعلام الأمريكية، وينشغل بها المحللون الاقتصاديون وخبراء المال. ولتزامن المنتدى مع زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حظي باهتمام كبير وحضور مكثف، ومشاركة فعالة من جانب رجال الأعمال الأمريكيين؛ إذ أسهمت الزيارة بشكل مباشر في الحضور الكبير، الذي شهده المنتدى على الصعيد الرسمي، من خلال مشاركة نخبة من الوزراء والمسؤولين الحكوميين ورجال أعمال سعوديين وممثلي شركات استثمارية كبرى؛ ما أسهم في أن يحقق المنتدى أهدافه التي أُقيم من أجلها.
وتجاوز تميُّز المنتدى الحضور الحكومي؛ ليشمل تفاعل ممثلي شركات القطاع الخاص السعودي والأمريكي مع أنشطة المنتدى وفعالياته؛ لتكون السمات البارزة للمنتدى في حجم الشراكات التي أُبرمت بين رجال الأعمال السعوديين ونظرائهم الأمريكيين، التي شملت مجالات عدة، وفي قطاعات مهمة وحيوية، مثل الصناعة والسياحة وخدمات الرعاية الصحية والصيدلة والتدريب والتوظيف والإسكان.
وفي بداية المنتدى ألقى عضو مجلس الأعمال السعودي الأمريكي الأستاذ عبدالله بن صالح جمعة كلمة موجزة، شرح خلالها أهمية وفعاليات المنتدى في تطور العلاقات بين البلدين الصديقين، خاصة في المجال الاقتصادي.
ثم ألقى محافظ الهيئة العامة للاستثمار الأستاذ عبداللطيف العثمان كلمة، أكد من خلالها أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي تأتي استكمالًا لمسيرة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. كما نوّه بحجم النمو الكبير في الفرص الاستثمارية المتاحة، ودعم السعودية للمستثمرين. وكشف عما تعرضه السعودية من فرص استثمارية مميزة لأصحاب الأعمال، موضحاً حجم ونوع التسهيلات التي توفرها السعودية للمستثمرين، كما ركز على ضرورة الاستفادة من المرحلة الحالية، والتحول من تجارة العقود إلى الاستثمار الاستراتيجي المستدام.
وبدأت حلقة نقاش بمشاركة وزراء المالية، والتجارة والصناعة، والصحة، ومحافظ الهيئة العامة للاستثمار، بعنوان "تهيئة المناخ الجاذب للاستثمار"، أدارها مدير المركز الاستراتيجي والدراسات الدولية جون هامري.
وسلّط وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف في مداخلته أثناء حلقة النقاش الضوء على سياسة السعودية المالية الثابتة، مستعرضًا اقتصادها ومقوماته المالية، وحجم النمو وجاذبيته للاستثمار، وما وصلت إليه السعودية من قوة؛ لتكون ضمن مجموعة دول العشرين الاقتصادية. كما نوّه بقوة القطاع الخاص، ودوره المهم في مسيرة الاقتصاد في السعودية.
من جانبه، تحدّث وزير الصحة رئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية، المهندس خالد الفالح، عن مزايا الاستثمار في السعودية، وعن مجالي الطاقة والصحة فيها. وعن دور أرامكو السعودية في أسواق النفط العالمية قال الفالح إن الشركة لها باع طويل في التأقلم، مع ضمان استمرار موقعها الريادي والقوي في السوق؛ إذ "استمرت الشركة في تفوقها التاريخي في قطاع التنقيب والإنتاج، وتعمل منذ مدة لترك بصمة أكبر في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق". مضيفاً بأنّ أرامكو السعودية استثمرت بشكل رئيس في التكرير، وتسعى لاقتناص فرص إضافية عبر سلسة القيمة.
وتناول الفالح أساسيّات القطاع النفطي وآليات العرض والطلب في الأسواق العالمية، ودخول منتجات النفط الصخري للأسواق، وعمليات التصحيح في أسعار النفط، وسياسة السعودية الحكيمة في التعامل مع كل تلك التطورات في السوق.
كما تناول وضع الرعاية الصحية بالسعودية، وجهود حكومة خادم الحرمين الشريفين في تطوير القطاع الصحي، ومنها توظيف التقنيات الحديثة للرصد المبكّر والوقاية، وبرامج التعليم والتدريب المتطورة لكادر الوزارة، وكذلك تعزيز المكوّن المحلي للمواد والمستلزمات لضمان توافرها بالنظر لحجم سوق السعودية الكبير في هذا القطاع الحيوي، وما يتيحه من فرص متاحة للاستثمار، وليواكب أحدث التقنيات المستخدمة في المستشفيات العالمية الرائدة.
عقب ذلك، تناول وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة تطور التبادل التجاري بين السعودية والولاياتالمتحدة، وزيادة التعاملات التجارية بين البلدين، وما تشهده من مئات المشاريع المشتركة التي يجري العمل عليها حاليًا، مؤكداً استمرار فرص الاستثمار في النمو، وتفاؤله بتعاون أكبر في المستقبل.
وأشار محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبداللطيف العثمان إلى أن الاستثمار في مجال الابتكارات كان محل اهتمام المستثمرين السعوديين والأمريكيين، عطفًا على ما تتميز به الولاياتالمتحدة من ابتكارات متطورة في مختلف المجالات العلمية والتقنية، مفيدًا بأن المستثمرين ينظرون كذلك للابتكارات السعودية ومجالات توظيفها في مجالات الصناعة المشتركة بين البلدين.
المنتدى آتى بثماره مبكرًا؛ فقبل أن تنتهي جلساته تم توقيع 18 اتفاقية نوعيّة صناعية بين شركات سعودية وأمريكية. وأفاد محافظ الهيئة العامة للاستثمار بأن الاتفاقيات التي تم توقيعها بين عدد من الشركات السعودية والأمريكية شملت جوانب تقنية وصناعية علمية متقدمة، وتُعد خطوة أولى للانطلاق نحو خطوات أوسع في دعم مجالات التصنيع المستدامة بين البلدين.
وشدّد على أن السعودية تتمتع ببيئة استثمارية جاذبة، وتقع في المربع الأول عالميًا، وبين الأول والثاني في منطقة الخليج العربي، من خلال إجراءات هيئة الاستثمار التطويرية التي تراعي مصلحة المستثمر، ومدى انعكاس ذلك إيجابًا على السعودية.
ولفت إلى أن هيئة الاستثمار أجرت تطويرًا في بعض إجراءاتها، منها مجال "المسار السريع"، الذي كان مخصصًا لفئة معينة من الاستثمارات؛ إذ سيُعمم بدءاً من أول يناير المقبل؛ ليصبح على جميع الاستثمارات من خلال ثلاث وثائق، وأقل من خمسة أيام لإنجاز التعامل.
وأضاف بأنه تمَّت إعادة صياغة صلاحيات تأشيرة رواد الأعمال والمستثمرين، بما يخدم أهداف السعودية المتعلقة بتعزيز الاقتصاد الوطني، وتشجيع رواد الأعمال ذات القيمة المضافة لفتح المجال لاستثماراتهم في السعودية.
وإنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله -، دعت وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للاستثمار كبرى الشركات العالمية المصنعة لتقديم عروضها للاستثمار في السعودية، على أن تبين فيها الإسهامات التي ستقدمها من خلال السماح لها ببيع منتجاتها مباشرة في السعودية.
ورحب كلٌّ من وزير التجارة والصناعة، ومحافظ الهيئة العامة للاستثمار، بالتوجيه الملكي الكريم للجهتين بدراسة الأنظمة التجارية والاستثمارية كافة، بغرض تسهيل عمل الشركات العالمية، وتقديم الحوافز لها، بما فيها العمل المباشر في الأسواق السعودية لمن يرغب في الاستثمار في السعودية. وتضمن عروضها خطط تصنيع ببرامج زمنية محددة، ونقل التقنية والتوظيف والتدريب للمواطنين.
وأكدا توجُّه السعودية لفتح المجال للشركات الأجنبية للاستثمار في قطاع تجارة الجملة والتجزئة لمنتجاتها بنسب ملكية تصل إلى 100 %، وذلك وفقًا لشروط وضوابط ستضعها الجهات المعنية في السعودية.
وأضافا: إن السعودية ممثلة في الهيئة العامة للاستثمار ترحب بتلقي عروض الشركات الراغبة في الاستثمار في هذا القطاع، على أن تتضمن عروضها ما يمكن أن تقدمه من خطط تصنيع مستقبلية ببرامج زمنية محددة، ونقل التقنية والتوظيف والتدريب للمواطنين. كما أوضحا أن الهدف من الأمر السامي الكريم الذي صدر بهذا الشأن يتمثل في: استقطاب الشركات العالمية المصنعة مباشرة، وبيع الشركات العالمية لمنتجاتها بطريقة مباشرة للمستهلك، والاستفادة من خدمة مميزة لما بعد البيع، وتعزيز التنافسية، وتشجيع الشركات الأجنبية على تصنيع منتجاتها في السعودية، وأن تكون السعودية مركزًا دوليًا لتوزيع وبيع وإعادة تصدير المنتجات، وما يترتب على ذلك كله من فتح فرص جيدة للشباب السعودي، لتدريب وتنمية قدراته في مراكز تدريب تابعة للشركات المستثمرة.
وشرحت هيئة الاستثمار خلال المنتدى تسهيلات إصدار التراخيص على جميع طلبات الاستثمار بالسعودية دون استثناء؛ ما يعني استفادة جميع شركات الاستثمار من هذه الخطوة المتقدمة من قِبل الهيئة؛ وذلك لتعزيز واستقرار المناخ الاستثماري في السعودية، وتعزيز فرص التوطين؛ لتكون ركنًا مهمًا في تحقيق أهداف الدولة التنموية، وإقرار ضوابط منح مهنة مستثمر لرواد الأعمال وأصحاب الشركات الابتكارية بما يدعم توجهات السعودية في التحول إلى الاقتصاد المعرفي بخاصة، وتنويع القاعدة الإنتاجية من خلال تحفيز الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة التي تهتم بنقل المعرفة وتوطينها في السعودية.