اعتبر كُتّابٌ ومحللون القرارات الملكية السامية، بوضع الخطة والجدول الزمني، لمعالجة مشكلة البطالة، دليلاً على شعور خادم الحرمين الشريفين، بما يمرُّ به خريجو الجامعات وحاملو الدبلومات من أزمةٍ بسبب البطالة، مشيرين إلى أن هذه القرارات تعد ثورةً في الخطط الإدارية وتنظيماً لعملية تدوير العمل، وتقليص البطالة، لم تترك ثغرةً واحدةً في موضوع التوظيف وقصة البطالة، وأضافت ما يناهز 130 ألف وظيفة جديدة في قطاعات الأمن والتعليم والصحة. وقد اعتبرها الكاتب الصحفي سعد الدوسري في صحيفة " الجزيرة" أنها أهم قرارات إصلاحية صدرت في عهد الملك عبد الله، ويفسر الدوسري ذلك بقوله "لأن هذا الأمر ينحاز للمستقبل .. فكم ظللنا نكتب عن خريجي الدبلومات الصحية التائهين في شوارع البحث عن وظيفة صحية في المستشفيات التي تئن بأجانب لا انتماء لهم وبلا كفاءة أو تأهيل يُذكر. وكم بُحت أصواتُنا ونحن نشير إلى المعاناة التي تعانيها خريجاتنا المضطرات للعمل في المدارس الأهلية، برواتب خادمات. وكم سالت دماء أقلامنا ونحن ننادي بالالتفات إلى قوائم انتظار توظيف المعلمين والمعلمات في وزارة التربية والتعليم. وكم حذرنا من ظاهرة سفر أبنائنا وبناتنا الحاصلين على نسب أقل من 85 % إلى الدول المجاورة بحثاً عن مقعد جامعي مدفوع الثمن. وكم رفعنا أوراقنا عالياً، احتجاجاً على عمل الأجانب في محال بيع الملابس النسائية. ولقد كنا نؤكد دوماً، أن عدم الاكتراث بما نكتبه وبما نقوله وبما نشير إليه ونحتج ضده، سيقود البلاد إلى مستقبل غير مأمون". ويضيف الدوسري "من هنا، فإنني أعتبر هذا الأمر الملكي، بمثابة شعور بالأزمات الراهنة وخشية من عواقبها المستقبلية. صحيح أن المشكلات التي أفرزتها هذه الأزمات تفاقمت كثيراً، لكن عزاءنا أن الأمر قد صدر أخيراً". وهو ما يؤكده الكاتب والمحلل يوسف الكويليت في صحيفة "الرياض" حين يقول "مَن يدرك مخاطر البطالة ونتائجها المدمرة، فليرجع إلى المحاولات الفلسفية عندما تبنت الماركسية دولة العمال أو «البروليتاريا» والتي كانت قفزة للمجهول، كأفكار جيدة لتطبيقات مستحيلة، ثم جاء مَن يحاول وقف نفوذ الإقطاع والرأسمالية الشرسة، فكانت الثورات والمذابح إلى أن وضعت الدساتير في أهم بنودها التوزيع العادل للمال، والوظائف، والتساوي في الحقوق والواجبات". وعن تأثير هذه القرارات، يقول الكاتب الصحفي علي سعد الموسى في صحيفة " الوطن" مشيدا بالقرارات "لا أعتقد أن القرارات الملكية السامية منذ جمعة الخير حتى مساء أول من أمس قد تركت ثغرة واحدة في موضوع التوظيف وقصة البطالة. وفي المجمل، فتحت هذه القرارات الملكية ما يناهز 130 ألف وظيفة جديدة في قطاعات الأمن والتعليم والصحة". ويقول الكويليت "الملك عبد الله الذي استهدف بقراراته الشريحة المتوسطة، جاء ليعيد النظر في سياسة التوظيف، فاعتماد خمسة وثلاثين ألف وظيفة للتدريس، وحاملي الدبلومات الصحية، ورفع الحد الأدنى لرواتب المدارس الخاصة إلى «5000» ريال وستمائة بدل نقل وتأنيث مصانع الأدوية وغيرها، ثم تفعيل السعودة بالاتجاه الذي يراعي مصالح كل الأطراف، هي ثورة في الخطط الإدارية وتنظيم لعملية تدوير العمل، وتقليص البطالة، والتي ظلت همّاً عاماً لكل أسرة وفرد". وترصد افتتاحية صحيفة " الاقتصادية " أهمية هذه القرارات، وتقول "حين يتم خفض نسبة القبول في الجامعات السعودية إلى 70 في المائة بدلا من 92 في المائة، فذاك تأكيد على استهداف النوعية، أما زيادة رواتب المعلمين والمعلمات العاملين في المدارس الأهلية بحد أدنى هو خمسة آلاف ريال، فذاك يصب في مسعى الارتقاء بمستوى دخل الفرد، فيما تمثل دراسة وضع المعاهد الصحية ومعالجة أوضاع خريجيها والترتيبات النظامية التي تسمح بتعيين معلمتين على وظيفة واحدة، وكذلك دراسة التقاعد (زائد 5)، هذه كلها تمثل تصحيح الوضع النظامي في بيئة العمل، بينما يعد تطبيق قرار تأنيث محال الملابس النسائية، وتأمين وسعودة وظائف مصانع الأدوية وتوفير 52 ألف وظيفة لوزارة التربية والتعليم للتشكيلات المدرسية ورياض الأطفال توسعاً عملياً في فرص العمل للسعوديين، يؤكده العمل على وضع الإجراءات اللازمة لزيادة تكلفة العمالة الوافدة، ما يعني تعزيزاً للسعودة أيضا". وعن الحلول المقترحة لمشكلة البطالة، يري الكويليت أن هناك مشكلة تنظيمية يجب حلها ويقول "منافذ العمل، على كثرتها، لا تتزامن مع تزايد البطالة، والمشكلة تنظيمية بالدرجة الأولى، أي أن شكوى القطاع من تدني عمل المواطن ذريعة طالت، أي أننا لا نجد في المصانع والورش وحتى مبيعات الأسواق التي لا تحتاج إلى تأهيل الإحلال الحقيقي للسعودة، وهي القضية المتداولة عندما يُقال عن مخرجات التعليم عدم تناسبها مع السوق، بينما لا نفهم على مَن توضع المسؤولية إذا كانت المعاهد والكليات الفنية والاختصاصات المتعددة في الجامعات والمعاهد تدفع بالخريجين الذين لا يجدون فرصهم في اختصاصاتهم". أيضا يصر الكاتب على سعد الموسى على أن حل مشكلة البطالة لن يكون على حساب الكفاءة، التي اعتبرها فيصلا في التوظيف وتحت عنوان "الوظيفة للأجدر: كي لا نقتل المستقبل" يقول "نحن بعد اليوم، لا نريد أن تكون وظيفة الحكومة للخامل الجاهل الكسول .. نحن لا نريد تسليم أولادنا غداً إلى مقاعد المدارس أمام مثل هذه الكوادر، مثلما لا نريد أن نطرح أجسادنا على أسرّة المستشفيات أمامها لمجرد أننا نريد أن نحل مشكلة البطالة. نحن لا نريد أن يكون جهازنا الأمني على أكتاف الذين اكتفوا من التعليم بمحو الأمية .. وبدءاً من اليوم، وبالموازاة مع الوعي الملكي السيادي، يجب أن نضع الآلية التي تضمن مستقبلاً أن الوظيفة للكفاءة، وأن نحاسب الجهاز الحكومي، فقط، إذا أخفق في تأمين الوظيفة لخريج الجامعة الكفء، أو للطالب التقني المتميز".