بإقراره خطة معالجة تزايد أعداد خريجي الجامعات وحاملي الدبلومات الصحية، وضع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الحلول الناجعة للتعامل مع مشكلة البطالة وفق خطة إستراتيجية شاملة تأخذ في الاعتبار مجمل العاطلين، إضافة إلى الأعداد المتوقع دخولها سوق العمل مستقبلاً. برامج متكاملة مرتبطة بإستراتيجية شاملة تهدف للقضاء على البطالة، ووضع خطط مستقبلية لاستيعاب خريجي التعليم العالي، التقني، معاهد التدريب، والثانوية العامة. لا يمكن فصل القرارات الملكية الأخيرة عن حزمة القرارات التي صدرت قبل ثلاثة أشهر تقريباً، والتي شدد فيها خادم الحرمين الشريفين على وجوب إيجاد حلول متكاملة لمشكلة البطالة وبما يضمن توفير الوظائف، واستيعاب خريجي الجامعات من الجنسين، وتقديم معونات مباشرة للعاطلين عن العمل، إضافة إلى مساهمة الدولة في تحمُّل تكاليف التوظيف، وحثّ القطاع الخاص على تحمُّل مسؤولياته في توظيف السعوديين. القرارات الملكية الأخيرة جاءت بحلول مُبتكرة، وشاملة، رُبِطَت فيها مراحل التنفيذ بأوقات محددة، وهو ما كنا في أمسّ الحاجة له، إضافة إلى وضع برامج متنوعة وتحديد الجهات المعنية بتنفيذها، وفق فترة زمنية واضحة، وتقسيم حزمة الحلول إلى حلول عاجلة، وأخرى مستقبلية، وهو ما سيقود، بإذن الله، إلى إنجاح الخطط الحكومية الرامية للقضاء على مُعضلة البطالة. الجهود الحكومية المتميزة لن يكتب لها النجاح المنشود ما لم يتحمل القطاع الخاص مسؤولياته كاملة بتوظيف السعوديين، وهو أمر غاية في الأهمية، ولعل أنظمة وقوانين وزارة العمل الجديدة ذات العلاقة بالقطاع الخاص تُسهم في معالجة الأخطاء السابقة التي تسببت في عرقلة إنجاح خطط السعودة، وخفض نسبة البطالة بين الجنسين. توفير 52 ألف وظيفة تعليمية، واستيعاب 28 ألفاً من حملة الدبلومات الصحية، ووضع حد أدنى لرواتب المدارس الأهلية، إضافة إلى تأنيث محال الملابس النسائية يمكن أن يكون ضمن الحلول العاجلة للبطالة، في الوقت الذي ستسهم فيه التعديلات المقترحة على الأنظمة في إيجاد حلول مستقبلية من خلال خلق مزيد من الوظائف التي ربما يتجاوز عددها 500 ألف وظيفة، منها 120 ألف وظيفة نسوية في قطاع التعليم. التركيز على عمل المرأة كان لافتاً في القرارات الملكية الأخيرة التي ركزت على فتح مجالات أرحب لها. أعتقد أننا قادرون على خلق مجالات صناعية متنوعة لتوظيف النساء، تتجاوز في حجمها مصانع الأدوية التي قد لا توفر الكم المُستهدف من الوظائف النسوية. وضع حد أدنى لرواتب المعلمين والمعلمات في المدارس الأهلية، وتحديده بخمسة آلاف ريال، جاء لينهي معاناة المعلمات على وجه الخصوص اللاتي يعملن وفق عقود (السخرة) بأجور شهرية لا تتجاوز 1200 ريال. تمنيت أن يُضَمَّن قرار الحد الأدنى للرواتب، في المدارس الأهلية، العاملين والعاملات في الحراسات الأمنية المدنية، حيث يبلغ متوسط الرواتب في ذلك القطاع 1500 ريال فقط، أجزم بأن ضم قطاع الحراسات الأمنية المدنية إلى قرار الحد الأدنى للرواتب سيقضي على مشكلات تدني أجور القطاع، وسيساعد في خلق مزيد من الوظائف لطالبي العمل. مواءمة سوق العمل مع مخرجات التعليم بشقيه، العالي، والتقني، سيحول دون ظهور مشاكل مستقبلية في استيعاب الخريجين والخريجات، في الوقت الذي ستساعد فيه الإحصاءات الدقيقة متخذي القرار وواضعي الإستراتيجيات على التخطيط السليم لمستقبل الخريجين والخريجات، وبما يتوافق مع مصلحة الوطن. معالجة مشكلة البطالة، تعني معالجة الكثير من المشكلات الأمنية، الاجتماعية، والأسرية، وتعني أيضاً تحقيق كفاءة الاقتصاد الذي يتمتع بأدوات خارقة تؤهله للقضاء على البطالة في حال التعامل معها بكفاءة، وأحسب أن إستراتيجية التوظيف التي أقرها خادم الحرمين الشريفين، قادرة - بإذن الله - على معالجة أزمة البطالة، وتحقيق التعامل الأمثل مع خريجي الجامعات مستقبلاً، فالتحدي الأكبر يتجاوز مرحلة تخريج جيوش المتعلمين إلى إيجاد الوظائف المناسبة لهم، وهو ما تهدف إليه الإستراتيجية الجديدة.