تعتبر زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للأردن، قبل يومين، من الزيارات الهامة والإستراتيجية على مستوى المنطقة نظرا لما تمر به المنطقة العربية من مخاص صعب لا يمكن التنبؤ بنهايته على المستوى القريب والمتوسط، وهو الأمر الذي تدركه السعودية جيدا بالتأكيد على تعزيز وتوثيق العلاقات مع الحلفاء للتحرك بشكل جماعي ومؤثر لحلحلة ملفات المنطقة المستعصية على الحل ؛ حيث كانت الزيارة بمثابة نسف لمغريات الملالى المتكررة وتحويل مزار جعفر بن أبي طالب إلى حوزة على غرار السيدة زينب في دمشق. الحليف الأمين الأردن.. هو واحد من أبرز الدول الحليفة للسعودية بل يعد الحليف الأمين بامتياز وهو البوابة الشمالية للسعودية، وتكمن أهمية الأردن في أنه الدولة التي ربطت وجودها بوجود السعودية ودول الخليج، فهو مرتبط بهذه الدول ارتباطا مصيريا ووجوديا ولا يتوانى عن اصطفافه مع السعودية والخليج بفعالية وقوة في كل هزات المنطقة التي عصفت به خاصة في مرحلة غزو الكويت من قبل العراق والحرب على الإرهاب ضد تنظيم داعش الذي يعتبر الأردن محاربته أولوية مطلقة نظرا لمحاصرته للأردن من سوريا ومن جهة العراق.
تحدي "الكارثية" وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية التي يعشها الأردن واحتضانه مئات الآلاف من النازحين السوريين بخلاف الأحداث الكارثية التي تحيط بالأردن وتهدد حتى وجوده بسبب حدوده مع دولتين تعيشان انهيارا بكل ما تعنيه الكلمة، حتى إن محللين وخبراء غربيين توقعوا زوال سورياوالعراق من الخريطة وظهور دول مقسمة بحسب العرق والطائفة، إلا أن الأردن كان وما زال له نصيب هام وكبير في التحالف العربي التي تقوده السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن حاسمة كل الأحاديث والجدل في الغرف المغلقة عن وجود فتور في العلاقات بين السعودية والأردن وبأن ما يحدث من تباين في وجهات النظر في بعض الملفات هو أصغر من أن يؤثر على التزام البلدين تجاه مصيرهم المشترك.
إغراءات الملالي ويرى مراقبون أن ما يسمى محور الممانعة الذي تقوده إيران يدرك أهمية الأردن وتأثيره الإستراتيجي على الأحداث في المنطقة محاول إيجاد موطئ قدم لهم مستغلاً الضائقة الاقتصادية التي يمر بها الأردن وبعض الأحاديث التي تحدثت عن وجود فتور أو ربما تباين في بعض وجهات النظر بين السعودية وربما بعض دول الخليج من جهة والأردن من جهة أخرى، فتقدمت إيران بعرض وصفه كثر بالخرافي للأردن عن طريق وسيطها رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي يقضي بمنحه نفطا مجانيا لمدة 30 عاماً مقابل فتحه باب الزيارة الدينية لضريح الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب أحد قادة معركة مؤتة وشقيق علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
"المالكي" والرفض هذا العرض قدمه مباشرة السفير الإيراني في الأردن عبر لقاء تلفزيوني مع إحدى الفضائيات المحلية وقدمه بشكل رسمي نوري المالكي في إحدى زياراته للأردن، لكن الأردن رفض هذا الطلب بدبلوماسية كبيرة حيث صرح مصدر أردني رفيع المستوى عن هذا العرض بالقول إن هذا العرض يرتبط بعدة أمور منها العلاقات الأردنية الخليجية والعربية ومصالح الأردن المستقبلية، وزاد المصدر بالقول: "الموقف نبيل ونشكر إيران على حرصها ورغبتها بالمساعدة في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الأردن لكن تربطنا بدول الخليج العربي علاقة وثيقة وعميقة ".
3 طلبات رسمية ولم تهدأ إيران عن محاولتها إغواء الأردن والضغط عليها في كل المناسبات ومحاولة استغلال كل الظروف التي تعصف بالأردن وهو ما كشفته "سي إن إن العربية" نقلا عن وزير الأوقاف والمقدسات الدينية الأردنية هايل داوود قوله، إن إيران تقدمت بثلاثة طلبات رسمية بفتح باب السياحة الدينية لمزار جعفر بن أبي طالب وبعض المزارات الخاصة لكن جميع هذه الطلبات قوبلت بالرفض بالرغم من المكاسب الهائلة التي سيحصل عليها الأردن فور السماح بهذه الزيارات.
محاولات متكررة وأكد أن الرفض هو رفض مرحلي بسبب الظروف السياسية في المنطقة وبعض المواقف "الإيرانية والشيعية" التي "أسهمت في انتشار الفكر المتطرف" بحسبه، وتحدث الوزير هايل داود في لقاء مع CNN بالعربية، عن الرغبة المتكررة لإيران بإرسال أفواج سياحية بشكل منتظم لزيارة المواقع السياحية الدينية في المملكة وبالأخص منطقة المزار الجنوبي في محافظة الكرك (140 كيلومتراً عن عمّان) التي تضم ضريح الصحابي جعفر بن أبي طالب أحد قادة معركة مؤتة وشقيق الإمام علي، مشيراً إلى مخاوف متعلقة برفض الأردنيين لتلك الزيارات بسبب "المواقف السياسية الإيرانية".
وقال داود إن "ثلاثة طلبات" على الأقل تقدم بها مسؤولون رسميا خلال عام أو أكثر، لتدشين هذه السياحة، إلا أنها قوبلت بالرفض. وكشف عدد من الدبلوماسيين الأردنيين مؤخرا عن مساع متكررة لإيران لطلب فتح السياحة الدينية في المزار الجنوبي، فيما أثارت تصريحات سفير طهران في عمّان في أكتوبر/ تشرين الأول من 2014 مجتبى فردوسي خلال لقاء حضره مع لجنة السياحة النيابية، الجدل، عندما قال إن السياحة الدينية التي تملكها المملكة "هي بترول الأردن".
رفض مرحلي! لكن الوزير الأردني أكد أن رفض بلاده لتلك الطلبات هو رفض مرحلي، ربما سيعاد النظر فيه مستقبلا، مشددا على أن فتح المزار والأماكن السياحية الدينية أمام الإيرانيين والشيعة، لن يصل بأي حال من الأحوال إلى "السماح بممارسة طقوس وشعائر شيعية على غرار الحوزة".
توتر نحو الإيرانيين وقال: "المرحلة الحالية والسنوات الأخيرة وما تشهده المنطقة من توتر وتجاذبات طائفية ومذهبية، والحقيقة بعض المواقف الإيرانية التي مالت نحو الموقف المذهبي أوجدت توترا نحو الإيرانيين ونحو فتح باب المجال للسياحة الدينية الإيرانية، لذلك كان ردنا بأن المرحلة الحالية غير مناسبة لتنشيط هذه السياحة وفتح هذه الأجواء".
أما تصريحات السفير الأردني الأسبق لدى إيران بسام العموش، حول رغبة إيرانية سابقة بتحويل المزار الجنوبي في الكرك إلى "حوزة" على غرار حي السيدة زينب في دمشق، وإنشاء مطار خاص لنقل الزوار إلى هناك، فقد نفى داود أن تكون تلك الرغبة قد ترجمت بطلب رسمي منذ تسلمه وزارة الأوقاف. حقيقة "حوزة"! وأجاب "داود": "لم يتم تقديم أي طلب لتكون هذه المقامات وبالذات المزار ذات ترتيبات خاصة أو حوزة، الطلب فقط كان حول فتح باب السياحة الدينية الإيرانية للأماكن السياحية الدينية الأردنية بما فيها المزار الجنوبي دون أي ترتيب خاص لطقوس أو شعائر، وهذا مرفوض نهائيا بالأصل".
نتائج زيارة ولى ولى العهد لقد قطعت زيارة الأمير محمد بن سلمان للأردن الطريق على طهران بالرغم من الكم الهائل من الإغراءات والضغوط المتواصلة التي يقدمها ما يسمى محور الممانعة للأردن، وأكدت الزيارة أن السعودية والأردن يربطهما مصير مشترك.
وشدد البيان على حرص السعودية والخليج على دعم الأردن والوقوف معه في كل الظروف، حيث كان نص البيان الختامي لهذه الزيارة الهامة جداً على تعزيز التعاون الاقتصادي والاستراتيجي والسياسي بين البلدين، ورفض التدخل الإيراني في شؤون المنطقة والدول العربية والعمل على التصدي لهذه التدخلات.
وركز البيان على علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين، والتطورات الراهنة في المنطقة، والتي كانت وجهات نظر خادم الحرمين الشريفين وأخيه جلالة الملك عبدالله الثاني متطابقة حيالها، وأضاف: "بناءً على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأخيه جلالة الملك عبدالله الثاني فقد تم الاتفاق خلال المباحثات على أهمية تعزيز التعاون الاستراتيجي السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني بين المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية".
الإرهاب والأزمات وأكد البلدان على أهمية العمل المشترك في مكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، حماية لمبادئ الدين الإسلامي الحنيف، ودفاعاً عن أمن المنطقة وشعوبها، وسلامة وأمن المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية هو كل لا يتجزأ؛ حيث جرى بحث تطورات الأوضاع المؤلمة في سوريا وسبل إيجاد حل يضمن الأمن والأمان للشعب السوري وحقوقه، كما تم بحث تطورات الأوضاع في اليمن، وما يقوم به التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية من جهود كبيرة استجابة لمناشدة الحكومة الشرعية للدفاع عن الشعب اليمني الشقيق، وحماية أمنه واستقراره، والدعم الإنساني الذي يقدم لمساعدة الشعب اليمني في تجاوز أزمته.
الدعم الدولي وتم التأكيد على تكثيف الدعم الدولي للأردن في جهوده المتعلقة باستقبال اللاجئين السوريين، وتحمل أعبائهم وما يبذله الأردن من جهود إنسانية في هذا المجال، وقد أكد الجانبان على أهمية وحدة العراق وأمنه وضرورة إشراك كافة مكونات شعبه في العملية السياسية ليكونوا يداً واحدة في الدفاع عن ترابه وبناء مؤسساته والحفاظ على استقلاله.