من أسرة متواضعة تقطن في قرية "المضحاة" بمحافظة قلوة بمنطقة الباحة، عبر الشهيد الجندي أول عثمان عبدالرحمن الشيخي، الذي وافته المنية يوم أول من أمس، مستشهداً على الحد الجنوبي، بعد أن سبقه شقيقه الأصغر في حادث مروري، قدم فيه هو الآخر أصدق الأمثلة في التضحية. وكان شقيقه قد خرج من مقر عمله العسكري لزيارة أهله، وعندما كان في طريقه شاهد حادثاً في الجهة الأخرى من الطريق، فتوقف لعبور الطريق في محاولة منه لإنقاذ المصابين في ذلك الحادث، إلا أن سيارة عابرة دهسته ليلاقي ربه، وكان وقع المصيبة على كامل القرية مؤلماً آنذاك، فيما كان الشهيد "عثمان الشيخي" هو الوحيد الذي يحاول أن يواسي والديه.
ويروي أحد أقارب الشهيد الشيخي تفاصيل حالة أسرته قائلاً: "بعد أن تخطى والداه تلك المحنة وفي محاولة للتناسي لا النسيان، ذهبت أسرته إلى مدينة الباحة للهروب من حر الصيف، لتتوارد عليهم الاتصالات لتخبرهم بضرورة العودة إلى القرية للمشاركة في العشاء المعد للضيوف، وما أن وصلوا حتى صعقوا بالبشرى المؤلمة، وهي أن "عثمان" قد لاقى ربه شهيداً، مقبلاً غير مدبر، إذ كانوا ينتظرون وصوله في اليوم التالي لكي يسافر لرؤية زوجته وتحديد موعد قدوم مولوده الأول في الأيام القليلة القادمة، لكن عوضاً عن بهجة قدومه، دفن شهيداً لم يكمل الرابعة والعشرين من عمره، ولم يتوقع والداه ولم يعتقدوا حينما نقل أول خطواته بعيداً عنهم، أن يختاره الله لجواره لينال مرتبة الشهادة وشرف الشجاعة".
وأضاف قريبه: "كان بشوشاً هكذا يعرفه الجميع الكبير قبل الصغير"، مشيراً إلى أنه لا يزال منزله الذي كان يعده دون إكمال، شاهداً على براءة الحلم والجهل بالمصير، والجميع يتعجب من ترابط أهله، ومن صمتهم أيضاً ومن الطمأنينة التي تسكن ملامحهم، كأنه لم يرحل مع أنه لم يبق.