أبرز إمام وخطيب المسجد النبوي في المدينةالمنورة الشيخ عبدالباري الثبيتي، خلال خطبة الجمعة، فضائل شهر رمضان والعشر الأواخر منه قائلاً: "مَن قصّر في أول رمضان وأحسن في آخره خير ممن أحسن في أوله وقصّر في آخره "؛ مضيفاً: "الحمد الله الذي أودع شهر رمضان مزيد فضل وأجر، ونحمده سبحانه ونشكره أن خَصّنا بهذه العشر". وأضاف: "هذه العشر المباركة التي نزلت، هي نفحات تلامس النفوس الزكية، وذنوب تحيد عن الأجساد الخاضعة الذليلة، ودعوات تصعد، ورحمات تنزل، وجنان تتهيأ للصالحين".
وأوضح: "هذه العشر هي سباق إلى رضوان الله، وتسابق في ميادين الطاعة، وأن العقلاء يعلمون أن الأعمار قصيرة، وأن الآجال غير معلومة، وأن الدخول في مضمار السباق وميدان التنافس يجعل المسلم يتطلع إلى اللحاق بمن يفوقه ورعاً وعبادة ودعوة، قال الله تعالى: {والسابقون السابقون، أولئك المقربون}، وقال عز من قائل: {فاستبقوا الخيرات}".
وأبان: "إن من سَبَق في الدنيا إلى الخيرات هو السابق في الآخرة إلى الجنات، ومن قصر في أول رمضان وأحسن في آخره، خير ممن أحسن في أوله وقصّر في آخره؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بخواتيمها)".
وأفاد "الثبيتي"، أن العشر الأواخر من رمضان هي أفضل من العشرين مجتمعة؛ موضحاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها؛ حيث يعتكف فيها ويتحرى ليلة القدر؛ مستدلاً بقول أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شَدّ مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله).
وأوضح: "كان النبي صلى الله عليه وسلم له شأن آخر في هذه العشر؛ فهو في قيام وقعود وصلاة وسجود وذكر وتسبيح، يفعل هذا وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكان عليه السلام يوقظ أهله؛ في لفتة تربوية تقتضي اهتمام الآباء بشحذّ هِمَم أولادهم وشحن عزائم أسرهم؛ إذ إن تحفيز الأهل على العبادة يتطلب صبراً على التربية وبذل جهد في التوعية".
وشرح "الثبيتي"، معنى شد مئزره بقوله: هي كناية عن الاستعداد للعبادة والاجتهاد فيها زيادة على المعتاد؛ مضيفاً أنه في العشر الأواخر تحلو المناجاة لله بعيداً عن الأنظار والأسماع؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب العبدالتقي الغني الخفي).
وأكد أن سبب قبول الأعمال هو صلاح النيات، وأن النية تقتضي أن يكون العمل خالصاً لوجه الله؛ مورداً لقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: (قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عَمِلَ عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركة).
وتَطَرّق إلى أن الأمة ستحتفل بعد أيام قلائل بنعمة إتمام شهر رمضان وفرحة العيد، الذي يشرع فيه التكبير من غروب شمس ليلة العيد إلى صلاة العيد؛ مُذَكّراً أن المولى العلي القدير قد شرع زكاة الفطر ومقدارها؛ متناولاً عدداً من السنن التي ينبغي على المسلم اتباعها ومن بينها أكل تمرات قبل الغدوّ إلى المصلى؛ حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، واستحباب التهنئة بالعيد؛ لثبوت ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم؛ موصياً بتقوى الله حق تقاته في السر والعلن؛ لأن في ذلك الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.