فتح مواطنون ملف الانتقادات الموجهة إلى نظام "ساهر"، والجدوى منه، بعد نشر إحصاءات تشير إلى أن المملكة الأولى على مستوى دول العالم في عدد الحوادث المرورية، التي تكلف الاقتصاد السعودي 20 مليار ريال خسائر سنوية. وأشار المنتقدون إلى أن "ساهر" بات مخترقًا من بعض الشباب، الذين نجحوا في التحايل عليه، ووقف خطورته بأساليب ابتكروها، مشيرين إلى أن النظام فشل على مدار 54 شهرًا في الحد من الحوادث المرورية داخل مناطق المملكة، أو تقليص أعداد المتوفين أو المصابين، وطالبوا بإيجاد أساليب ووسائل أخرى، تحد من نسبة الحوادث، وتكون أكثر جدوى، وأقل عناءً على المواطنين، فيما أشار مهندس سعودي إلى أن كلفة "ساهر"، كانت تكفي لتعيين عدد كبير من الشباب السعودي، كأفراد أمن في إدارات المرور، يراقبون المخالفات المرورية.
وتؤكد الإحصاءات أنه لا تأثير لبرنامج ساهر في الحد من الحوادث المرورية في المملكة منذ العمل به في نهاية 2010، ففي عام 2011، بلغ عدد ضحايا حوادث الطرق أكثر من 7153 شخصًا، وهو رقم يفوق عدد ضحايا العنف في العراق للعام نفسه، الذي بلغ نحو 4200 شخص، كما أنه أعلى من عدد ضحايا حرب الخليج الذي بلغ 5200 شخص فقط.
وفي عام 2013، أعلنت مصادر رسمية أن معدل وفيات الحوادث بلغ 17 شخصًا يوميًا، بمعدل شخص كل 40 دقيقة، كما بلغ عدد المصابين أكثر من 68 ألفًا سنويًا، وزادت الخسائر المادية على 13 مليار ريال في السنة.
ولم تختلف الإحصاءات من 2013 عنه في هذا العام 2015، الذي أعلن فيه مدير إدارة السلامة المرورية في المديرية العامة للمرور، العميد الدكتور علي الرشيدي أن المملكة تخسر سنويًا 20 مليار ريال نتيجة الحوادث المرورية، مشيرًا إلى أن 90 في المائة من هذه الحوادث سببها قائد المركبة، مضيفًا أن 60 في المائة من الحوادث في الطرق خارج المدينة وسببها السرعة الزائدة وعدم التقيد بالسلامة المرورية.
ونجح مواطنون في اختراق نظام ساهر والتحايل عليه، ما شجعهم على ارتكاب مخالفات مرورية عمدًا، موقنين أنهم في مأمن من فلاشات كاميرات النظام. ويستغل بعضهم خاصية السماح لهم بالاتجاه يمينًا بعد التوقف لثوانٍ معدودة، ولكنهم يستبدلون الاتجاه ناحية اليمين بالسير إلى الأمام أو اليسار، بعد خداع الكاميرات، التي تفشل في رصد مخالفاتهم، ويفضل آخرون طمس لوحات سياراتهم بالكامل، ما يسهل عليهم قطع الإشارات، وبالتالي يكونون في مأمن من ظهور بيانات لوحاتهم في كاميرات النظام.
ضبط الحركة المرورية ويقول ناشط اجتماعي إن نظام "ساهر" ظل طيلة نحو أربعة أعوام ونصف العام عبئًا على كاهل المواطن السعودي. وقال: "لا أبالغ إذا أكدت أن بعض الأسر يحددون مخصصات من رواتبهم شهريًا، لسداد الغرامات التي يسجلها عليهم النظام، والتي بلغت في متوسطها 1500 ريال شهريًا، ما شكل حملاً زائدًا على المواطن.
وقال: "قبل العمل بساهر، توقعت الجهات المعنية، أن يساهم النظام الجديد في ضبط الحركة المرورية في شوارع المملكة، وتقليل نسبة الحوادث المرورية وما ينتح منها من ضحايا، ولكن بعد مرور أكثر من أربعة أعوام، ثبت أن "ساهر" ما هو إلا حمل زائد على كاهل المواطن".
وأضاف "اليوم أستطيع التأكيد أن هناك حالة استياء تام من المواطن على آلية نظام ساهر، الذي تآلف عليه بعض المواطنين، واعتادوا على فلاشاته وغراماته، ليس لسبب سوى أنهم اعتادوا على ارتكاب المخالفات المرورية، وإن كلفهم الأمر دفع الغرامات. وطالب بإيجاد وسائل جديدة لرصد المخالفات المرورية، مشيرًا إلى أن التقنية التي يوفرها "ساهر" أثبتت فشلها، ما يدعونا إلى العودة إلى رجل المرور المرابط عند الإشارات".
تكلفة الأجهزة والتشغيل ويوجه المواطن محمد الحربي انتقادًا إلى فكرة نظام "ساهر"، ويرى أنها رسخت البطالة في المجتمع السعودي. ويقول: الذين أدخلوا "ساهر" إلى شوارع المملكة، أعجبوا بالتقنية الحديثة التي يعمل بها النظام، وفلاشاته التي ظنوا أنها تخطئ، وتناسوا أن تكلفة هذا النظام من شراء أجهزة وتشغيل وتركيب وصيانة، تستطيع أن توظف آلاف الأشخاص، كأفراد أمن، يقفون عند إشارات المرور، ليرصدوا المخالفات الحقيقية، ويستطيعون معرفة السائقين المتهاونين بالأنظمة المرورية، من السائقين الملتزمين بها، وهذه الخاصية لا تضمنها تقنية نظام ساهر التي تم اختراقها، فلا تستطيع التفرقة بين متجاوز الأنظمة "عمدًا"، وبين الملتزم الذي قد يقع ضحية فلاشات النظام "ظلمًا"، مؤكدًا أن إلغاء العمل ب"ساهر" سيكون قرارًا يسعد الجميع إذا تم اتخاذه.