بعيداً عن المشكلات اليومية، يسبح بنا اليوم الكُتاب في تأملات عن الحياة والكون والكائنات من حولنا، فترصد كاتبة وقائع تؤكد سماع أصوات وهمهمات الصخور في الطبيعة، فيما يؤكد كاتب آخر ب "الأدلة والإحصائيات" أن الإنسان يظل شاباً طالما شعر بذلك. كاتبة سعودية تقدم وقائع وأدلة على سماع أصوات وهمهمات للصخور في مقال رائع، ترصد الكاتبة الصحفية د. هيا إبراهيم الجوهر في صحيفة "الاقتصادية" وقائع تؤكد أصوات وهمهمات الصخور في الطبيعة، فتضع الأدلة الدينية إلى جانب الأدلة العلمية على حدوث الظاهرة، متساءلة متى يأتي اليوم الذي نفهم فيه لغة الصخور ونحدثها؟! ففي مقالها "هل سمعتم أنينها؟!" تقول الكاتبة: "نعبر من جنبها أو من فوقها وتحتها, نشاهدها في كل مكان, وتختلف مشاعرنا تجاهها فبعضنا ينبهر بجمال أشكالها وألوانها، وبعضنا الآخر يشده إليها حبه للمعرفة وما قد ترويه له عن عصور مضت من خلال تكوينها أو من خلال ما دُوِّن عليها من رسومات وكتابات وأحافير, والبعض لا يعيرها أي اهتمام ويعتبرها عقبة في طريقه فيحاول التخلص منها, وآخرون استخدموها كسلاح في الحروب غير المتكافئة للدفاع عن النفس. ورغم اختلاف مشاعرنا وردّات أفعالنا تجاهها تقف هذه (الصخور) بثبات وشموخ وصمت ظاهري (كما يبدو لنا)"، وتمضي الكاتبة متساءلة: "هل خطر في بالك أن للصخور أصواتاً وهمهمات (حديث مادي) تسمعها بعض الحيوانات فتجفل وتحس بخطر قادم مثل الزلازل والبراكين؟ وقد تعلو هذه الأصوات مما يتيح للبشر سماعها (النطاق الذي يمكن للبشر سماعه 20 ديسيمل إلى 20 ألف ديسيمل)، كما حدث سنة 1977م في شمال شرق بريطانيا حين سمع الناس همهمات في كل مكان ولم يعرفوا مصدرها فأرسلوا للصحف يشتكون ويستفسرون، وفي التسعينيات الميلادية أرسل سكان مدينة تاوس في ولاية نيو مكسيكو إلى الكونجرس طلباً لحمايتهم ومعرفة أسباب أصوات اجتاحت مدينتهم وأثارت الرعب فيهم، وأكد هذه الظاهرة (بول ديفركس) في كتابه (أصوات العصر الحجري) حيث قال: إن للصخور أصواتاً تختلف شدتها ونوعها على حسب نوع الصخور ومكان وجودها وتتأثر بتغير فصول وأشهر السنة، ولعلكم سمعتم أو شاهدتم ما يحدث في وادي الموت في كاليفورنيا، حيث تتحرك فيه الصخور الضخمة وتسير لمسافات وبسرعات واتجاهات مختلفة من دون أن تتأثر بأي قوى معروفة مثل الرياح أو القوى المغناطيسية، فهي ثقيلة لا يمكن للرياح تحريكها وحتى لو استطاعت لكانت حركتها في اتجاه واحد, أما تأثرها بحقل مغناطيسي لو سلمنا بذلك!! فكيف نفسر وجود حجرين متجاورين يتحرك أحدهما ويبقى الآخر ثابتاً، وبعد دراسات مكثفة استعان فيها (بول ماسينا) بالأقمار الصناعية ودراسة الأحوال الجوية سنة 1996م وخرج بعبارة واحدة (هذه الظاهرة لا تعتمد على أساس منطقي معروف) فسبحان من سير الكون ودبر كل ذرة فيه"، وتعلق الكاتبة بقولها: "إذاً فالصخور ليست جماداً، كما كنا نعتقد، بل هي كائنات حية لها حياة خاصة، كما ورد في كتاب الله وسنة نبيه، صلى الله عليه وسلم، من أنها تتحرك وتخشع, قال تعالى: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله), ولها إرادة, قال تعالى: (فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه) وتحب وتكره, قال صلى الله عليه وسلم عن جبل أحد: (جبل يحبنا ونحبه), كما كان يسمع صلوات الله وسلامه عليه، كلام وتسبيح بعض الصخور والحصى, قال صلى الله عليه وسلم: (إني لأعرف حجراً كان يسلم عليّ بمكة)" ثم تفاجئنا الكاتبة بسؤال تقشعر له الأبدان: "هل سيأتي اليوم الذي نفهم فيه لغة الصخور ونحدثها؟!". الأحمدي ب "الأدلة والإحصائيات": يظل الإنسان شاباً طالما شعر بذلك بالأرقام والإحصائيات والحقائق المثيرة للدهشة، يقدم الكاتب الصحفي فهد عامر الأحمدي في صحيفة "الرياض" تأملاته في فكرة الزمن، منطلقاً من قياسات مدهشة لأعمار الكائنات، مؤكداً أن الكائن قصير العمر يشعر أنه عاش حياة كاملة، وفي المقابل يظل الإنسان شاباً، طالما شعر بذلك، فالزمن هو فكرتنا عنه، وفي مقاله "تظل شاباً طالما شعرتَ بذلك" يقول الكاتب: "الذبابة التي تراها في منزلك تفقس، وتصل لسن البلوغ، وتلتقي بشريك الحياة، وتنجب مئات الأبناء والأحفاد خلال 28 يوماً فقط.. ودورة الحياة هذه قد تكون قصيرة في نظرك ولكنها حسب تصوري تعد بمثابة عمر طويل ومثالي بالنسبة لذبابة المنزل.. وحين نقارن عمر الإنسان بكلاب الصيد نجد أن سنة واحدة من حياة الإنسان تساوي سبع سنوات من حياة الكلب، وبالتالي حين يصل الطفل ببطء لسن العاشرة (ودون أحداث تذكر) يكون الكلب قد بلغ سن السبعين (وقضى حياة مليئة بالنشاط ومطاردة الفرائس)!! وفي الحقيقة رغم أن أعمار المخلوقات تتفاوت بين 3 ساعات، و 300 عام، لا يمكن الجزم بكيفية إحساسها وشعورها الداخلي بالزمن.. فهل تشعر الذبابة مثلاً أنها تعيش عمراً قصيراً ومستعجلاً؟ وهل تدرك السلحفاة العملاقة أنها تعيش 300 عام مملة"، وعن متوسط العمر بين الكائنات، يقول الكاتب: "العلماء من جهتهم حاولوا وضع معادلات تستنتج متوسط العمر الذي تصل إليه جميع الكائنات.. فهناك مثلاً قاعدة تقول: إن الحيوانات التي تخفق قلوبها بشكل أسرع تعيش لوقت أقصر من تلك التي تخفق قلوبها بشكل أبطأ؛ فقلب الفيل مثلاً يخفق 30 مرة في الدقيقة ويعيش لأكثر من 60 عاماً، في حين يخفق قلب حيوان أصغر منه بكثير كالزبابة (وليس الذبابة) 1320 مرة ولا يعيش أكثر من عام واحد"، ويضيف الكاتب: "الحديث عن خفقات القلب وسرعتها يترافق بالضرورة مع الأنفاس وعددها: فمن المعروف أن كل أربع خفقات يقابلها نفَس واحد؛ والقاعدة التي تربط معدل النفس بطول العمر تقول: كلما قل عدد الأنفاس زاد معدل العمر؛ فالفيل مثلاً يتنفس سبع مرات في الدقيقة ويعيش 60 عاماً، في حين يتنفس الزبابة (وهو مخلوق يشبه الفأر) 330 مرة في الدقيقة ويعيش لعام واحد فقط!! والعدل الإلهي هنا يكمن في أن الجميع (صغيراً أم كبيراً، سريعاً أم بطيئاً) يتمتعون بأنفاس وخفقات متساوية؛ فجميع المخلوقات تأخذ (200) مليون نفس تقريباً طوال حياتها ولكن المخلوقات الصغيرة تستنفد مما كتب لها من أنفاس وخفقات خلال سنوات قليلة؛ أما المخلوقات الكبيرة فتستنفد الأنفاس ذاتها وضربات القلب في سنوات أكثر ووقت أطول.. لهذا السبب أتصور أن إدراك الزمن وتوالي الأحداث يتساويان (من حيث الإحساس) بين جميع المخلوقات رغم تفاوت الأعوام بينها.. فجميعها (من الذبابة إلى السلحفاة) تمر بذات المراحل العمرية وتشعر مثل البقية بروعة الولادة، وجمال اللقاء، وتجربة الإنجاب، وسعادة الوجود بين الأحفاد!!"، ويصل الكاتب إلى نتيجة تقول: "تساوي إحساس المخلوقات بالزمن رغم اختلاف أعمارها (واستثناء الإنسان من القواعد العمرية السابقة) يؤكد أن أعمارنا تعتمد في المقام الأول على إحساسنا الداخلي وإدراكنا الذاتي وما نشعر به الآن.. وبكلام أكثر بساطة: تظل شاباً طالما شعرتَ بذلك!".