وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    شمعة مضيئة في تاريخ التعليم السعودي    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    وزارة الصحة توقّع مذكرات تفاهم مع "جلاكسو سميث كلاين" لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المبدع العظيم
بالفصيح
نشر في الرياض يوم 27 - 08 - 2010

هناك أناس يؤمنون بالإتقان والانضباط إيماناً مطلقاً في كل شيء.. فالحياة كل الحياة قائمة على قوانين منضبطة وصارمة ولا تقبل الارتباك والاختلال.. وأن الأشياء بلا نظام هي عبث وفوضى ولا تؤدي إلا إلى عبث وفوضى.. هم يؤمنون بذلك إيماناً مطلقاً لا يقبل النقاش أو الجدل، ويعتبرون مخالفة ذلك سخفاً وقلة عقل..
لكن بعض هؤلاء يتنكر لهذا المبدأ، أو لهذا القانون، ويبدأ يجادل في صحته وبرهنته وإذا دخلت معهم في قضية الإيمان والوجود، والخلق والخالق وموجده، تجدهم ينكصون على أعقابهم ويدخلون في جدل لا يقود إلا إلى التيه، والعبث، والتخبط، والتناقض، عندما تحدثهم عن الله، وأنه هو القوة العظمى التي خلقت، ونظّمت هذا الكون تنظيماً بديعاً، دقيقاً، لا يقبل العبث، ولا يقبل التناقض، ولا الفوضى «صُنع الله الذي اتقن كل شيء»، إذ لا يقبل منطقياً أن يكون وجودنا هذا قائماً على الصدفة، أو على أن يكون أوجد ذاته بذاته، فالكون ينطق كله بأن وراءه مكوّناً، وكل المخلوقات تنطق بأن وراءها خالقاً، ومدبراً، فأنت مثلاً عندما تقف في روضة مختلفة الأزهار والأثمار، ترى الزهرة الحمراء، والصفراء، والزرقاء، والبنفسجية، والبيضاء.. وتجد الثمر الحلو، والمرّ، والحامض.. وتجد الاختلاف في الشكل، والحجم، واللون.. وترى كل هذه الأشياء المبهجة المطعمة تنبت في رقعة واحدة، وتسقى بماء واحد، وتخرج وفق نظام دقيق في منتهى الدقة والاتقان.. وترى فوق ذلك شمساً تضيء فتغمر النبات بالدفء والنمو، وتبخر الماء فيصبح سحاباً، ويتحول السحاب إلى مطر، يسقي الأرض، فتهتز، وتربو، وتنبت من كل زوج بهيج، أو تختزنه فيتحول إلى ينابيع وأنهار، ويمكث في جوفها، يتبخر إذا خرج إلى الوجود، ويعود في دورته مرة أخرى.. وأن هناك الأكسجين، والنيتروجين، وثاني أكسيد الكربون.. وأن فوقنا غلافاً جوياً يحمينا من الأشعة البنفسجية، ومن النيازك الضخمة، والأجرام السماوية، التي لو سقطت على كوكبنا لتحول إلى غبار، وأن كل شيء خلق بقدر، فلو زادت كمية الأكسجين لاشتعلت الأرض، ولو انخفضت لماتت الأشياء.. وأن كوكبنا أشد انضباطاً من الساعة الالكترونية في دورانه اليومي، والشهري، والسنوي، والحولي.. وأن الكواكب، والنجوم، والأقمار من حولنا، لها دوراتها المنضبطة.. وأن فصول السنة لها ميقاتها الذي لا تتقدم فيه، ولا تتأخر.. وأن لها مناخها الخاص بها، ونباتها الخاص بها، وفق دورة زمنية محكمة.. وأن الإنسان نفسه وفي داخله منضبط في تقنيته، وفي حركته، انضباطاً لا يقبل الخلل.. وأي خلل في حركته، ودورته الداخلية، يؤدي إلى هلاكه فوراً.. فلو أن ذرة دم تيبست في شريان في المخ لا يكاد يُرى لتوقفت الحياة، وأن أطباء العالم كله لو اجتمعوا على أن يحيوا خلية ميتة لما استطاعوا، فما بالك بخلقها.. وأن آلية السمع وتحليله لو دخل المرء في تعقيداته لأصيب بالذهول والحيرة، أما مسألة الروح فلا أحد يستطيع أن يتوصل إلى كنهها فهي من أمر الخالق، غير أن الإنسان بلا روح هو عبارة عن Robot لا يتحرك إلا وفق نظام آلي رياضي بحت.
وأن هناك ملايين من المخلوقات على كوكبنا تتحرك ضمن قانون إلهي أوجده داخلها، وأن الأشياء كلها في هذا الكون لا تتشابه مطلقاً، فكل إنسان له شكله، بل كل مخلوق حي له خارطته الخاصة به.. بل إن مليارات الأشجار مع أوراقها، وأعوادها، لا يمكن أن تشبه واحدة منها الأخرى، ومع هذا فهي معلومة عند خالقها «وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين».. وأن في كوكبنا ظواهر، وأسراراً، لا يزال العلم حائراً في فهمها، وعاجزاً عن حل ألغازها.. وأن المرء في داخله لا يزال مليئاً بالأسرار النفسية، وأسرار التفكير والقدرات الذاتية والصفات الروحية.. وأن هناك كثيراً من الهجس والحدس، والرؤى، والتخاطر البشري، لا يمكن أن يدخله العلم في مصنع، ولا يضعه تحت مجهر.. وأن كوكبنا هذا بكل ما فيه من حياة، وأحياء، وجبال، ومحيطات، وثلوج، وعواصف، ورياح، كل ذلك لا يساوي ذرة في ضمير الكون الذي لا يزال العلم كل يوم يكتشف عشرات النجوم، والمجرات الجديدة المبهرة فيه.
كل هذا كما قلت قائم على انضباط وإتقان لا عبث فيه، ولا فوضى.. فإذا سألت أحدهم عن موجد هذا الكون.. راح يحدثك عن الصدفة، وعن بداية المادة، وعن (البغ بانغ Big Bang) أو الانفجار العظيم، وربما أدخلك في فلسفة بشرية ناقصة، فيردد ما قال نيتشه.. أو قال ماركس.. أو قال سارتر.. وينسى أن هؤلاء ما هم إلا بشر مثله.. سمعهم محدود، وبصرهم محدود، وتفكيرهم محدود، وذكاؤهم محدود، وأعمارهم محدودة.. وأن عقولهم محدودة القدرة لأن العقل مخلوق، ولا يمكن لمخلوق أن يجادل في حقيقة خالقه، أو أن يصل إلى كنهه، ويحكم عليه حكماً حازماً ومطلقاً.. ثم إن مرد هؤلاء الفلاسفة والمفكرين أنهم سيذهبون هباء بعد موتهم هم وما يخلقون.
إن من طبيعة الملحد، والجاحد، أو المنكر، أنه لا يحاول أن يسأل نفسه، ولا أن يحاورها، وإذا سئل اشمأزت نفسه، وانحصر صدره، وشعر بالضيق والحرج الممرض «في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً» فانطبع في قلبه تجاهل وصدود المتجبر «كذلك يطبع الله على قلب كل متجبر جبار» لأنه إنما يريد أن يمر بما حوله مروراً عابراً، وربما سلى نفسه وخدعها قائلاً بأن هذا لا يهم.. وربما قال إذا كان هذا الكون مخلوقاً فمن الذي خلق خالقه وموجده..؟ وهنا يتدخل العقل.. إذ لا يُعقل أن يظل الكون سلسلة من الخالق والمخلوق لا تنتهي إلى شيء، بل المنطق يقول إن لكل مخلوق خالقاً ينتهي إليه الخلق، والخالق هو في النهاية المتفرد.. وهكذا نجد أناساً يتجلى لهم الله في كل شيء.. قد فتح الله بصائرهم.. فآمنوا واطمأنت قلوبهم.. «يتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار».
وهناك أناس حقت عليهم الضلالة فارتابت قلوبهم فهم دائماً في جحود وتردد «وارتابت قلوبهم فهم في ريْبهم يترددون».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.