في ركنٍ هادئ من أركان مهرجان "الكليجا" السابع ببريدة؛ يقف زوجان في كشك صغير يبيعان القهوة والشاي للزوار بأوانيها التراثية "الدلة والإبريق"، في صورةٍ تجسد تفعيل المهنة وحظوتها، وكذلك تعاون الزوجان في اكتساب لقمة العيش. في هذا الركن، أكد العم "سليمان عبدالله العبيداء" أن همته ترقى به إلى قضاء الحوائج والسعي في الأرض عبر مهنة "القهوجي"، التي لم يكلّ أو يتأفَّف منها، واضعاً ميثاقاً جديداً لمهنة كادت أن تحتضر، بيد أنها تحولت إلى وجهةٍ عملٍ للكثيرين هرباً من البطالة؛ ما أعطاها هوية صمود إضافية.
ويقول "العبيداء": "مهنتي في الحكومة هي "قهوجي"، عشتها "25" عاماً، ولأن متطلبات الحياة تزيد، كان لا بد من العمل في المناسبات والمهرجانات؛ فجاءت فكرة كشك القهوة والشاي، الذي تشاركني فيه زوجتي؛ حيث لازمتني سبعة أعوم، شكلنا فيها ثنائياً ذاع صيته ولله الحمد".
ولم يُخْفِ "العبيداء" سرَّ أنه نجح في هذه الفكرة، فهو يجني منها مالاً مناسباً غطى مستلزماته، ووفر بعضه، فضلاً عن أنه قد أمن المتطلبات الأهم من بيت ومركب، كما لم يخف سره بأن شراكته مع زوجته أكسبته الشهرة، مؤكداً أنه لا يمكن أن يعمل دونها، فمباشرته لطلبات الرجال، ومباشرتها هي لطلبات النساء، سهل للزبائن التعامل والعمل المتقن؛ فمذاق مشروباته "القهوة، والشاي" لا يتغير، وله نكهته الخاصة عند الناس.
زوار مهرجان "الكليجا" حينما يستريحون تقع أنظارهم على كشك العبيداء وزوجته، فتصطفّ العائلات عنده، وتخرج منه الدلال والأباريق؛ لتكون الجلسات العائلية تَرْفيهاً آخر، ساهم في فكرته هذان الزوجان، كما يؤكده "العبيداء" بنفسه ويقول: "ساحة الاستراحة هذه تحولت إلى جلسات أسرية، تلتقي فيها الأسر وتستريح من عناء التجول، كيف لا وقد وجدت القهوة والشاي بنكهتهما يضفيان الجو المناسب لهذه اللقاءات!".