"بنى لي عاديا حصناً حصيناً... وماء كلما شئت استقيتُ".. هكذا يقول السموأل مفاخراً بحصنه في أوائل الألف الأول قبل الميلاد، هذا الحصن العظيم، الذي شهد كثيراً من الأحداث الخالدة، لكنه استمد شهرته الواسعة في قصة الوفاء المشهورة، للسموأل. "سبق" وقفت على آثار قصر الأبلق بقرية السموأل، والذي تقع آثاره في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة القديمة، بمحافظة تيماء بتبوك، ويشهد اهتماماً كبيراً من الهيئة العامة السياحة والآثار، من حيث الحماية والتنقيب.
وبحسب كتاب "تيماء" للباحث الأثري مدير متحف تيماء محمد السمير النجم، فإن قصر الأبلق في قرية السموأل يعود تاريخ تشييده إلى زمن الأمير عاديا الجد الأعلى للأمير السمؤال بن عاديا وهذا يشير إلى القرون الميلادية المبكرة، ويحيط به سور كبير متصل بسور المدينة العظيم، وقد اكتسب هذا الحصن شهرة تاريخية عظيمة وينسب بناؤه إلى عاديا الجد الأول للسموأل، وسمي بالأبلق؛ لأن في بنائه بياضاً وحمرة.
وبدأت قصة السموأل المشهورة حين أودع امرؤ القيس الكندي لديه أسلحته ودروع أبيه وأجداده ثم توجه امرؤ القيس إلى قيصر الروم إلا أنه مات في الطريق، فأرسل ملك كندة يطلب الدروع من السموأل، إلا أنه رفض طلبه.
وحينذاك، قرر ملك كنده محاربته فلما علم السموأل اعتصم بالحصن في الوقت الذي كان ابنه في رحلة صيد، وعند عودته استطاع ملك كنده أن يظفر بابن السموأل فأخذ يطوف به حول الحصن وهو ينادي بالسموأل فأشرف السموأل عليه من فوق الحصن، فلما رآه الملك قال له: أيها السموأل قد ظفرنا بابنك وها هو أمامك، فإن أعطيتنا ما جئنا لأجله أخلينا عنه، وإن أبيت قتلناه أمامك فاختر ما شئت.
وقيل للسموأل: قد حفظت أمانتك قدر المستطاع وامرؤ القيس قد مات فادفع لهذا الملك ما يريد، فأجابهم السموأل: لن أخون بالأمانة، ثم قال للملك ما كنت لأعطيك أمانة في عنقي فافعل ما شئت، فأمر الملك الكندي بقتل ابن السموأل أمامه، واستمر الملك الكندي في محاصرته حتى يئس فعاد خائباً وبعد مدة قصيرة قدم ورثة امرئ القيس للسموأل فأعطاهم الدروع والأمانة، فقال في قصيدة له "وفيت بأدرع الكندي إني ... إذا ما خان أقوام وفيت".
يذكر أن محافظة تيماء ذات عمق تاريخي طاعن تعاقبت عليها حضارات متتالية، واشتُهرت بمعالم أثرية أهمها الأسوار، قصر الحمراء، قصر الرضم، بئر هداج، رجوم صعصع، النقوش والرسوم الصخرية وغيرها الكثير من المواقع الأثرية التي تمتد عبر أربعة آلاف عام قبل الميلاد.