هو أشهر من ضُرب به المثل في العرب بالوفاء حيث انه يقال مجازا للوفي (أوفى من السموأل ) . وهو السموأل بن غريض بن عاديا من بني عبد المدان بن الديان بن الحارث بن كعب كان جده من سكان نجران وقد رحل من قبيلته واستقر بتيماء وبنى حصنا اسماه الأبلق الفرد لوجود البياض في بنائه ومن أبرز ما قاله الإخباريون عن السموأل وحصنه الأبلق الفرد خبره مع امرئ القيس حين سار إلى الشام يريد قيصر-،فقد جاء في الأغاني : أنه نزل على السموأل بن عاديا بحصنه 00بعد إيقاعه ببني كنانة على أنهم بنو أسد وكراهة أصحابه لفعله وتفرقهم عنه ،حتى بقي وحده ،واحتاج إلى الهرب فطلبه المنذر بن ماء السماء ، ووجه في طلبه جيوشاً من إياد وبهراء وتنوخ وجيشاً من الأساورة مده بهم أنوشروان وخذلته حمير، وتفرقوا عنه : فلجأ إلى السموأل ومعه دروع كانت لأبيه خمسة :ا لفضفاضة والضافية والمحصنة والخريق ،وأم الذيول ، وكانت الملوك من بني آكل المرار ،يتوارثونها ،ملك عن ملك وكان مع امرىء القيس حين لجأ إلى السموأل - سوى ابنته هند وابن عمه يزيد بن الحارث بن معاوية بن الحارث ،ورجل من فزارة هو الربيع بن ضبع ،ومال وسلاح 0 وامتدح امرؤ القيس يومذاك السموأل ،وقال من قصيدة : طرقتك هند بعد طول تجنب وهنا ولم تك قبل ذلك تطرق فأكرم السموأل وفادة امرئ القيس وعرف له حقه ومن معه وضرب على هند قبة من أدم ، وأنزل القوم في مجلس له براح فكانت عنده ما شاء الله وقبل أن يتوجه امرؤ القيس إلى قيصر أودع بنيه وماله وأدراعه السموأل ،ورحل إلى الشام وخلف ابن عمه يزيد بن الحارث مع ابنته هند وزعم بعض الإخباريين أن الحارث بن أبي شمر الغساني اوالمنذر ملك الحيرة وجه الحارث بن ظالم في خيل وأمره بأخذ مال امرىء القيس من السموأل ،وكان ابن السموأل خارج الحصن فهدد الحارث بقتله مالم يسلم ما قبله وجاء به إلى تحت الحصن . قال الحارث: إن لم تعطني الأدرع وإلا قتلت ابنك . فكر السموأل وقال: ما كنت لأخفر ذمتي فاصنع ماشئت . وإنه لما امتنع من تسليم الأدرع إليه ضربه بسيفه ذي الحيات فقطعه نصفين . وعندما لم يستطع الحارث هزيمة السموأل بسبب مناعة الحصن (الأبلق) انسحب راجعا بعد أن استمر الحصار فترة ليست بالقصيرة وقد قال السموأل شعرا بعد ان رجع الحارث يجر اذيال الهزيمة يقول فيه : بنى لي عاديا حصنا حصينا وماء كلما شئت استقيت رفيعا تزلق العقبان عنه إذا ما نابني ضيم أبيت وأوصى عاديا قدما بأن لا تهدم يا سموأل ما بنيت وفيت بأدرع الكندي إني إذا ما خان أقوام وفيت وفي احد الأيام مر السموأل بفتاه وتبادلا أطراف الحديث فكانت تستهزئ به وتقول له ومن تكون أنت ولأي قبيلة تنتسب وتنظر إليه فأراد أن يخبرها انه من قبيلة بنو عبدالمدان بن الديان بن الحارث بن كعب وانه له نسب عريق ولكنه يكتفي بالأخلاق فقط فقال هذه الأبيات : إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا شَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ لَنا جَبَلٌ يَحتَلُّهُ مَن نُجيرُهُ مَنيعٌ يَرُدُّ الطَرفَ وَهُوَ كَليلُ رَسا أَصلُهُ تَحتَ الثَرى وَسَما بِهِ إِلى النَجمِ فَرعٌ لا يُنالُ طَويلُ هُوَ الأَبلَقُ الفَردُ الَّذي شاعَ ذِكرُهُ يَعِزُّ عَلى مَن رامَهُ وَيَطولُ وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى القَتلَ سُبَّةً إِذا ما رَأَتهُ عامِرٌ وَسَلولُ يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنا وَتَكرَهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ وَما ماتَ مِنّا سَيِّدٌ حَتفَ أَنفِهِ وَلا طُلَّ مِنّا حَيثُ كانَ قَتيلُ تَسيلُ عَلى حَدِّ الظُباتِ نُفوسُنا وَلَيسَت عَلى غَيرِ الظُباتِ تَسيلُ صَفَونا فَلَم نَكدُر وَأَخلَصَ سِرَّنا إِناثٌ أَطابَت حَملَنا وَفُحولُ عَلَونا إِلى خَيرِ الظُهورِ وَحَطَّنا لِوَقتٍ إِلى خَيرِ البُطونِ نُزولُ: فَنَحنُ كَماءِ المُزنِ ما في نِصابِنا كَهامٌ وَلا فينا يُعَدُّ بَخيلُ وَنُنكِرُ إِن شِئنا عَلى الناسِ قَولَهُم وَلا يُنكِرونَ القَولَ حينَ نَقولُ إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ قَؤُولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعُولُ وَما أُخمِدَت نارٌ لَنا دونَ طارِقٍ وَلا ذَمَّنا في النازِلينَ نَزيلُ وَأَيّامُنا مَشهورَةٌ في عَدُوِّنا لَها غُرَرٌ مَعلومَةٌ وَحُجولُ وَأَسيافُنا في كُلِّ شَرقٍ وَمَغرِبٍ بِها مِن قِراعِ الدارِعينَ فُلولُ مُعَوَّدَةٌ أَلّا تُسَلَّ نِصالُها فَتُغمَدَ حَتّى يُستَباحَ قَبيلُ سَلي إِن جَهِلتِ الناسَ عَنّا وَعَنهُمُ فَلَيسَ سَواءً عالِمٌ وَجَهولُ فَإِنَّ بَني الدَيّانِ قَطبٌ لِقَومِهِم تَدورُ رَحاهُم حَولَهُم وَتَجولُ وفي مدح السموأل قصة وهي للأعشى وهي إن الأعشى تخاصم مع رجلا من بني كلب فقال له الأعشى يذمه : بنو الشهر الحرام فلست منهم ولست من الكرام بني العبيد ولا من رهط حسان بن قرط ولا من رهط حارثة بن زيد قال الأعشى : وهؤلاء كلهم من كلب. (يقصد الأعشى أن هؤلاء كلهم من بني كلب وأنت لاتنتسب لأي منهم وهم فقط من يستحق المدح ) فقال الكلبي: لا أبا لك أنا والله أشرف من هؤلاء كلهم . فسبه الناس كلهم بهجاء الأعشى إياه ثم أغار الكلبي المهجو على قوم قد بات فيهم الأعشى فأسر منهم نفراً فيهم الأعشى وهو لا يعرفه، ورحل الكلبي حتى نزل بشريح ابن السموأل بن عاديا اليهودي صاحب تيماء، وهو بحصنه الأبلق فمر شريح بالأعشى فناداه الأعشى : شريح لا تتركني بعدما علقت حبالك اليوم بعد القد أظفاري قد جلت ما بين بانقيا إلى عدن وطال في العجم تسياري وتكراري فكان أكرمهم جدّاً وأوثقهم عهداً أبوك بعرف غير إنكار كن كالسموأل إذ طاف الهمام به في جحفل كهزيع الليل جرار بالأبلق الفرد من تيماء منزله حصن حصين وجار غير غدار إذ سامه خطتي خسف فقال له قل ما تشاء فإني سامع حار فقال ثكل وغدر أنت بينهما فاختر فما فيهما حظ لمختار فشك غير طويل ثم قال له اقتل أسيرك إني مانع جاري فاختار أدراعه كيلا يسب بها ولم يكن وعده فيها بختار قال : فجاء شريح إلى الكلبي فقال: هب لي هذا الأسير المضرور. فقال: هو لك فأطلقه وقال له أقم عندي حتى أكرمك وأحبوك. فقال الأعشى: من تمام صنيعتك إلي أن تعطيني ناقة ناجية وتخليني الساعة. فأعطاه ناقة فركبها ومضى من ساعته، وبلغ الكلبي أنّ الذي وهب لشريح هو الأعشى (وكان لايعلم انه الأعشى). فأرسل إلى شريح: ابعث إلي الأسير الذي وهبت لك حتى أحبوه وأعطيه فقال: قد مضى. فأرسل الكلبي في أثره فلم يلحقه. كتب / ناصر بن عيران الصقور =