روى عددٌ من المعلمات الناجيات من حادث طريق حوطة بني تميم، والذي وقع ظهر يوم الأربعاء الماضي وراح ضحيته معلمتان وإصابة خمس معلمات أخريات وسائقهن الآسيوي، بإصابات متنوعة وبعضها خطيرة، تفاصيل مثيرة في حادثهن المأسوي وما كان يواجهن صباح كل يوم من خطر الطريق وجشع المؤسسات التي لا تبحث إلا عن المادة دون أي مبالاة بأرواح بريئة تسعى وراء رزقها في مناطق بعيدة عن أسرهن وفلذات أكبادهن وذلك على أمل أن هذه المعضلة مؤقتة وحلها قريب. وأكدن أن إدارة التربية والتعليم بمحافظة الأفلاج كانت لا تقدر ظروفهن كمعلمات يقطعن يومين مئات الكيلو مترات ذهاباً وإياباً ويعاملونهن بقسوة ويحملونهن ما لا يطقن من المناهج وتكليفهن بتخصصات إضافية.
وقالت بعض المعلمات المصابات والناجيات من الحادث ل "سبق": خرجنا من منازلنا يوم الأربعاء الماضي بمحافظة الخرج الساعة الثالثة صباحاً ونحن سبع معلمات ووصلن لأحد المساجد الواقعة على طريق الجنوب قرابة الساعة الخامسة صباحاً وصلينا صلاة الفجر ثم انطلقن باتجاه الأفلاج.
وذكرن: كان يلاحظ على السائق بأنه مريض لكثرة العطاس وتعرضه للكحة وسمعناه وهو يتحدث بالهاتف النقال وباللغة العربية وهو يقول: "أنا أمس كلام تعبان، ليش ما فيه ارسل واحد تاني"، وعرفنا بأنه كان يبحث عن بديل.. وتابعن: لجأنا إلى الدعاء واستودعنا أنفسنا بالله.
وأضفن: كنا متخوفات من السرعة ونوم السائق وأثناء ذلك قالت المعلمة "فائزة "رحمها الله"، إنها تلاحظ منذ أيام أن السائق إذا زاد في السرعة أن السيارة يحدث لها اهتزاز، وأكدت ذلك زميلتهن (أماني الحقباني) شفاها الله – وواصلن الرحلة حتى دخلنا مركز البديع والذي يقع جنوبالأفلاج بقرابة 30 كيلومتراً، وتم توزيعنا على مدارسنا بحكم تبعيتنا لقطاع البديع.
وأردفن: إحدى المعلمات ذكرت لزميلتها بالمدرسة أنها رأت في المنام أنهن سيتعرضن لحادث، وكان يراودهن الخوف وخرجن في نهاية الدوام الدراسي بعد أذان صلاة الظهر وانطلقنا حتى وصلنا محطة وقود شمال الأفلاج بقرابة ثلاثة كيلومترات، وصلينا بها وركبنا في السيارة واستسلمنا للنوم وحينها قالت "فائزة" للسائق "لا تُسرع"، وأثناء غرقنا في النوم لم نستيقظ إلا على تقلب المركبة وصراخ بعض المعلمات وبعد ما توقفت المركبة شاهدنا بعض زميلاتنا وهن متناثرات حول السيارة ومنهن بمسافة بعيدة وملطخات بالدماء وبمنظر مفجع.
وواصلن: كان بعضنا ما زال داخل المركبة وكنا ننادي بالمساعدة لإسعافنا وحينها كان السائق لم يتأثر من الحادث وكان هو وبعض سالكي الطريق الموجودين يطالبوننا بالخروج من السيارة خوفاً من اشتعالها وتم إسعاف اثنتين منا عن طريق أحد المواطنين والبقية عن طريق الهلال الأحمر، وتم إدخالنا لمستشفى حوطة بني تميم وبعضنا أدخل غرفة العمليات، وعلمنا بعد ذلك بأن إحدى زميلاتنا توفيت وهناك اثنتان تعرضتا لإصابات بليغة وتوفيت إحداهما في المساء متأثرة بإصاباتها.
وأشرن: بعد ما حضروا أسرنا أخرجوا اثنتين منا على مسؤوليتهم وثالثة تم نقلها لمستشفى محافظة الخرج والرابعة نقلت لمستشفى الحرس الوطني لتعرضها لكسور متفرقة والخامسة نقلت لمستشفى سليمان الحبيب وحالتها كانت خطيرة لتعرضها لكسور وضربة في الرأس.
وكشفن أن السيارة التي كانت تقلهن تعرضت لأعطال متكررة خلال شهر صفر في هذا العام ولعدد أربع مرات، ومنها تعطلت "دعاسة " البنزين وتعرض الماكينة لخلل حال دون تشغيل المكيف ذهاباً وإياباً وحتى توقفت المركبة قبل الوصول لمركز الدلم قادمين من الأفلاج وانتظارهن حتى تم تأمين سيارة أخرى، ومن الأعطال أيضاً - بحسب وصفهن - خروج صوت في "فحمات" الإطارات وتم تنبيه السائق والضغط عليه حتى اتصل بالمؤسسة وأمنوا لهن سيارة أخرى.
ولفتن إلى أن العطل الرابع لمركبتهن ما تم ملاحظته قبل وقوع الحادث وهو الاهتزاز بالمركبة أثناء السرعة، مؤكدين أن المؤسسة تتهرب من ملاحظاتهن على السيارة التي تنقلهن على الرغم من أنهن يدفعن لها شهرياً 1500 ريال وبقبض مقدما لا يخضع لأي ظروف أو غياب، متحججين أن المقعد إذا حجز لا يركب به غيرهن حتى وإن غبن عن العمل.
وطالبن جميعهن بالنقل لتحقيق رغباتهن لظروفهن الصحية في هذا الحادث وتعويضهن علاوة على مطالبتهن بصرف راتب زميلاتهن المتوفيات لأسرهن وتحقيق النقل لجميع زميلاتهن المغتربات ومراعاة إدارة تعليم محافظة الأفلاج لهن وذلك بتسهيل عملية الحضور والانصراف وعدم الضغط عليهن بالحسم من الراتب والأداء الوظيفي الذي يؤثر في تحقيق النقل، مؤكدات أن زميلتهن "فوزيه" رحمها الله – كانت قد تعرضت لذلك الحسم من مديرتها.
من جهة أخرى، قال ل "سبق" سالم بن جابر الغزواني وهو زوج المعلمة المتوفاة في حادث حوطة بني تميم "فائزة الغزواني" إنه تلقى وفاة زوجته بعد ما لاحظ تأخر حضورها وانقطع عنها الاتصال وتواصل بالمؤسسة المتعهدة بنقلها للمدرسة وأبلغوه بالحادث قرابة الساعة 30 : 4 عصراً وسلم نفسه لله مؤمناً بقضائه وقدره، مشيراً إلى أن لديه 4 أطفال ثلاثة ذكور وبنت عمرها عامان وأكبرهم يبلغ من العمر 11 عاماً وعلموا بوفاة والدتهم والصدمة كانت مؤثرة عليهم وأخذتهم جدتهم على الرغم من أنها طاعنة في السن إلا أنها طلبت ذلك لتخفيف الصدمة عليهم.
وأضاف: "فائزة" رحمها الله - كانت قد تعينت في عامها الأول في بدر الجنوب التابع لمنطقة نجران ونقلت منذ عامين في الأفلاج وكانت تذهب كل يوم من الخرج تاركة فلذات أكبادها ينتظرونها حتى تعود كل مرة على الرغم من أنها تخصص "أحياء" وطالبت في النقل للخرج أكثر من مرة ولكن - حسبنا الله ونعم الوكيل – على كل متسبب في الحادث – والحديث هنا لسالم.
وأكد "الغزواني"، أنه يعمل في قطاع الجيش بمدينة الرياض ولديه تشكيل بالنقل للمنطقة الشرقية ويطالب بنقله لمحافظة الخرج للقرب من أبنائه لمتابعتهم ورعايتهم ، مطالباً في الوقت نفسه باستمرار رواتب جميع المتوفيات سواء من توفين في حادث الأفلاج أو غيره.
وأوضح ل "سبق" المتحدث الرسمي لمرور منطقة الرياض العقيد حسن بن صالح الحسن، أنه في يوم الأربعاء الماضي وبالتحدي في الساعة 20 : 1 مساءً وقع حادث بمفرق أرامكو باتجاه الشمال طريق الجنوب وذلك لسيارة من نوع "فان" شيفروليه أبيض وعدد ركابه 8 أشخاص بالسائق ولطرف واحد بعملية انقلاب وبعد ذلك اصطدمت بحاجز خرساني على جانب الطريق ونتج من الحادث وفاة امرأتين سعوديتين وإصابة 5 سعوديات أخريات وإصابة السائق بإصابة طفيفة.
وأكد "الحسين" أن سبب الحادث خلل في أحد الإطارات ونسبة الحادث 100 % على قائد المركبة الباكستاني والذي يحمل رخصة عمومي ومركبته لديها تصريح من وزارة النقل بنقل الركاب.
وتكشفت ل "سبق" تفاصيل جديدة، نقلاً على لسان بعض المعلمات المغتربات ومنهن ما هي بمحافظة الأفلاج بأن حادثة الأربعاء التي وقعت لزميلاتهن جددت الرعب في نفوسهن بشكل عام وذلك للمشاهد المتكررة من الأرواح المزهقة والكتب والأوراق المبعثرة في الطرق الطويلة واللاتي يقطعنها يومياً في رحلات يكتنفها الخطر، مشيرات إلى أن بعض المؤسسات المعنية بنقل المعلمات لا يبحثون عن جودة السائق ولا المركبة السليمة، بل إن بعض مركباتهم متهالكة ولا يهتمون بصيانتها واستبدال إطاراتها والسائقون يسيرون بسرعة عالية وهم غير سويين في تصرفاتهم، مستشهدات بسائق نقل مجموعة منهن للأفلاج ولمدة شهر وكان من تصرفاته فتح الباب وإغلاقه والسيارة تسير بسرعة عالية ومحادثته لنفسه في الطريق وبصوت عالٍ، مما أثار الرعب في نفوسهن خوفاً من وقوع أي مكروه.
وطالب المعلمات المغتربات واللاتي يقطعن يومياً مسافات طويلة، بمراعاة ظروفهن وذلك بتوجيه مديرات المدارس بعدم التشطيب عليهن في حال تأخرهن عن الحضور لوقت بسيط ،علاوة على مراعاتهن في الخروج من بعد نهاية الحصة الخامسة وعدم تكليفهن بحصص الانتظار والنشاط وأيضاً مراعاة الظروف المناخية للمعلمات اللاتي يحضرن من الخرجوالرياض والمناطق البعيدة والسماح لهن بالانصراف المبكر أو عدم الحضور في الأيام الأخيرة من الفصول الدراسية بعد إنهاء أعمالهن وغياب طالباتهن عن الحضور .