شكّلت شرطة العاصمة المقدسة، ممثلة في إدارة التحري والبحث الجنائي ومركز شرطة القرارة، لجنة تحقيق رفيعة المستوى، مكونة من ضباط لهم خبرتهم ودرايتهم في كشف عمليات النصب والاحتيال المالي، للتحقيق مع عصابة نصب الفيلات والشقق التمليك، التي عُرفت باسم عصابة "خزنة"؛ إذ جمعت هذه العصابة أكثر من خمسة ملايين حتى الآن، وهو المبلغ الذي كشفته بلاغات الضحايا، ولا تزال اللجنة تستقبل شكاوى وبلاغات الضحايا الآخرين. وتشير التفاصيل التي حصلت عليها "سبق" إلى أن هذه العصابة بدأت نشاطها الإجرامي قبل خمس سنوات تقريباً، من خلال عدد من النساء السعوديات، بعضهن يعملن في مهنة إحياء الأعراس "طقاقات"، وكان من ضمن المجموعة النسائية مديرة مكتب مهم ومرموق لجهة حكومية مهمة بمنطقة مكةالمكرمة، وتستقبل في مكتبها أطياف المجتمع النسائي كافة، وخصوصاً الأرامل والمطلقات.
ومن هنا بدأت زعيمة عصابة "خزنة" رسم خيوط النصب والاحتيال، وتم إيهام الأرامل والمطلقات والضعفاء وعدد من الأسر التي كانت تبحث عن سكن بأن هذه المديرة لها علاقة مباشرة مع ثلاثة وكلاء نافذين، يعملون ضمن مؤسسة الأمير الوليد بن طلال الخيرية لتوزيع الفلل والشقق السكنية الخيرية.
وجرى عقد صفقات نصب واحتيال وهمية؛ إذ كان من يريد تسجيل اسمه ضمن المسجلين في كشوفات المؤسسة الخيرية لأخذ الشقق والفلل عليه دفع مبالغ سمسرة لهؤلاء الوكلاء والنافذين في المؤسسة، في عملية نصب لجمع أموال الضعفاء والأرامل والمطلقات والباحثين عن السكن، وكانت زعيمة "خزنة" تتنقل من موقع لآخر، وتستخدم عدداً من أجهزة الجوال، وكذلك أجهزة تغيير الصوت؛ لتمثل دور الوكلاء للمؤسسة الخيرية، وكذلك تقوم المديرة المسؤولة وغيرها من معارفهن بجمع أكبر عدد من الضحايا، وخصوصاً أنها تستغل عملها وسلطتها وسمعتها الوظيفية المعروفة بمنطقة مكةالمكرمة، لثقة طالبي السكن، ومقرها الوظيفي المرموق؛ ما يجعلهم يدفعون من 70 ألفاً حتى 250 ألفاً لكل ضحية حسب طلب الشقة أو الفيلا الوهمية.
وكانت بداية كشف خيوط العصابة المكونة من سبعة أشخاص حتى الآن (4 نساء سعوديات وثلاثة رجال يمنيين ومصري وبجلاديشي) أن بلاغاً ورد لقسم شرطة القرارة، مفاده أن شخصاً تعرض للنصب والاحتيال من امرأة سعودية في العقد الخامس من العمر، تدعي معرفتها بأناس وجهاء، وتدعي مساعدتهم في الحصول على منح سكنية "شقق" أو "فلل"، ولديها معاملات تجارية مع أصحاب نفوذ، وتطلب مقابل أتعابها مبالغ مالية قيمة، وأرباح من بعض تعاملاتها مع أصحاب رؤوس الأموال.
وتستهدف العصابة فئة الأرامل والمطلقات والنساء بشكل خاص والبسطاء، واللعب على جانب العاطفة في اصطياد الضحايا وإيهامهم بالثراء والربح بسكن عبر المؤسسة الخيرية، وكان هناك اتفاق في توسع النشاط عبر كل ضحية يُحضر آخر، ويأخذ عمولة، وبذلك يتسع نشاطهم للمدينة المنورةومكةوجدة والطائف وأبها وخميس مشيط.
وعندما تقدم عدد من الضحايا بشكاوى وبلاغات ضد العصابة تم فوراً تشكيل فريق عمل أمني بمتابعة القيادات الأمنية كافة بشرطة العاصمة المقدسة وشرطة منطقة مكةالمكرمة، وقامت إدارة التحري والبحث الجنائي ومركز شرطة القرارة بتكثيف الإجراءات اللازمة للتحرى والبحث، وتكونت لجنة أمنية، هدفها الحصول على المعلومات، وربط خيوط عمليات النصب والاحتيال بين مدن عدة مع نشاط عصابة "خزنة" بمكةالمكرمة.
وعلمت "سبق" أنه تم التحفظ على عدد من النساء والرجال المتورطين في القضية، في انتظار كشف الجناة كافة، والضحايا، كما تم إيقاف خدمات المديرة ذات المنصب الحكومي المرموق، ومنعها من السفر، وكان مقرراً سفرها لعقد دورة عمل في دبي، وجارٍ مخاطبة عملها وكشف رصيدها البنكي.