واصلت مراكز تجارية في مدينة جدة تشغيل عدد من الفتيات كاشيرات بعد ستة أيام على الفتوى التي أصدرتها لجنة الإفتاء الدائمة برئاسة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ وعضوية ستة من هيئة كبار العلماء. وتثير هذه الفتوى الجدل في ظل توجه الحكومة السعودية لإيجاد فرص عمل جديدة للنساء، خاصة أن وزارة العمل سبق لها أن سمحت بعمل النساء في هذه المهنة ضمن ضوابط. وأكد مصدر مسؤول بهذه المحال التي ما زالت تسمح بعمل الفتيات أن عمل الفتيات سيستمر حتى يأتي قرار رسمي من وزارة العمل يقضي بوقف عمل الكاشيرات وتسريحهن من وظائفهن نهائيا.ً وقال مدير أحد المراكز التجارية المشغلة للفتيات- رافضاً ذكر اسمه- "سوف تستمر الفتيات في وظائفهن، لم نتلق أي خطاب رسمي من وزارة العمل بوقف المهنة أو تحريمها، وبناء عليه العمل متواصل في جميع فروعنا". وأضاف "لدينا أكثر من 25 فتاة سعودية يعملن في جميع فروعنا وفقاً للضوابط التي وضعتها وزارة العمل، ولا توجد أي مخالفات"، مشيراً إلى أن معظم الموظفات "ينفقن على عائلاتهن، وهن من الطبقة الفقيرة، كما أن هناك فتيات من حملة الشهادات الجامعية اللواتي لم يجدن وظائف لسنوات". وكانت الفتوى التي منعت النساء من العمل على صناديق القبض في المحال التجارية قد أحدثت ردود أفعال شديدة من قبل العديد من الرجال والسيدات على حد سواء، واعتبر كثيرون أن الفتوى محبطة لآمال آلاف الفتيات السعوديات في الحصول على عمل. وطالب الكاتب عبدالله أبو السمح في عموده بصحيفة عكاظ اليوم هيئة الإفتاء بتصويب الفتوى والرجوع عنها خصوصاً أنها "تفتقد للتأصيل وللدليل الشرعي الواضح" على حد قوله، مضيفاً "لا يمكن تقسيم العمل في المجتمع إلى ذكوري ونسائي؛ لأن المجتمع والحياة البشرية بصفة عامة رجل وامرأة، ولا يمكن الفصل بينهما، أما القول بسد الذرائع فإن عمل المرأة كاشيرة ليس فيه فتنة، وكما أن المرأة تقف في السوبر ماركت تدفع قيمة مشترياتها لرجل، فهو العمل ذاته لو كانت امرأة كاشيرة تقبض الثمن من رجل". وأردف "هذه الفتوى متعجلة دون دراسة للواقع وللأحوال المعاصرة، وبرغبة للالتفاف على عمل المرأة بصفة عامة مع الرجال، والذي يسمونه الاختلاط المحرم". وفي السياق ذاته، تمنى الكاتب في صحيفة الوطن صالح الشيحي عدم الزج بهيئة كبار العلماء في مثل هذه الأمور قائلاً في مقال نشر السبت "لم أكن أتمنى أن تصبح الهيئة الموقرة أداة في يد هؤلاء المتحمسين يستخدمونها في حروبهم ومعاركهم". وصدرت فتوى لجنة الإفتاء الدائمة برئاسة المفتي العام الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ بعد أربعة أشهر من سماح وزارة العمل من دون ضجة لمحال تجارية في مدينة جدة بتوظيف النساء على الصناديق، بهدف إيجاد مزيد من فرص العمل للنساء في المملكة. وقامت متاجر في جدة بتوظيف العشرات من الفتيات على الصناديق. وعلى الرغم من معارضة بعض العلماء في السابق، إلا أن هذه الفتوى هي أول رفض ديني بهذه القوة لمبدأ توظيف النساء على الصناديق. وكانت الفتوى قد نصت على أنه "لا يجوز للمرأة أن تعمل في مكان فيه اختلاط بالرجال، والواجب البعد عن مجامع الرجال، والبحث عن عمل مباح لا يعرضها للفتنة أو للافتتان بها". وجاءت الفتوى رداً على سؤال حول قيام شركات ومحال تجارية بتوظيف نساء "كاشيرات". وبحسب السؤال الذي أرفق بالفتوى، فإن الموظفة على الصندوق "تقابل في اليوم الواحد العشرات من الرجال، وتحادثهم وتسلم وتستلم منهم، وكذلك ستحتاج إلى التدريب والاجتماع والتعامل مع زملائها في العمل ورئيسها". وقد أجابت لجنة الفتوى أن "ما ذكر في السؤال يعرضها (المرأة) للفتنة، ويفتن بها الرجال، فهو عمل محرم شرعاً، وتوظيف الشركات لها في مثل هذه الأعمال تعاون معها على المحرم، فهو محرم أيضاً".