أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط؛ أنه حين يغلب الجهل ب"ما أنزل الله على رسوله من البينات والهدى"، وحين يقل العلم بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الحق؛ تضلُّ أفهام كثير من الناس وتَلْتاث عقولهم فيحيدون عن صراط الله ويتبعون السبل فتفرق بهم عن سبيله، فإذا كثير منهم يسارعون في الإثم والعدوان بالقول على الله بغير علم وبِنَشْرِ وإذاعة المنكر من القول والزور. وقال "خياط": "يقع الناس في ذلك استجابة لداعي الهوى وعبادة للشيطان بطاعته فيما يزيِّنه لهم هو وحزبه من مسالك، وما يدعوهم إليه من مناهج، وما يشيعه من مقولات وشعارات وطروحات ليس عليها أَثَارَةٌ من علم، فلم يدلَّ على صحتها كتاب ولا سنة ولا عمل من سلف الأمة، وليس لها أيضاً من دنيا الواقع ما يسندها، ولا من ضرورات العصر ما يشدُّ عَضُدَها أو يصوِّب القولَ بها".
وأضاف في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: "في الطليعة من ذلك ما دَأَبَتْ على محاربته بالإنكار له أو التشكيك فيه أو تحريفه عن وجهه الصحيح؛ فرقٌُ وجماعاتٌ وأحزابٌ وتنظيماتٌ اتخذت من أصلٍ عقدي من أصولِ معتقدِ أهلِ السنةِ والجماعةِ: ميداناً لهذا الإنكار، ومضماراً للتشكيك، وساحةً للتحريف، والتلبيس الذي قلَّ نظيره، وذلك هو وجوب السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين، وحرمة الخروج عليهم، ونزع اليد من طاعتهم، معرضين عما جاء من أصول ذلك، وأدلته الواردةِ في آياتٍ مُحْكَماتٍ، وفي سُنَنٍ صَحِيحاتٍ صَرِيحاتٍ، وفي إجماعاتٍ لأئمةِ الهُدى ثابتاتٍ، عنهم موثقاتٍ".
وأردف الشيخ "الخياط": "يجب السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين، ويحرم الخروج عليهم ونزع اليد من طاعتهم، وقد جاء الأمر بطاعة ولي الأمر المسلم في كتاب ربنا سبحانه واضحاً بَيِّناً لا لبس فيه، وإنه ممَّا أمر به الشارِعُ وحَثَّ عليه حفظاً لهذا الأصل وصيانة له، وتَعْوِيداً للنُّفوس عليه: توقيرُ ولي الأمر وإجلالُهُ والحذرُ التامُّ من كلِّ ما يُفْضِي إلى الانتقاص من قدره والحطِّ من شأنه والتَّأْلِيبِ عليه".
من ناحية أخرى؛ وفي المدينةالمنورة، تحدَّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباري الثبيتي في خطبة الجمعة، عن: باب الخير والفرص التي يسخرها الله عز وجل لعباده؛ ليسعدوا في الدنيا والآخرة.
وقال "الثبيتي": "الحياة فرص، والفرص متجدِّدة، وهي لا تُحْصَى، يُقَلِّبُ اللهُ فيها عبادَه، فرص متنوعة الأشكال وحاضرة في كل مكان، بعضها يُغيِّرُ مسارَ حياة، وبعضها لا يتكرر؛ فعلى المسلم النهوض واغتنام الفرص".
وأضاف: "الفرصة قد تكون طاعة أو عمل خير لبناء وطن وتنمية مجتمع، وقد تكون جاهاً ومنصباً يسخر لخدمة الدين والأمة، وقد تكون تجارة، فنعم المال الصالح مع الرجل الصالح".
وأردف: "الفرصة في حياة المؤمن ممتدَّة مدى الحياة، قائمة حتى آخر لحظة في العمر، مستشهداً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إِنْ قامت الساعةُ وبِيَدِ أحدِكم فسيلةٌ، فإن استطاعَ أَنْ لا يقومَ حتى يغرسَها، فَلْيَفْعَلْ".
وتابع: "الرسول عليه الصلاة والسلام ببصيرته المستنيرة ويقظته الدائمة، مثالٌ يُحْتَذَى به وقدوةٌ يجب اتِّباعُها، في اغتنام الفرص، يحث صلى الله عليه وسلم على الطاعة ويحفز للعبادة ويوجه ويربي، وكذلك كان صحابته رضي الله عنهم في اغتنام الفرص والفوز فيها".
وقال "الثبيتي": "من اغتنم الفرصة وبادر تقدَّم على غيره مراحل ومراتب؛ فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أفضل من غيرهم ممَّن جاء بعدهم، ولأهل بدر من هؤلاء ما ليس لغيرهم، ولمن أسلم من قبل الفتح وهاجر وجاهد بماله ونفسه من الفضل ما ليس لمن فعل هذا بعد الفتح، مستشهداً فضيلته بقول الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أولئك المقربون َفِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ وقليل من الْآخِرِين}".
ونبه إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين إلى أن الفرص الثمينة تمر بسرعة؛ لأنها محدودة الأجل سريعة الانقضاء، والتأمل الجلي في مسيرة طاعنٍ في السن، فنرى في سيرته سرعة تغير الأحوال من صحة إلى مرض، ومن غنى إلى فقر، ومن أمن إلى خوف، ومن فراغ إلى شغل، ومن شباب إلى شيخوخة، ولهذا وجه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أمته لاستغلال الفرص؛ حيث قال عليه السلام: "اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هَرَمِكَ، وغِناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وصحتك قبل سقمِكَ، وحياتك قبل موتك".
وقال إمام وخطيب المسجد النبوي في نهاية خطبته: "على المسلم أن يغتنم الفرصة، وأن كل فرصة مغنم مهما قلَّ وزنها في نظره، فهي مكسب، قال عليه الصلاة والسلام: "لا تحقرنَّ من المعروف شيئًاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق"، وإن التوبة فرصة سانحة في الحياة لا يعلم أحد وقت زوالها، يمنح الله الكريم بها فرصاً يراجعون فيها أنفسهم ويرجعون إليه سبحانه".