قدمت "سبق" عصر اليوم الجمعة واجب العزاء في شهيد الوطن النقيب محمد حمد العنزي في منزل ذويه بحي الإشرافية في عنيزة، الذي استُشهد قبل يومَين في العملية الآثمة التي وقعت في حي المعلمين شمال بريدة. وبعد التعزية التقت "سبق" أشقاءه، وبدا عليهم تماسك ممزوج بالافتخار باستشهاد شقيقهم الأكبر دفاعاً عن دينه ووطنه.
وروى ل"سبق" شقيقه "فهد" اللحظات الأخيرة من حياة شهيد الوطن، التي كانت في محادثة "قروب واتس أب"، جمعتهما قبل ساعات قليلة من استشهاده، وكانت المحادثة تدور حول سؤال الشهيد عن أحد الأحاديث النبوية من ناحية صحته، فأجابوه على سؤاله، ثم شكرهم جميعاً، وخرج مختتماً المحادثة الأخيرة في حياته بقوله "جزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
وتابع "فهد": "اتصل شقيقي محمد بزوجته قبل المهمة طالباً منها الاستعداد للذهاب لمدينة الرياض لحضور مناسبة خاصة لهم، ولم يُخبرها بالمهمة المكلف بها للدفاع عن دينه ووطنه حتى لا تقلق عليه، وكانت زوجته قد استعدت بالفعل للسفر لمدينة الرياض، لكن قضاء الله وقدره لم يسمح له بالعودة لزوجته وأولاده".
وقال فهد: "لم نكن نعلم عن ذهابه للمهمة؛ لأننا اعتدنا غيابه عن البيت، حتى زوجته لم تعلم، فاتصل بي أحد أقاربي، وأخبرني بإصابة محمد، وعلى الفور أرسلنا شخصاً آخر ليطمئن عليه، لكن المصيبة أنه عاد وأخبرنا بأنه استُشهد، وكان الخبر صدمة لنا جميعاً".
كما تحدث "فهد" عن تأثره باستشهاد أحد زملائه، فكان يتأثر جداً، ويحرص على التواصل مع ذويهم للعزاء، ولم يكن يخشى الموت، ولا ينتابه قلق وخوف.
وأضاف: "كان أخي قد تقدم بطلب نقل لطوارئ حائل قبل أشهر؛ ليعود لمسقط رأسه، لكنه لم يتسنَّ له ذلك، كأن الله أراد أن يتوفاه في المنطقة التي لم يغادرها منذُ تعيينه".
وقبل الختام كشف "فهد" الورقة الخاصة التي كان يحملها الشهيد محمد معه دوماً، والتي أسرت ناظر سمو وزير الداخلية، وكانت عبارة مجموعة من صور للشهيد وهو على السرير الأبيض إبان إصابته عام 2005م مع الإرهابيين، وصورة من رسومات الشهيد للمؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - كان قد رسمها أثناء مناوبته سابقاً، وهذه الورقة تبعث في قلبه الحماس والثبات دوماً في أرض الميدان دفاعاً عن الدين والوطن.
وفي ختام حديثه قدّم الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية لنقله تعازي خادم الحرمين الشريفين، معتبراً إياه الضماد الشافي لجرح فراق أخيهم، وشكر كل من زارهم وواساهم وخفف من مصابهم.
والنقيب محمد حمد العنزي كان الوحيد بين إخوته البالغ عددهم 4 الذي التحق بالسلك العسكري ضابطاً، وعُيّن بطوارئ القصيم قبل نحو 10 سنوات، وتحقق طموحه بخدمة الوطن، ثم توفي شهيداً بعد أن أُصيب في مواجهة حي الجوازات بالرس عام 2005م، إلا أن يد الإرهاب لم تُمهله كثيراً، وغدرته برصاصة في صدره بعد عشر سنوات من إصابته الأولى، وترك خلفه أطفاله سلطان وسلمان وباسل.