لم يعد هناك فَرْق بين تكاليف وليمة الزواج وتكاليف ولائم العزاء.. فالتكاليف المصروفة في ليلة الزواج يمكن أن تُصرف أيام العزاء! ويبدو أنه لم يعد الحزن يكفي عند بعض المجتمعات للتعبير عن قوة المصاب في الفقيد حتى يقوم أقارب الفقيد بعمل ست ولائم على الأقل، لا تقل تكلفة الوليمة الواحدة عن 3000 ريال، ويرون في ذلك تعبيراً عن مواساتهم لأهل الفقيد!! بينما تحتم بعض العادات والتقاليد على من تربطهم صلة قرابة بالفقيد جَلْب الذبائح بأنواعها إلى أهل الفقيد.
وفي الكثير من مناطق السعودية، لا تكاد تودع الجثة قبرها إلا وتُنصب "الصواوين"، أو تُستأجَر الاستراحات استعداداً للعزاء، في أمر مخالف للتعاليم الإسلامية التي تنهى عن الاجتماع في العزاء.
يقول مواطن، فضّل عدم ذكر اسمه: إن تكاليف عزاء أحد أقاربه كلف القبيلة أكثر من 30 ألف ريال، فضلاً عن تكاليف السفر التي تُصرف بشكل فردي لحضور العزاء من أماكن متفرقة من السعودية.
وأكد آخر أن عزاء أحد أقاربه كلّفهم 20 ألف ريال، ورأى أن التجمع في العزاء أمرٌ يُفقد العزاء معناه. مضيفاً: بدلاً من أن يكون العزاء للمواساة والدعاء للميت أصبحت مجالس العزاء بيئة خصبة للكلام في أمور الدنيا! وتابع: البعض استغل العزاء ليبين للناس قدرته على الكلام أمام الآخرين. وتساءل: لماذا لا تُجمع هذه المبالغ لتكون في عمل خيري؟ وطالب أئمة المساجد والدعاة بتوعية العامة بأهمية تجنب العادات التي لا تمت للعزاء بصلة، كالولائم والتجمعات وغيرها، التي أصبح الناس يندمجون فيها ويورثونها للأجيال التي تليهم.
من جانبه، أكد أحد الأكاديميين بإحدى الجامعات السعودية أن بعض العلماء أجازوا الاجتماع للعزاء، بينما منعه آخرون، مبيناً أن من أجازه اشترط أن يخلو هذا الاجتماع من المنكرات والبدع، وما يحصل من مبالغات الناس والإسراف والتبذير في الطعام في العزاء، الذي يستنكره كل عاقل، ولا يجيزه الشرع.. وبعضهم يريد الإحسان إلى أهل الميت بصنع الطعام لهم فيسيء من حيث لا يشعر.
وأضاف: لو كان الأمر يقتصر على أهل الميت الأقربين لكان هيناً، لكن المصيبة أن يبقى العزاء حتى لمن قرابته بهم بعيدة جداً، فيثقل على أهل الميت، ويشق على من أراد مواساتهم بصنع الطعام لهم.