رفض البارحة أمين عسير المهندس إبراهيم الخليل، الرد على استفسار برنامج "بدون شك"، حول فصل 73 موظفاً من ثلاث بلديات بعسير بعد تعيينهم بنحو أربعة أشهر بلا مبرر واضح؛ حيث فُوجئوا بقرار الإيقاف وبعد مراجعاتٍ لوزارة العمل صدر لهم حكم إرجاعهم وتعويضهم واستبشروا؛ إلا أن القرار ظل حبيس الأدراج ولم ينفذ. وكان تقرير أعدّه البرنامج قد تحدّث عن معاناة الموظفين المفصولين في بلديات: الفرشة، وخميس مشيط، والنقيع، التي استمرت أكثر من سنتين، وقال أحد المفصولين: "إذا لم أرجع لوظيفتي فسأنتحر أو أسرق".
وقال أمين عسير، في ردّه على مذيع الحلقة محمد الحارثي: "أنا أتكلم عربي الموضوع عند المقام السامي وليس لي رغبة أبحث الموضوع ولا لي مصلحة"، وعندها أغلق الهاتف، في ذهولٍ من طاقم البرنامج، وحمّلت وزارة الشؤون البلدية والقروية، الموظفين خطأ توظيفهم في ظروف "غامضة وغير شفافة" - بحسب تصريحات متحدثها للبرنامج - وأنهم لم يكملوا الإجراءات الرسمية.
وتشير التفاصيل إلى أنه في حلقةٍ ناقشت فصل موظفي أمانة عسير استضاف برنامج "بدون شك" ثلاثة من المفصولين، وكان المحور الأول للحلقة هو الاتصال على أمين عسير، الذي رفض في وقتٍ سابقٍ الالتقاء بمراسل البرنامج، وعند الاتصال به رفض مناقشة الموضوع، قائلاً: "ليس لي رغبة بمناقشة الموضوع"، فحاول الحارثي سؤاله عن خطاب أمير عسير والحكم الصادر من اللجنة العمالية بإرجاعهم وتعويضهم، فردّ الخليل: "كأنك تجبرني أن أتكلم هناك أمير منطقة".
وما بين أخذٍ وردٍّ بين المذيع والأمين أغلق الأخير الهاتف بلا إبداء أيِّ تعليقٍ فآثار غضب المذيع والضيوف، وهم: المستشار القانوني أحمد المحيميد، والأمين العام لجمعية حقوق الإنسان خالد الفاخري، فعلّق الحارثي: "أستغرب من مسؤولٍ وضعته الدولة يتعامل مع الإعلام هكذا، ولا يريد الالتقاء بالمفصولين".
لجأ البرنامج للتواصل مع متحدث إمارة عسير سعد آل ثابت، ولم يبد هو الآخر أيّ معلوماتٍ عن القضية، وقال: "لو كانوا مفصولين من إمارة عسير سأفيدكم، والموضوع محل اهتمام أمير عسير، ووزارة البلديات لها متحدثٌ رسمي، وكذلك أمانة عسير".
ردَّ الحارثي: "ما فهمته منك يا سعد أن الإمارة وجّهت، ووجّهت، والعقبة هي أمانة عسير، وأستغرب أن يتم تجاهل خطابات أمير عسير"، فردّ الفاخري: "إن الإمارة لها سلطة إشرافية لا تنفيذية، ووزارة البلديات لها سلطة إلزام".
انتقل البرنامج لمخاطبة وزارة الشؤون البلدية والقروية على أمل أن يجدوا جواباً مقنعاً، وتم الاتصال بنائب المتحدث للوزارة خالد العسكر الذي طلب إرسال الإثباتات ليرد عليها.
أرسل فريق البرنامج الإثباتات وانتظر يوماً كاملاً وبعدها تم الاتصال بالمتحدث الرسمي لوزارة الشؤون البلدية والقروية حمد العمر، الذي قال: "إن الإجراءات التي تمّ فيها تعيين هؤلاء فيها محاباةً وغير نظامية، وليست هناك شفافية في طرح الوظائف بعد تكليف أمينٍ ومغادرة السابق، وتمّ رفع ملف القضية للمقام السامي".
واستفسر الحارثي، حول عدم قبولهم الحكم القضائي القاضي بعودة المفصولين إلى وظائفهم، فأجاب: "لو صدر القرار في ظروفٍ طبيعيةٍ.. أتفق معك، لكن ما بُني على باطلٍ فهو باطلٌ؛ لو اُتخذ الإجراء النظامي لكانت الوظائف حقاً لغيرهم".
تداخل أحد المفصولين، قائلاً: "أنتم تربطون ثلاث بلديات بوضعٍ واحدٍ، وهي: بلدية الفرشة، وبلدية خميس مشيط، وبلدية النقيع، فبلدية الفرشة داوموا ثلاثة أيام، وبلدية خميس مشيط داوموا قرابة خمسة عشر يوماً، وأنت تقول فترة انتقالية، فكلامك غير صحيح، بلدية النقيع داوموا اثني عشر يوماً في عهد رئيسٍ سابقٍ وجاء آخر بعده بشهور واستدعى موظفين وتمّ توظيفهم".
وزاد: "وأنت تدافع عن باطل لا عن حق، نحن - الآن - مشردون سنتين ونطالب بتعديل المهنة ونراجعكم، نريد تعديل مهنة، نحن في سجلات الأحوال موظفين حكوميين.. (حافز) لا يقبلنا.. (الضمان) لا يقبلنا.. القطاع الخاص لا يقبلنا.. هل نسرق؟ أخبرني ماذا نعمل؟".
ردّ العمر: "لا تضعني في موضع كأني مسرورٌ بالإجراء الذي اُتخذ، أنا متعاطفٌ معكم .. هل أكملتم المسوغات النظامية لتعيينكم؟" فردَّ عليه الموظف المفصول: "المسوغات أكملها أنا أو مدير شؤون الموظفين لديكم"، وتداخل الفاخري: "وكيف تمّ تعيينهم ونظاماً لا يتم تعديل مهنتهم كموظفين إلا بموجب موافقتكم"، فقال العمر: "أنا شرحت لكم ظروف تعيينهم في ظروفٍ غامضة غير شفافة".
ولاتزال قضية فصل 73 موظفاً بأمانة عسير مُبهمة ويلُفها الغموض، فالأمين يرفض الإفصاح، والوزارة تُحمّل المفصولين الخطأ، ووزارة العمل وجّهت خطاباً بإعادتهم وتعويضهم، وحتى الساعة لم يعودوا، وإمارة عسير تكتفي بالقول: "الموضوع محل اهتمام الأمير".