في تطور جديد لقضية تزوير "توقيع وزير العمل"، كشف شاهد رئيس في القضية ل"سبق" تفاصيل مثيرة حول طريقة اكتشاف تحايل المديرالعام المتهم ومحاولته الهرب من القضية، وما تَعَرّض له الشاهد من ظلم كبير بعد اكتشاف التزوير؛ حيث تم نقله إلى إدارة أخرى، بعد أن كان يعمل في مكتب الوزير لفترة طويلة. وكان ديوان المظالم قد بدأ، أول أمس، محاكمة مدير عام في ديوان وزارة العمل بعد اتهامه بتزوير توقيع الوزير لإصدار 1083 تأشيرة باكستانية لصالح ثلاث شركات مختلفة، قبل أن يتم اكتشاف التزوير، وتحال القضية إلى هيئة الرقابة والتحقيق، التي اتهمت المدير العام و3 رجال أعمال بالاشتراك في الجريمة.
بداية القضية وقال الشاهد الذي رفض الكشف عن هويته لأسبابه الخاصة: بدأت القضية منذ مطلع 2011م؛ حيث هاتفني آنذاك المدير العام وسلّمني المعاملات الثلاثة في المطار أمام أحد الزملاء، وفيها خطابات التأشيرات ال 1083، وأمرنا بإيصالها لمكتب العمل بجدة لإصدار التأشيرات بأسرع وقت ممكن؛ وذلك "حسب طلب الوزير"؛ على حد زعمه، وحذّرنا بأن الوزير مهتم بها شخصياً -وهو ما ثبت كذبه لاحقاً- في محاولة منه لإثارة رعبنا وحثنا على تنفيذ المهمة دون أي سؤال أو استفسار، وحين سألته عن أصول المعاملات قال سوف تُرسل من الرياض إلى جدة عبر البريد الممتاز.
تزوير وفساد ويواصل: "على الفور، ووفقاً لتوجيهاته أوصلت المعاملات وبدأت المتابعة مع مدير عام مكتب العمل لإنجازها حسب رغبة الوزير الشديدة -وفق تأكيد المدير العام- وبعد مرور ثلاثة أيام لم تصل أصول المعاملات؛ فقمت بالسؤال عنها عن طريق مكتبنا بالرياض عبر الحاسب الآلي، ولم أجد لها أثراً، وعلمت حينها أن هناك تزويراً وفساداً يحاول تمريره المتهم عن طريقي؛ فأخبرت رئيسي في مكتب الوزير عن ما حدث، وعلاقة المدير العام بالمعاملات الثلاثة وتزوير التوقيعات، ووصل الأمر للوزير، الذي استدعى المدير العام؛ فأنكر الأمر تماماً، ونفى أن يكون له أي علاقة بالتأشيرات؛ ولكن من حُسن حظي أنني احتفظت بتسجيلات صوتية لمكالماته العديدة وهو يحثنا على سرعة الإنجاز، وأننا أحرجناه أمام الوزير؛ على حد زعمه.
فضيحة التسجيلات ويواصل: "أرسلت وزارة العمل آنذاك خطاباً عاجلاً إلى إحدى جهات التحقيق، وذكروا فيها علاقتي بالقضية، وأنني متورط بسبب متابعتي لتلك الأوراق المزورة، وتم استدعائي إلى هيئة الرقابة والتحقيق، وكشفت لهم مختلف الأدلة والبراهين الدامغة التي تؤكد تورط ذلك المدير العام المزور، الذي حاول بكل طريقة إلصاق التهمة بي، واقتنعت حينها الرقابة بالأدلة، بعد أن أخذت أقوال أكثر من شاهد أكدوا تورطه، وبراءتي من التهمة براءة الذئب من دم يعقوب".
ويستطرد شاهد القضية: "منذ أن تمت تبرأتي من القضية، لاحظت أن وتيرتها هدأت بشكل غريب، وكنت أشعر بالغبن؛ لأن سمعتي تأثرت كثيراً أمام زملائي في العمل، الذين عرفوا باستدعائي من قِبَل الرقابة والتحقيق بتهمة التزوير، وطالبت بإعادة اعتباري ولم أجد أذناً صاغية؛ فرفعت برقية عاجلة إلى معالي رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ونسخة منها إلى مقام سمو وزير الداخلية، والديوان الملكي، وفرع هيئة الرقابة والتحقيق بجدة، وطلبت سرعة إنهاء هذه القضية؛ حتى يأخذ المتسبب جزاءه؛ خصوصاً أن ما قام به من تزوير وفساد يستحق عليه العقوبة.
ربكة الوزارة ويصف الشاهد الربكة التي حدثت داخل وزارة العمل، ويقول: "كانت ردة الفعل غير متوقعة خوفاً من العقاب؛ حيث تحركت القضية سريعاً باتجاه ديوان المظالم، وفي الوقت نفسه صدر قرار إعفائي من العمل من مكتب الوزير بعد أكثر من 10 أعوام من الخدمة بإخلاص، وإعادتي إلى إدارة أخرى بعيدة كنت أعمل فيها قبل أن يستقطبني الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- إبان توليه الحقيبة الوزارية للعمل".
ويختم حديثه قائلاً: "أتمنى أن تتدخل هيئة مكافحة الفساد في القضية وتحقق فيها إن كانت تريد بالفعل تنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي منحهم كل الصلاحيات لضبط ممارسي الفساد في الدوائر الحكومية والخاصة، ومستعد للكشف عن كل الملفات التي تخص القضية من بدايتها وحتى الآن، بعد أن تم استبعادي وترقية المدير العام لمنصب أفضل من السابق".