مع مرور الوقت ربما تتغير عادات البشر من رؤية الأفضل ومكافحة السيئ إلى السعي لكل ما هو رديء وقبيح، حتى في الشوارع التي أضحت بعض جدرانها مكاناً لكتابة عبارات مسيئة ورسومات غير أخلاقية، وهو ما يظهر جلياً خلال هذه الأيام. وبعد أن ظلت "كباري" الطرق في حقبة زمنية ماضية ملاذاً يقصده المسافرون للاستظلال بها، وأخذ قسط من الراحة في رحلاتهم بين المدن، تحولت اليوم إلى مجمع للقاذورات، ومكباً للنفايات، وكتابة الذكريات والعبارات غير الأخلاقية، بل أصبحت تُستخدم لقضاء الحاجة في بعض الأحيان!
ومن منبع مسؤوليتها المجتمعية التي أخذتها على عاتقها، استطلعت "سبق" آراء بعض كبار السن حول استعانتهم أثناء سفرهم في وقت مضى بكباري الطرق، وكيف حالها الآن، وكيف هي الحلول من وجهة نظرهم.
نظافة التسعينيات في البداية يروي أحد كبار السن ل"سبق" الاختلاف فيقول إنه "في أواخر التسعينيات وبداية 1400 ه لم تكن الاستراحات أو الشقق المفروشة على الطرق الطويلة متوافرة كما هي الآن، كما أن معظم المسافرين كانوا لا يقصدون الاستراحات مع قلتها لأسباب مختلفة.. وأثناء سفرنا من مدينة إلى مدينة كان بعضنا يقصد كباري الطرق كمحطة رئيسة للوقوف بها للاستراحة وإعداد الطعام، ومن ثم إكمال المسير".
وتابع "عند الانتهاء من إعداد الطعام نقوم بتجميع بقاياه ثم التخلص منه بعيداً عن الكباري؛ لأننا كنا نتوقع وصول أحد غيرنا للاستراحة أيضاً؛ ما يدفعنا لتنظيفها كما كانت عليه في السابق". مشيراً إلى أن السيارات في ذلك الوقت كانت قليلة جداً مقارنة باليوم.
احترام الغير أما أبو سعود العنزي فيقول: حينما كنا نقصد أحد الكباري في السابق فإننا كنا لا نجد سوى مكان النار؛ إذ نقوم بإشعال النار في المكان ذاته لطهي الطعام، ولا نجد أي مخلفات أخرى أو كتابات غير لائقة كما هي عليه اليوم من أمور يعف اللسان عن ذكرها.
وتابع: الأجيال تغيرت، والناس لم تعد تهتم بنظافة ما هو أمام منزلها، فما بالك بكباري الطرق؟! الفرد في السابق كان يحترم من لا يعرفه. فمثلاً، أنتم تتحدثون عن حال كباري الطرق وأنا أقول كنا لا نترك شيئاً احتراماً لمن يأتي بعدنا، ونحن في الأصل لا نعرف من يأتي بعدنا. وهذا حالنا في أي موقع حتى لو كان ظل شجرة. أما الآن فشاهد الحدائق العامة بعد خروج الناس منها، كيف هي مع توافر براميل لرمي النفايات؟!
واجب أسري وقال المواطن سليمان الجهني: لا تقتصر وجود النفايات تحت كباري الطرق فحسب، بل الآن أصبحنا نشاهد القاذورات تحت أشجار "الطلح" على الطرق بين المدن من بقايا بعض قاصديها مع الأسف؛ ولا يمكنك أن تستريح فيها فضلاً عن أن تقوم بإعداد الطعام تحتها.
وأجمعوا على أن واجب الآباء والمعلمين والمربين كبير نحو أبنائهم وطلابهم في إعداد جيل يهتم بالنظافة العامة، سواء تحت كباري الطرق أو الأشجار أو الحدائق العامة أو غيرها.