حذر إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم، من خطورة داء "التّلاوُم" الذي ينشأ بعد كل فشل أو خسارةٍ أو محنةٍ لتغطية الفشل والهروب من الاعتراف بالخطأ والندم عليه، معللاً خطورته بأنه يُضيع الشعور بالمسئولية، فهو صورة من الانكار السلبية وجزء من الأنانية والاثرة، وهو بديل الاعتراف بالخطأ والندم عليه؛ حيث لم يأت التلاوم في كتاب الله محموداً، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف ما يقف ضد تقدم هذا الداء بقوله: "كل ابن آدم خطاء، وخير الخطَّائين التوّابون"، مفرقاً بين اللوم الذي يكون من جهة الناصح للمخطئ والتَّلاوُمُ الذى يلقي فيه المخطئون باللوم كلاً على الآخر وهنا يحدث التّعامي عن التصحيح. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام إن أعظم نصر للعدو هو أن يرى خصومه في حالة يرثى لها من سُخْر"التَّلاوُمُ" الذي يفك ويقضي على عرى التلاحم في المجتمع الواحد، فتقع شماتته على صرخات تلاومهم حتى ينتشي، داعياً عقلاء المجتمات لاتقاء هذه الخَصْلة الذميمة التي تُعمي وتصم، لأنها تساهم في اتساع هُوّة الخلاف حتى تصل إلى درجة التّخوين في الدِين والأمانة والخُلُق.
وأضاف الشريم قائلاً: "ظاهرة "التَّلاوُمُ" لم تكن في أسلافنا لبعدهم عن الانانية والمكابرة والكبر فقلوبهم كانت متواضعة ونفوسهم صافية والشعور بالتقصير ديْدين كل واحد منهم وتقديم المصالح العامة أولى من المصالح الخاصة؛ حيث كان همهم التماس رضى الله عز وجل، فأصلح الله حالهم وأخرجهم من كل معضلة كما تخرج الشعرة من العجين، فكانوا يتوبون إذا أخطأوا ويشكرون إذا أصابوا، مستدركًا بالقول: لكننا قد خالفنا نهجهم فصدق فينا قول ابن مسعود رضي الله عنه: "يأتي على النَّاسِ زَمَانٌ أَفْضَلُ أَعْمَالِهِمْ بَيْنَهُمُ التَّلاوُمُ".