حمّل أستاذ علم النفس بجامعة شقراء الدكتور غرم الله بن عبدالرزاق الغامدي، الآباء جزءاً من مسؤولية عقوق أبنائهم؛ مبدياً أسفه من تنامي وتزايد حالات العقوق، الغريبة على سلوك المجتمعات الإسلامية عموماً والمجتمع السعودي بشكل خاص، ولفت إلى ما نقلته "سبق" من حالات سُجلت خلال شهر رمضان المبارك برغم روحانيته. وقال "الغامدي" ل"سبق": "حينما نتحدث حول قضية تَمَسّ أخلاق وقِيَم مجتمع؛ وخاصة مجتمعاتنا الإسلامية التي تعتمد على مصدر رباني في تشكيل أُطُر أخلاقية وقيم فكرية تحدد سلوك أفرادها؛ فإنه من الصعب بمكان غض الطرف عن هذا التحول السريع في عصرنا الحاضر؛ سواء على المستوى المادي أو المعنوي، على مستوى الأفكار أو السلوك الملاحظ".
وأضاف "الغامدي": "ومن ذلك التحول، ما بدا يطفو على السطح مؤخراً من كثرة تسجيل حالات العقوق؛ بل والمؤسف ما تم تسجيله خلال شهر رمضان المبارك برغم روحانيته وفضله، وهذه إشكالية لا نستطيع حصرها في زاويه فكرية أو سلوكية واحدة؛ سواء على مستوى التشخيص أو العلاج".
وتابع "الغامدي": "من المؤكد أن التعاطي مع حالة الابن العاق -كحالة بحثية- في عصرنا هذا يختلف عنه في زمن سابق؛ سواء من حيث أسباب العقوق وأعراضه أو حتى أساليب الإرشاد والعلاج؛ فنحن لا نختلف على السلوك غير السوي الذي يمارسه العاقّ؛ ولكن لا بد أن نملك شجاعة الاعتراف بأن العقوق كسلوك غير سوي هو محصّلة لمجموعة متداخلة من العوامل والأسباب".
وعَدّد "الغامدي" بعض الأسباب المؤدية لعقوق الأبناء، ولعل أبرزها: تراجع الدور الإنساني في التعامل ليس فقط بين فئات المجتمع المختلفة؛ ولكن حتى بين أفراد الأسرة الواحدة، وعندما صمت المجتمع كأفراد وكمؤسسات تربوية عن ذلك؛ ظهر العنف بأبشع صوره، إلى درجة أننا بِتنا نسمع أن الوالد قد يقتل ضرباً أحد أفراد أسرته، أو أن الولد قد يضرب أمه وأباه دون أن يشعر بتأنيب الضمير، بالإضافة إلى بعض العوامل الأخرى: كالتفكك الأسري، والطلاق، والتعامل بشكل غير عادل في تربية الأبناء، والأهم من ذلك نموذج القدوة غير الإيجابي الذي يرى الأبناء من خلاله طريقة معاملة الأجداد من قِبَل آبائهم.
وأكد "الغامدي" على أهمية الجانب الديني في تناول عقوق الوالدين أسباباً وعلاجاً؛ ولكن ليس فقط بإبراز الجانب المعرفي من خلال سرد الآيات والأحاديث ترغيباً وترهيباً؛ بل مع التركيز على الجانب العملي السلوكي المتمثل في أساليب التنشئة الأسرية وتعزيز الجوانب الإيجابية عند الطفل، وكف الجوانب السلبية بشتى سبل تعديل السلوك.
ونبه "الغامدي" الآباء لأهمية نموذج القدوة التعلمي، الذي يكتسبه الطفل من خلال تعامل والديْه مع الجد والجدة سلباً أو إيجاباً، وأهمية التعامل مع الأبناء بأسلوب نبوي وعصري، بفتح باب الحوار والنقاش لكل الأمور التربوية والسلوكية المراد غرسها في أذهانهم؛ فإذا اقتنعوا بها على مستوى الفكر، أصبح من السهولة رؤيتها على مستوى السلوك.
يُذكر أن الدكتور "الغامدي" حاصل على درجة الدكتوراه في علم النفس بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، وشارك مؤخراً بورقة علمية في مؤتمر أسلمة العلاج والصحة النفسية المقام بباندونج 2014، وله بحثان منشوران في مجلتين عربية ومحلية، وعديد من المحاضرات العلمية في عدة مجالات، ويشغل حالياً منصب المشرف العام على برامج السنه التحضيرية بجامعة شقراء، وتنفيذ استراتيجية التشغيل الذاتي في العمادة.