سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأحمد: مخالفات شرعية وأخطاء كبرى في تصريحات العيسى عن الأنظمة القضائية اعتبر أن نظر لجنة المخالفات الصحفية في الدعاوى الجنائية يتعارض مع استقلال القضاء
قال عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام، فضيلة الشيخ الدكتور يوسف الأحمد، إن تصريحات وزير العدل، الدكتور محمد العيسى، عن الأنظمة القضائية وبخاصة فيما يتعلق بالقضايا الإعلامية ومحاسبة الإعلاميين احتوت على مخالفات شرعية، وأخطاء كبرى في فهم نظام القضاء والأوامر الملكية. وأكد الأحمد، في رد تضمن اثني عشر بنداً، أن تصريحات وزير العدل بها مخالفات، وأن مآل ذلك إضعاف العدالة وإضعاف سيادة القضاء واستقلاله. وتساءل الأحمد: ماذا سيكون الموقف إذا قبل المدعي في قضية توجب إقامة حد القذف على المدعى عليه، بقرار وزارة الثقافة والإعلام بتغريم الصحفي فقط؟ ألا يعدُّ ذلك حكماً بغير الشريعة الإسلامية التي هي مرجع الأحكام الشرعية في المملكة، وهو المنصوص عليه صراحة في النظام الأساسي للحكم؟ كما أكد الأحمد في بند آخر أن حجب الدعاوى الجنائية إذا كانت مادتها في وسيلة إعلامية عن المحكمة العامة أو الجزائية ونقلها إلى لجنة النظر في المخالفات الصحفية يتعارض مع استقلال السلطة القضائية، مستنداً في ذلك إلى المادة السابعة من النظام الأساسي للحكم: "يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله". وقال الأحمد إن أي تعد على العقيدة أو الأخلاق الإسلامية أو اعتداء على أحد بقذف ونحوه مما يستدعي عقاباً شرعياً من جلد أو سجن حسب نوع التعدي، فهذا من أعمال المحاكم العامة أو الجزئية، وصرف ذلك عن القضاء الشرعي أمر لا يسوغ شرعاً وله عواقب خطيرة على تلاحم المجتمع المسلم، إذ إن عقوبات مهمة قد تؤول إلى القتل أو الجلد أو السجن الطويل يتعين أن يكون النظر فيها إلى القضاء الذي فيه إصدار الأحكام الشرعية على من تعدى حدود الله وانتهك محارمه.
وجاء بيان الرد الذي حصلت"سبق" على نسخة منه كالتالي:
من يحاكم الإعلاميين يا وزير العدل؟ اطلعت على تصريح وزير العدل معالي الدكتور: محمد العيسى، والمنشور في صحيفة الرياض في عددها 15288 الإثنين 19/5/1431ه. والمتضمن أن المحاكم العامة والجزائية ليس لها النظر في أي دعوى قضائية إذا كانت ذات طابع إعلامي أو ثقافي أو إلكتروني، ويعم ذلك القضايا الجنائية، وقبل مناقشة ما ذكره الوزير أورد أولاً أهم ما جاء في تصريحه:"كما أوضح الوزير أن الأوامر والتعليمات الموجهة للوزارة، آخرها الأمر الملكي المؤرخ في 7/11/1430ه، قضت بعدم نظر محاكمها في أي من القضايا ذات الطابع الإعلامي أو الثقافي، ويدخل في مشمول الأمر عموم مصادر المادة الثقافية والإعلامية، وكذا المواد الثقافية والإعلامية الإلكترونية، وأن النظر فيها من اختصاص اللجنة المختصة بوزارة الثقافة والإعلام. مضيفاً أن اللجنة الإعلامية ليست لجنة قضائية، وإنما هي لجنة مختصة بالنظر في هذه التظلمات أشبه بجهة تظلم وجوبي، وما تصدره يعتبر قراراً إدارياً يجوز الطعن عليه أمام المحاكم الإدارية، وهي إما تلغي القرار، محمولاً على أسباب الإلغاء التي يتعين على اللجنة معاودة إصداره في ضوئها، وإما أن ترفض دعوى الإلغاء، لصحة القرار، وعليه فلا فراغ قضائياً في الموضوع - كما يتصوره البعض -، بل إن الموضوع برمته عائد للنظر القضائي.. ولا مراءَ في أن أيّ مادة إلكترونية تأخذ الوصف الإعلامي أو الثقافي بما في ذلك ما ينشر في منتديات الشبكة الإلكترونية تدخل في عموم الأمر الملكي الذي رتب النظر في قضاياها"ا.ه. تضمن تصريح معالي الوزير - وفقه الله - هنا مخالفات شرعية، وأخطاء كبرى في فهم نظام القضاء والأوامر الملكية، ومآل ذلك إضعاف العدالة وإضعاف سيادة القضاء واستقلاله، ويمكن توضيح ذلك من اثني عشر وجهاً: أولاً : من سب الله تعالى أو رسوله، صلى الله عليه وسلم، أو استهزأ بشيء من الدين، أو قذف آخر بالزنا، أو اعتدى على أحد من الناس بالسب أو الشتم، أو اتهمه بالتكفير أو التشدد، أو قام بالتحريض على الإرهاب المحرم من خلال صحيفة ورقية أو إلكترونية أو شريط صوتي بثه في الإنترنت .. فالدعاوى هنا لإقامة حد الردة، أو حد القذف، أو طلب التعزير، ولجنة النظر في المخالفات الصحفية ليس لها حق النظر في إثبات ردة المتهم، أو استتابته، أو إقامة حد الردة عليه، وليس لها حق النظر في ثبوت القذف، ولا في إقامة حد القذف عليه، وكذا الأمر في سائر القضايا الجنائية والإرهاب، والمدعي العام لا يتقدم بدعواه فيما ذكر إلى اللجنة الإعلامية، وليس هذا كله أيضاً من اختصاص المحاكم الإدارية، فلم يبق إلا أن تكون من اختصاص المحكمة العامة أو الجزائية، وإلا آل الأمر إلى وجود الفراغ القضائي، وتعطيل الحدود والتعازير، وضعف العدالة وشيوع الفوضى إذا كانت مادة الجناية في وسيلة إعلامية أو إلكترونية أو ثقافية. ثانياً: جاء في كلام الوزير عن اللجنة الإعلامية:" وما تصدره يعتبر قراراً إدارياً يجوز الطعن عليه أمام المحاكم الإدارية" ا.ه. لو أن المدعي في قضية توجب إقامة حد القذف على المدعى عليه، وقبل المدعي بقرار وزارة الثقافة والإعلام بتغريم الصحفي فقط، ألا يعتبر ذلك حكماً بغير الشريعة الإسلامية؛ التي هي مرجع الأحكام الشرعية في المملكة، وهو المنصوص عليه صراحة في النظام الأساسي للحكم؟ وعليه فيكون هذا القرار قراراً غير شرعي وغير نظامي في الوقت نفسه. ثالثاً : جاء في تصريح معالي الوزير:" ولا مراءَ في أن أيّ مادة إلكترونية تأخذ الوصف الإعلامي أو الثقافي بما في ذلك ما ينشر في منتديات الشبكة الإلكترونية" ا.ه. فقوله "أي مادة إلكترونية" تعم الجوال والكمبيوتر؛ فلو أن رجلاً طلق امرأته ثلاثاً في مجلس واحد كتابة في رسالة جوال أو عبر المسنجر، ثم حصلت الخصومة بينهما هل هو طلاق رجعي أم بائن؟ فالدعوى قطعاً تقدم إلى المحكمة العامة وليس إلى "لجنة النظر في المخالفات الصحفية". لكن مقتضى تصريح الوزير أن صاحب الاختصاص هو اللجنة الإعلامية. وقد رجعت إلى جميع الأوامر الملكية الصادرة بهذا الشأن ومنها ما أشار إليه الوزير، ولم يرد في شيء منها ذكر المواد الإلكترونية، وهذا يؤكد خطأ معالي وزير العدل في فهمه للأمر الملكي. رابعاً : جاء في المادة السابعة من النظام الأساسي للحكم:"يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة". وجاء في المادة السادسة والأربعين منه: "القضاء سلطة مستقلة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية" ا.ه. وحجب الدعاوى الجنائية إذا كانت مادتها في وسيلة إعلامية عن المحكمة العامة أو الجزائية ونقلها إلى لجنة النظر في المخالفات الصحفية يتعارض مع استقلال السلطة القضائية. خامساً : جاء في المادة السابعة والأربعين من النظام الأساسي للحكم: "حق التقاضي مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة، ويُبين النظام الإجراءات اللازمة لذلك" ا.ه. ومنع التقاضي إلى المحكمة العامة أو الجزائية ضد الجناة الإعلاميين إذا كانت جنايتهم في وسيلة إعلامية قادح صريح في حق التقاضي بالتساوي الذي نصت عليه هذه المادة. سادساً : جاء في المادة الثامنة والأربعين من النظام الأساسي للحكم: " تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية، وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة" ا.ه. فلو سلمنا جدلاً بصدور أمر ملكي يمنع الحكم بالشريعة في مسائل الحدود كحد الردة والقذف إذا كانت مادتها في وسيلة إعلامية، والانتقال بها إلى حكم وضعي بالتغريم المادي من خلال اللجنة الإعلامية. فالواجب على جهة الاختصاص أن تبين ذلك لولي الأمر بأن أمره يتعارض مع الكتاب والسنة، لأن نفاذ أمر ولي الأمر مشروط في الشرع وبنص هذا النظام ألا يعارض الكتاب والسنة. سابعاً : جاء في المادة التاسعة والأربعين من النظام الأساسي للحكم: "مع مراعاة ما ورد في المادة الثالثة والخمسين من هذا النظام، تختص المحاكم في الفصل في جميع المنازعات والجرائم". وهذا نص المادة الثالثة والخمسين : "يبين النظام ترتيب ديوان المظالم واختصاصاته" ا.ه. ومنع المحاكم من الفصل في الجرائم إذا كانت مادتها في وسيلة إعلامية أو إلكترونية أو ثقافية طعن صريح في هذه المادة. ثامناً : جاء في المادة الخامسة والعشرين من الفصل الخامس (ولاية المحاكم) من نظام القضاء الصادر عام 1428ه ما نصه: "دون إخلال بما يقضي به نظام ديوان المظالم، تختص المحاكم بالفصل في جميع القضايا، وفق قواعد اختصاص المحاكم المبينة في نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية"ا.ه. نص المادة هنا صريح بأن المحاكم تختص بالفصل في جميع القضايا، ولم تستثن القضايا إذا كانت مادتها في وسيلة إعلامية أو إلكترونية أو ثقافية. تاسعاً : جاء في القسم الأول من آلية العمل التنفيذية لنظامي القضاء وديوان المظالم ما نصه :" تاسعاً : اللجان شبه القضائية وما في حكمها.. مع عدم الإخلال باختصاصات اللجان المستثناة المنصوص عليها في الفقرة (2) من القسم الثالث (أحكام عامة) من هذه الآلية تنقل إلى القضاء العام - بعد تعديل نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية وصدور نظام المرافعات أمام ديوان المظالم والعمل بموجبه- اختصاصات اللجان شبه القضائية التي تنظر في قضايا جزائية أو منازعات تجارية أو مدنية، وتتولى اللجنة المشكلة في هيئة الخبراء- خلال مدة لا تتجاوز سنة من تاريخ نفاذ نظام القضاء - مراجعة الأنظمة التي تأثرت بذلك، واقتراح تعديلها وفقاً للإجراءات النظامية اللازمة لذلك، كما تتولى دراسة وضع اللجان شبه القضائية التي تنظر في منازعات إدارية وتكون قراراتها قابلة للتظلم أمام ديوان المظالم واقتراح ما تراه في شأنها"ا.ه. فالنظام هنا صريح جداً بنقل اختصاصات اللجان شبه القضائية وما في حكمها إلى القضاء العام، والمستثنى ثلاث لجان فقط ليس منها لجنة النظر في المخالفات الصحفية. عاشراً: جاء في نظام الإجراءات الجزائية الصادر في 28/7/1422ه في الفصل الأول من الباب الخامس. المادة الثامنة والعشرون بعد المائة ونصها: "تختص المحكمة الجزائية بالفصل في قضايا التعزيرات، إلا بما يستثنى بنظام، وفي الحدود التي لا إتلاف فيها، وأروش الجنايات التي لا تزيد على ثلث الدية"اه. ولم يرد أي نظام يستثني الإعلاميين من مثولهم أمام القضاء في المحكمة الجزائية، ولم يستثن أيضاً أي قضية ذات طابع إعلامي أو ثقافي أو إلكتروني ما دام أنها دعوى جنائية توجب حداً أو تعزيراً، بل إن نظام القضاء الجديد تضمن إلغاء اللجان شبه القضائية وما في حكمها ولم يستثن إلا ثلاث لجان تعمل بصفة مؤقتة ليس منها اللجنة الإعلامية كما سبق ذكره. وقد أصدر وزير العدل السابق تعميماً يؤكد هذا الفهم برقم (13/ت/2207 في 17/3/1424ه) ونصه: "إلحاقاً لتعميمنا رقم 13/ت/2071 وتاريخ 5/9/1423ه بشأن نظر المحاكم للشكاوى التي تتعلق بما ينشر في الصحف والمجلات، ونظراً لورود بعض الاستفسارات عن مدلول هذا التعميم من بعض محاكم المملكة. نرغب إليكم الاطلاع والعمل على أن ذلك مقيد بما لا يتعارض مع مواد نظامي المرافعات والإجراءات الجزائية المقررة للاختصاص الولائي في نظر الدعاوى. والله يحفظكم.. وزير العدل عبدالله بن محمد آل الشيخ"اه.
حادي عشر: جاء في نظام المطبوعات الصادر بالمرسوم الملكي في 3/9/1421ه :"المادة الثالثة والثلاثون: 1- رئيس تحرير الصحيفة أو من يقوم مقامه في حالة غيابه، مسؤول عمّا ينشر فيها. 2- مع عدم الإخلال بمسؤولية رئيس التحرير أو من يقوم مقامه يكون كاتب النص مسؤولاً عما يرد فيه. المادة الخامسة والثلاثون: على كل صحيفة نسبت إلى الغير تصريحاً غير صحيح، أو نشرت خبراً خاطئاً أن تصحح ذلك بنشره مجاناً، بناءً على طلب صاحب الشأن في أول عدد يصدر بعد طلب التصحيح، ويكون ذلك في المكان الذي سبق أن نُشِر الخبر أو التصريح فيه أو في مكان بارز منها، ولمن أصابه ضرر حق المطالبة بالتعويض. المادة السابعة والثلاثون: تنظر في المخالفات لأحكام هذا النظام لجنة تُشكل بقرار من الوزير برئاسة وكيل الوزارة المختص لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة يكون أحدهم مستشاراً قانونياً، وتصدر قراراتها بالأغلبية بعد دعوة المخالف أو من يمثله، وسماع أقواله، ويجوز لها دعوة من ترى الاستماع إلى أقواله، كما يجوز لها الاستعانة بمن تراه، ولا تصبح قرارات اللجنة معتمدة إلا بعد موافقة الوزير عليها. المادة الثامنة والثلاثون: مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها نظام آخر، يعاقب كل من يُخالف حكماً من أحكام هذا النظام بغرامة مالية لا تتجاوز خمسين ألف ريال أو بإغلاق محله أو مؤسسته مدة لا تتجاوز شهرين أو بإغلاق محله أو مؤسسته نهائياً، ويصدر بالعُقوبة قرار من الوزير بناءً على اقتراح اللجنة المنصوص عليها في المادة السابعة والثلاثين من هذا النظام. المادة الأربعون: يحق لمن يصدر بشأنه عقوبة بمقتضى أحكام هذا النظام، التظلم أمام ديوان المظالم، وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار الصادر بذلك"اه. نص النظام هنا في المادة (37) على أن اللجنة تنظر في مخالفات النظام فقط، وهذا لا يعني أنها تنظر في الدعاوى الجنائية مطلقاً، ويؤكد هذا أربعة مؤكدات: المؤكد الأول: أن النظام نص على أن عقوبات اللجنة محددة بثلاث عقوبات فقط: الغرامة المالية وبإغلاق المحل أو المؤسسة، وليس منها إقامة الحد أو السجن أو غير ذلك. المؤكد الثاني: الغرامة المالية المحددة هي فقط في مقابل المخالفة لنظام المطبوعات وليس لحق المدعي الخاص، ولذلك فإن الغرامة المالية هنا تذهب للمال العام فقط وليس للمدعي. المؤكد الثالث: جاء في نهاية المادة (36) ما نصه: " ولمن أصابه ضرر حق المطالبة بالتعويض" وهذه إشارة واضحة إلى أن المطالبة بالحق الخاص ليس إليها، لأن التعويض ليس من العقوبات الثلاث المنصوص عليها في المادة نفسها. المؤكد الرابع: ما جاء في المادة الأربعين من أن صاحب الحق في التظلم من قرار العقوبة أمام ديوان المظالم إنما هو من صدر بشأنه العقوبة فقط ولم يرد هذا الحق للمدعي، لأن اللجنة تنظر في مخالفة نظام المطبوعات وليس من شأنها النظر في الدعاوى والخصومات.
ثاني عشر: صدر قرار من مجلس القضاء الأعلى، وتعميم من وزير العدل السابق (رقم13/ت/2523 في 2/9/1425ه) يردان بالنص الصريح على ما ذكره وزير العدل، وهذا نص التعميم: "تعميم قضائي على كافة الجهات التابعة للوزارة .. فإلحاقاً لتعميمنا رقم 13/ت/2207 وتاريخ 17/3/1424ه، بشأن نظر المحاكم للشكاوى التي تتعلق بما ينشر في الصحف والمجلات، وأن ذلك مقيَّد بما لا يتعارض مع مواد نظامي المرافعات والإجراءات الجزائية المقررة للاختصاص الولائي في نظر الدعاوى ...إلخ. عليه فقد تلقينا كتاب معالي رئيس مجلس القضاء الأعلى برقم 1713/1 وتاريخ 2/7/1425ه، المتعلق بتقديم بعض الأشخاص إلى المحاكم بشكاوى تتعلق بما ينشر في الصحف والمجلات المحلية واستقبال مثل هذه الشكاوى من قبل القضاة ... وأنه جرى عرض الموضوع على مجلس القضاء الأعلى بهيئته العامة في دورته التاسعة والخمسين، وصدر بذلك القرار رقم 290/59 بتاريخ 18/6/1425ه، وقد رأى المجلس ما يلي: أولاً: ما كان من تعدٍ على العقيدة أو الأخلاق الإسلامية أو تنقص للقرآن والسنة أو شريعة الإسلام أو اعتداء على أحد بقذف ونحوه مما يستدعي عقاباً شرعياً من جلد أو سجن حسب نوع التعدي، فهذا من أعمال المحاكم العامة أو الجزئية، وصرف ذلك عن القضاء الشرعي أمر لا يسوغ شرعاً وله عواقب خطيرة على تلاحم المجتمع المسلم، إذ إن عقوبات مهمة قد تؤول إلى القتل أو الجلد أو السجن الطويل يتعين أن يكون النظر فيها إلى القضاء الذي فيه إصدار الأحكام الشرعية على من تعدى حدود الله وانتهك محارمه. ثانياً: ما كان من مخالفات صحفية من حقوق نشر أو اعتداء على فكرة لأحد وسلبها أو ادعاها من آخر لغيره وأمثال ذلك من المخالفات الإدارية أو الفنية، فذلك له وضعه الخاص في نظام المطبوعات، إذ إن ذلك لا يقتضي إصدار حكم شرعي بعقاب. ثالثاً: لا يسوغ للمحاكم العامة أو الجزئية إذا قدم لها قضايا ذات أثر في القيم والأخلاق والعقيدة بسبب جريمة تستدعي عقاباً شرعياً أن تحيلها المحاكم إلى جهة أخرى نظامية لتتولى النظر فيها "والله يحفظكم ،،، وزير العدل عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ"اه . فالقرار هنا والتعميم في غاية القوة والصراحة وقد صدر من السلطة القضائية نفسها. وأخيراً: فهذا رد شرعي ونظامي على ما ذكره معالي وزير العدل، ولو سلمنا بصدور أمر ملكي يتعارض مع أنظمة الدولة فإن الواجب على الوزير توضيح الحق لولي الأمر الذي أمر الجميع في يوم البيعة بنصحه، ولا عذر للقضاة بالامتناع عن النظر في هذا النوع من القضايا أو الحكم بعدم الاختصاص، فالحق واضح وضوح الشمس ولا يجوز العدول عنه، والعدول عنه والحالة هذه محرم شرعاً لما فيه من تعطيل العدالة، وإضعاف سيادة الشريعة على القضاء، إضافة إلى المخالفة الصريحة للأنظمة المشار إليها. منتظراً من معالي وزير العدل الدكتور محمد العيسى، وفقه الله تعالى، توضيح الحق لعموم الناس أو الرد العلمي على ما ذكر إن لم يقنع به، وبالله التوفيق. قاله وكتبه: د. يوسف بن عبدالله الأحمد عضو هيئة التدريس في قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام بالرياض