تتجه الأنظار اليوم إلى استاد "ناسيول مانيه غارينشا" في برازيليا، الذي يحتضن قمة نارية بين المنتخبين الأرجنتيني والبلجيكي لكرة القدم، ضمن الدور ربع النهائي لمونديال 2014 في البرازيل. وتسعى الأرجنتين إلى فك عقدة الإقصاء من الدور ربع النهائي التي لازَمَتْها في النسختين الأخيرتين عاميْ 2006 و2010، وفي المرتين أمام ألمانيا بركلات الترجيح (1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي)، وبرباعية نظيفة على التوالي؛ فيما تُمَنّي بلجيكا النفْس بِرَدّ ديْن 1986 عندما بلغت ربع النهائي للمرة الأولى والأخيرة قبل أن تخرج من دور الأربعة في أفضل إنجاز لجيلها الذهبي بقيادة: "أنزو شيفو"، و"جان ماري بفاف"، و"يان كولمانس"، و"إريك غيريتس" في العرس العالمي، وبخسارة أمام الأرجنتين بالذات بهدفين رائعين للأسطورة "دييغو أرماندو مارادونا" قبل 28 عاماً.
ويعيد التاريخ نفسه في النسخة الحالية؛ لأن الجيل الذهبي الحالي لبلجيكا بقيادة "ادين هازارد" سيواجه الأرجنتين بخليفة الأسطورة "مارادونا" "العبقري" ليونيل ميسي، الذي تدين له الألبيسيليستي بالتأهل إلى دور الثمانية؛ خاصة تمريرته الحاسمة ل"إنخل دي ماريا"، التي سجّل منها هدف الفوز على سويسرا، في الوقت الإضافي من مواجهتهما في الدور الثاني.
وستكون مباراة اليوم أول اختبار حقيقي للأرجنتين في البطولة؛ كونها لم تواجه منتخبات من العيار الثقيل حتى الآن، وعلى الرغم من ذلك عانت الأَمَرّين لتخطيها بتحقيقها انتصارات بشِقّ النفس على البوسنة (2-1)، وإيران (1- صفر) ونيجيريا (3-2) في الدور الأول، ثم سويسرا (1- صفر بعد التمديد) في ثمن النهائي.
وتُدرك الأرجنتين الساعية إلى اللقب العالمي الثالث بعد عامي 1978 و1986 جيداً، أن مهمتها أمام بلجيكا لن تكون سهلة بعد العرض الرائع لرجال المدرب "مارك فيلموتس" أمام الولاياتالمتحدة في ثمن النهائي؛ حيث خَلَقُوا فرصاً كثيرة، وسددوا 36 مرة على مرمى الحارس "تيم هاوارد".
والأكيد أن مدربها "أليخاندرو سابيلا" سيُعِدّ العُدة لتلميع صورة المنتخب الأرجنتيني بعد الانتقادات الكثيرة التي طالته في المباراة الأخيرة أمام سويسرا؛ وذلك لتفادي الخروج المبكر؛ واضعاً في حسبانه عبقرية "بعوضته" ميسي، القادر على قلب نتيجة المباراة في أي لحظة، وهو ما أكده أكثر من مرة في النسخة الحالية التي تَحَرّر فيها من الضغوطات وهز الشباك 4 مرات؛ خلافاً لمشاركتيْه في النسختين السابقتين؛ حيث اكتفى بهدف واحد في نسخة ألمانيا 2006.
لكن "سابيلا" لا يرى أن منتخبه "سيئ" في النسخة الحالية، وقال: "دائماً ما أقوم بنقد ذاتي؛ ليس هناك انتقادات خاصة تُوَجَّهُ إلى اللاعبين أو الجهاز الفني؛ برغم أنه بإمكاننا التحسن أكثر"؛ مضيفاً: "عموماً، تُقَدّم الأرجنتين عرضاً جماعياً جيداً".
وتملك الأرجنتين رباعياً هجومياً خارقاً يضم: "ميسي، وغونزالو هيغواين، وإنخل دي ماريا، وإيزيكييل لافيتزي، وسيرخيو أغويرو"؛ بَيْدَ أن إصابة الأخير بَعْثَرَت أوراق "سابيلا" الذي كان يعوّل عليه كثيراً، كما أن ابتعاد هيغواين عن مستواه أثّر سلباً على الأداء الهجومي لمنتخب بلاده، وهو ما يعكس صيامه عن التهديف وقلة الأهداف التي سَجَّلَتها الأرجنتين حتى الآن.
وبالتالي يتعين على "سابيلا" تعزيز خطيْ الوسط والدفاع إذا أراد تخطي بلجيكا في سعيه إلى اللقب، ووضع اسمه في الخانة ذاتها لمدربيْ الأرجنتين السابقيْن الشهيريْن "سيزار لويس مينوتي" بطل العالم 1978، و"كارلوس بيلاردو" بطل العالم عام 1986 ووصيف نسخة 1990.
بلجيكا صعبة المراس على الجانب الآخر لن تكون بلجيكا لقمة سائغة، وستدافع عن حظوظها معتمدة على عروضها الرائعة منذ بداية المونديال ومنتشية بردّها ديْناً هو الأقدم في كأس العالم، عندما تغلّبت على الولاياتالمتحدة في ثمن النهائي؛ كون المباراة الأولى بينهما كانت في النسخة الأولى التي أقيمت عام 1930 في الأوروغواي، عندما خرج الأميركان فائزين بثلاثية نظيفة في طريقهم إلى التأهل عن المجموعة الرابعة.
ويحلم أنصار بلجيكا أن يتمكن الجيل الحالي من السير على خطى الجيل الذهبي في الثمانينيات؛ ففي مونديال مكسيكو عام 1986، فاجأ المنتخب البلجيكي العالم بأكمله ببلوغه الدور نصف النهائي، قبل أن يخسر أمام الأرجنتين وبراعة نجمها "مارادونا".
ويأمل البلجيكيون في تعويض الغياب عن البطولات الكبرى منذ 12 عاماً وتحديداً منذ مونديال 2002؛ حيث غابوا أيضاً عن كأس أوروبا 2004 و2008 و2012.
وقال "فيلموتس" مدرب منتخب بلجيكا: "أنصار اللعبة في بلجيكا يعتقدون أننا أفضل من الجيل الذهبي؛ لكن ذلك لا يضمن لنا تحقيق نتائج أفضل".
ويملك "فيلموتس" أكثر من ورقة رابحة في جميع الخطوط؛ في مقدمتها: حارس المرمى الشاب "تيبو كورتوا"، والقائد "فانسان كومباني"، و"دانيال فان بويتن"، و"يان فيرتونغن"، و"هازارد"، و"إكسيل فيتسل"، و"مروان فلايني"، و"كيفن دي بروين"، و"روميلو لوكاكو"، و"كيفين ميرالاس"، و"دريس مرتنز"، والواعد "ديفوك أوريجي".
وأكد "فيلموتس" صعوبة مهمة منتخب بلاده في مباراة اليوم؛ بَيْد أنه أعرب عن ثقته في لاعبيه، وقال: "سنواجه أمة كبيرة في كرة القدم، منتخباً لم يقدم حتى الآن ما هو منتظر منه، ولم يجد حتى الآن التوازن، ستكون مباراة رائعة، وفي جميع الأحوال لسنا خائفين، وإذا شاهدت الأرجنتين مباراتنا أمام الولاياتالمتحدة؛ فإنهم هم من سيخاف بالتأكيد".
وختم: "في الأدوار الإقصائية، لا يجب التفكير كثيراً، يجب أن تنطلق نحو الهجوم من البداية وتقاتل حتى النهاية، هذا هو أسلوب اللعب الذي أعشقه، السيطرة على المجريات، وعدم ترك الوقت للمنتخب المنافس للتنفس؛ ولكن ذلك ليس سهلاً دائماً أمام منتخب يفكر في الدفاع فقط على غرار الولاياتالمتحدة، الأرجنتين ستلعب بطريقة مختلفة، هذا أكيد".