تَحَدّث راصد الأهِلّة الرائي المشهور عبدالله الخضيري، في اللقاء المفتوح المُقام بنادي الحي بمحافظة شقراء، عن بعض الظواهر الفلكية المتعلقة بالهلال؛ مُبيناً بالعرض المرئي أطوار القمر ومنازله، وأشكال الهلال في كل منزلة؛ موضحاً معنى "المحاق" ومدته وكيفية ولادة القمر. كما تطرق لكيفية الترائي وشروطها، إضافة إلى طريقة الترائي، كما بيّن "الخضيري" حقائق ومسلّمات تتعلق بالرؤية والحساب، ثم عرّج على أهم العقبات التي واجهته أثناء الترائي؛ كاشفاً عن أول مرة رأى فيها الهلال وأول مرة سجل شهادته في المحكمة.
وختم اللقاء بتقديم تطبيق عملي عن بعض المعلومات حول النجوم والأفلاك ومواقعها في السماء، ثم تطرق لبعض المعلومات عن "المرصد الفلكي" ب"حوطة سدير".
حضرت "سبق" اللقاء وشاركت في النقاش، ورصدت أهم ما دار من حوار لتنقله لقرائها:
دورات القمر وحركاته بدأ الرائي الخضيري حديثه عن الدورات التي تتعلق بالقمر قائلاً: "من الدورات المختلفة للقمر دورة شهرية وهي قسمان: دورة نجمية ومقدارها 27 يوماً وجزء من الساعة، ودورة اقترانية مقدارها 29 يوماً و12 ساعة و44 دقيقة وثانيتان وثلاثة أرباع الثانية، وهذه الدورة هي التي تهم الرائي، كما أن للقمر حركتان؛ واحدة يومية حيث نراه يسير كبقية الكواكب بسبب دوران الأرض، وحركة شهرية وهي الحركات التراجعية للقمر.
أطوار القمر ثم ذكر أطوار القمر وهي "المحاق"، وتكون عندما يبلغ القمر 28 يوماً و12 ساعة و44 دقيقة وثانيتين وثلاثة أرباع الثانية، ثم "الهلال الجديد"، ويكون من اليوم الأول من بداية الشهر حتى اليوم السابق، ويكون القمر على شكل حرف C مقلوب، ثم "التربيع الأول"، ويكون القمر على شكل D، ويبدأ من اليوم الثامن وحتى اليوم التاسع.
ثم "الأحدب الجديد"، ويبدأ من اليوم العاشر حتى اليوم الثاني عشر. ثم "البدر"، ويكون قمراً كاملاً، ويكون في الأيام من 13 حتى 16. ثم "الأحدب المنتهي"؛ وذلك في اليوم السابع عشر والثامن عشر، ويكون شكله قرصاً دائرياً ناقصاً هلالاً من طرف اليمين.
ثم "التربيع الثاني"، ويبدأ من 21 وحتى 23 أو 24، ويكون على شكل حرف D مقلوب، ثم "الهلال القديم"، ويكون آخر الشهر، ويبدأ من 25 وحتى نهاية الشهر، وهذا الطور هو الذي يُهِمّ الرائي؛ حيث ينبغي له أن يتابعه قبل شروق الشمس بقليل (من جهة المشرق) ويكون على شكل حرف C.
المدة بين المحاق والهلال وذكر أن المدة بين المحاق والهلال هي مدة انفصال القمر عن الخط الوهمي (تعامد الشمس والقمر والأرض على خط وهمي)؛ بحيث إذا كان على الخط الوهمي بين الشمس والأرض يعتبر "محاقاً"، وإذا انفصل عن الخط وكان أقرب للشرق والشمس أقرب للغرب؛ فقد تمت ولادته.
شرط الولادة وقال "الخضيري": "إن أهم شرط لاعتبار الولادة هلالاً شرعياً: أن يستنير جزء القمر المقابل للشمس من الأسفل، ويبقى ذلك الجزء منيراً في الأفق بعد غروب الشمس".
الولادة المرئية وبيّن "أن الولادة يُمكن أن تكون مرئية عندما يحدث كسوف للشمس؛ فعنئذ يتخطى القمر الشمس فتحدث الولادة".
منازل القمر ثم بيّن أن منازل القمر 28 منزلة و12 برجاً موزعة على أربعة فصول لكل 3 بروج 7 منازل، (لكل برج منزلتان وثلث منزلة من منازل القمر).
أشكال الهلال ثم شرح أشكال الهلال؛ حيث قال: "أشكال القمر ثلاثة: "المستوي"، وله عشر منازل هي (الذابح - بلع – السعود – الأخيبة - المقدم - المؤخر- الرشا- الشرطين - البطين)؛ منها 4 منازل يكون فيها الهلال شامياً و4 منازل يكون فيه الهلال سماوياً. و"المنحرف"، وله 12 منزلة وهي: (الثريا - الدبران - الهقعة - الهنعة - الذراع - النثرة - الطرفة - الإكليل - القلب - الشولة - النعايم - البلدة)، و"المنتصب" وله 6 منازل، هي: (الجبهة - الزبرة – الصرفة - العواء - السماك - الغفر- الزبانا).
الأمور التي ينبغي القيام بها قبل الترائي ثم تَطَرّق لأهم الأمور التي ينبغي للمترائي القيام بها قبل ترائي الهلال قائلاً: "على الرائي أن يبدأ رصد الهلال من اليوم ال 25 في نهاية الشهر؛ حيث يقوم برصده ومتابعته من جهة المشرق، من خلال تحديد منزلته وحركته تجاه الشمس؛ وذلك قبل شروقها، ثم يبدأ في تحديد الفارق بين رؤيته كل يوم واليوم السابق له في الزمان والمكان، ومن ثم يقوم برصد الشروق للهلال في آخر يوم من الشهر (يوم 29)، وتقدير المسافة بينه وبين الشمس".
شروط الترائي كما تطرق "الخضيري" إلى شروط الترائي حيث ذكر أن من أهمها: - الاستعداد لدى الشخص بالمتابعة الشهرية لحركة القمر، وحِدّة النظر، ومعرفة منازل القمر، وتمييز لون الهلال عن بقية الأجرام الفلكية التي لها أطوار كالزهرة، والتواجد في منطقة الرصد قبل غروب الشمس بوقت كاف، والاستعانة بأشخاص لتوقيت الزمن، واستخدام الوسائل البصرية، والاستفادة من المتخصصين في العلوم الفلكية لتحديد مكان الهلال.
طريقة الترائي أما طريقة الترائي؛ فَبَيّن "الخضيري" أنها تكون على النحو التالي: "يتواجد الراصد في مكان مرتفع ومستوٍ وبعيد عن مناطق التلوث، والمسافة التي قُدّرت في شروقه يوم 29 تؤخذ في الاعتبار أثناء مغيب الشمس، وتعتبر هي مسافة الهلال عن الشمس لحظة الغروب، ويجب على الراصد معرفة خريطة السماء في لحظة الغروب حتى يتيقن الراصد من الرؤية، وقد يستعين الراصد ببعض البرامج الفلكية التي تحدد موقع القمر "الهلال"، ويستعين الراصد بمعرفة خط سير الكواكب حتى يستطيع تحديد مكان الهلال".
معلومات مهمة عن الهلال والترائي ثم تكلم الرائي "الخضيري" عن معلومات هامة تتعلق بالهلال كان أهمها: الهلال لا يسمى هلالاً بعد اليوم الثالث، الأشهر التامة (30 يوماً) لا يمكن أن تتجاوز 7 أشهر في السنة، ولا يمكن أن يتوالى أكثر من (3) أشهر تامة (30 يوماً)، لا يمكن أن يتوالى أكثر من شهرين ناقصين (29 يوماً)، إذا هَلّ الهلال في شرق الكرة الأرضية لا بد أن "يهل" في جهتها الغربية؛ سواء رُؤِيَ أم لم يُرَ، يمكن أن يَهِلّ الهلال في غرب الكرة الأرضية ولا يلزم أن يَهِلّ في شرق الكرة الأرضية؛ بمعنى قد يبدأ الشهر في جزء الكرة الأرضية جهة المغرب قبل بدايته في جزئها الشرقي، لا يمكن أن يتجاوز الفرق في بداية الشهر في جميع أجزاء الكرة الأرضية عن يوم واحد، يكون للكواكب أطوار كأطوار القمر (هلال - بدر-.... ) ولكن أطوارها صغيرة بالنسبة لحجم أطوار القمر.
أهم الأسئلة المطروحة وَرَدُّ "الخضيري" عليها بعد ذلك أجاب "الخضيري" على أسئلة الحضور والمهتمين والإعلاميين على النحو التالي: وحول سؤال أحد الحضور عن احتجاج بعض الكُتّاب بأن أهل الحساب يستطيعون أن يُحددوا كسوف الشمس والقمر تحديداً دقيقاً يَثبت بالدقيقة والثانية.. فلماذا لا نأخذ بقولهم في حساب ولادة القمر ودخول الأشهر؟
أجاب بقوله: "غروب وشروق الشمس يعتمد على المواقع الجغرافية؛ أما الخسوف والكسوف فخاضع للأجرام السماوية"، ثم قال "لا يمكن لأي فلكي أن يحدد الكسوف والخسوف بالثانية والدقيقة مهما كان، إضافة إلى أن الفلكيين يعتمدون على برنامجيْن فلكييْن: برنامج (منذر) في حلوان، وبرنامج (سكاي) الموجود عندنا وعند كثير من الدول، ولا يمكن لأصحاب البرنامجيْن أن يتفقوا دائماً؛ بينما أصحاب البرنامج الواحد لا يمكن أن يختلفوا أبداً ولو كثروا؛ فنتيجة الحساب بكل برنامج واحدة مهما كَثُر مستخدموها؛ فلا عبرة باتفاق الفلكيين أو إجماعهم إذا كانوا يستخدمون برنامجاً فلكياً من نوع واحد، أما إذا استخدموا برنامجيْن؛ فكثيراً ما يختلفون في الحساب وتحديد الظواهر الفلكية".
ثم أضاف "سأزور -إن شاء الله- هذا العام مرصد "حلوان"؛ لأثبت للناس وأصحح لهم ما أثير من أن الحساب منضبط انضباطاً دقيقاً؛ إذ الشمس لا يستطيع أحد أن يضبط شروقها وغروبها وفق الحساب في كل الأماكن".
ردود سريعة ومعلومات مهمة ثم بيّن "الخضيري" بعض المعلومات حول موضوع الهلال والترائي؛ وذلك خلال إجابته السريعة على أسئلة الحضور حيث قال:
* هلال رمضان لهذا العام -إن شاء الله- سيكون جنوب الشمس بمقدار (5) أقراص (قرص الشمس)؛ وذلك حسب حساباتي الأولية لمنازل القمر خلال اليومين الماضيين.
* أول مرة رأيت فيها الهلال كان عمري 14 عاماً، وكنت دائماً مع أخوالي في الصحراء نشاهد ما لا يشاهده غيرنا، وقد اتسمت الأسرة بِحِدّة النظر وقوة الرؤية؛ حيث يوجد في الأسرة من يرى الهلال؛ ولكن لا يسجل شهادته إلا عند الحاجة.
* أول مرة سجلت شهادتي في المحكمة برؤية الهلال كانت في شهر ذي القعدة من سنة 1404ه، وكان عمري 25 سنة تقريباً.
* حضر بعض الإعلاميين لتغطية الترائي؛ فشاهد بعضهم الهلال معي.
وحول العقبات التي قد واجهها، قال "الخضيري": "نواجه مضايقة من بعض الإعلاميين المتسرعين؛ فأحياناً يضايقنا بعضهم في التصوير؛ فمثلاً العام الماضي صورني أحد الإعلاميين وأنا أوقّع محاضر الشهادة، ونشرها في وسائل التواصل بدون علمنا أو إذننا بذلك، وبعضهم لا يعرف عن أحكام الرؤية شيئاً فتجده ينشر خبر رؤية الهلال للناس فور مشاهدتنا له، وهو لا يعلم أن العبرة باعتماد الرؤية من ولي الأمر بعد عمل المحاضر والإجراءات النظامية من الجهات المختصة..".
وأضاف " من الطرائف المضحكة، أنني كنت جالساً في بيتي أنتظر حضور لجنة الترائي، وإذا برسالة من أحد الوسائل الإعلامية تأتي إلينا عبر الجوال (تَوَجّهنا الآن مع الرائي "الخضيري" ولجنة الترائي إلى المرصد)، وأنا واللجنة في بيتي لم نخرج بعد".
وتابع "وبعد دقائق تأتي رسالة أخرى ونحن في الطريق للمرصد: (لقد شاهد الرائي المشهور "الخضيري" هلال رمضان)؛ وذلك قبل غروب الشمس بربع ساعة!!
- وقال "الخضيري": "إن من العقبات التي واجهتُها خلال مسيرتي في الرصد والترائي، أنني عكفت لأكثر من 5 سنوات على تحديد أبعد شروق للشمس جهة الشمال وأبعد شروق لها جهة الجنوب، وكذا قمت برصد أبعد مسافة لغروب الشمس جهة الشمال وأبعد نقطة لغروبها جهة الجنوب، من خلال وضع علامات في الصحراء، وبعد أن أُثبَتُّ أن الشمس عند شروقها تتجه شمالاً أكثر من اتجاهها جنوباً فيما تتجه جنوباً عند غروبها أبعد من اتجاهها شمالاً، قمت بإحضار بعض العمال لعمل خرسانة "صبة" في الصحراء في المنطقة التي عملت عليها تجاربي، وبعدها قمت برسم تلك التجارب عليها، وبعد عدة أيام تفاجأت بتكسير تلك الخرسانة وضياع جهد 5 سنوات بسبب ادعاء بعض الأشخاص أنها إحداثات وتعديات برغم بُعدها عن القرى والمزارع والمساكن".
المرصد الفلكي ب"حوطة سدير" وتحدّث "الخضيري" عن "المرصد الفلكي" الذي تُشرف عليه جامعة المجمعة قائلاً: "تم تعييني عضواً في اللجنة التأسيسية في المرصد الفلكي التابع لجامعة المجمعة، والذي تم تشييده في "حوطة سدير" بالقرب من كلية العلوم، وقد تم الانتهاء من 90% من المرصد وسيُفتتح قريباً إن شاء الله".
وأوضح أن المرصد يحتوي على تلسكوب (16 بوصة)، وقبة فلكية، ومعرض مزود بالمجسمات، وغرفة لعرض الصور والأفلام، ويحتوي المرصد كذلك على 28 منزلة للقمر؛ منها 14 جنوبية و14 شمالية.
وأضاف: "سبق تعييني عضواً في اللجنة التأسيسية للمرصد، وإبرام عقد بيني وبين معهد الأمير سلمان للاستشارات".
التطبيق العملي وبعد اللقاء، قام "الراصد الخضيري" بتطبيق عملي لرؤية الأجرام السماوية من أفلاك ونجوم بمشاركة الحضور وعدد من المهتمين.