لم يتوقع والد الطفل البرماوي الموهوب، مصعب صديق أمير حمزة، يوماً أن يصبح ابنه حديث الساحتين الإعلاميتين المحلية والعالمية، تفاعلاً مع ما نشرته "سبق" عن حفظه القرآن صغيراً قبل دخوله المدرسة الابتدائية، في تقريرٍ حقق انتشاراً واسعاً، جاوز المليون مشاهدة. واستهوت قصة هذا الطفل الصغير أفئدة كثير من المتابعات والمتابعين، متسائلين عن حياته، وكيفية حفظه القرآن، وما هو سر تميزه عن أقرانه، وكيف يعيش، وأين يعيش؟! والكثير من الأسئلة عن قصةٍ نجحت "سبق" في كشف تفاصيلها المثيرة.
نشأ الطفل الموهوب في حي المواركة، وهو حيٌّ شعبي جبلي من أقدم الأحياء المكية، من عائلةٍ تحوي والده ووالدته وثلاثة من إخوته، يعيشون في بيتٍ متهالك بأعلى الجبل؛ ويقطع "مصعب" أكثر من 400 عتبة يومياً نزولاً وصعوداً إلى مسجد الخليل، الذي يتلقى فيه علوم القرآن.
استقبل والد الطفل مصعب صحيفة "سبق" مرحباً في منزله، بغرفة معيشة لا تتجاوز المترين في ثلاثة أمتار، تفصلها عن غرفة نومه ستارة من القماش، بمنزلٍ يعيش فيه وأسرته آخر أيام عمره الافتراضي، بعد صدور قرارٍ بإزالة الحي المنزل لمصلحة مشروع الدائري الثاني بمكةالمكرمة، بحسب تأكيدات أبناء الحي.
وروى والد الطفل ل"سبق" قصةً ما زالت عالقة بذاكرته قائلاً: "قابلت الشيخ عبدالله المطلق عند طوافي بالكعبة ذات يوم، وعلى كتفي صغيري مصعب، فسألته أن يدعو له، فأجابني، ودعا له، ومسح على رأسه، ولعلها كانت دعوى مقبولة، حلت معها البركة في تضاعف سرعة حفظه كما لاحظت بعد ذلك".
وأضاف: "ما شجعني على مواصلة الجهد مع ابني ما رأيت من رؤيا في المنام قبل سنتين، كأنني أقابل خادم الحرمين الملك عبدالله - حفظه الله وأعاده لأرض السعودية - ورحب داخل الرؤيا بنا، ودعانا لوليمة خاصة، وابني دعا له، والملك أكرمنا بحسن الضيافة".
وتابع والد الطفل: "بدأت تعليم ابني القرآن الكريم مذ كان عمره سنتين، وكانت البداية مع آيات من جزء عم وقصار السور، حتى رأيت قدرته على الحفظ، وكنت في الوقت ذاته أحفظه أوراد الصباح والمساء، وكنت أعقد جلسة كل يوم بعد صلاة الظهر معه ومع أخته وأمهما لأحفظهم القرآن، ونراجع ما حفظنا مع بعض".
وأردف: "كانت البداية الفعلية بشكل جدي بعد أن اكتشفت مَلكة الحفظ عنده، عند بلوغه السنة الثالث والنصف؛ إذ انتقلت إلى تحفيظه قدراً أكبر من المقاطع والسور من كلتا الجهتين، حتى وصلت معه إلى الأحقاف، وانتقلت إلى سورة البقرة، وبدأت أقرأ عليه الصفحة الواحدة سبع إلى ثماني مرات، ولاحظت أنه يعيدها في اليوم الثاني، وهكذا حتى ختم القرآن".
وأكد والد مصعب أن ابنه أتم الحفظ وهو في سن الخامسة قبل دخوله المدرسة، مشيراً إلى أنه لم يكن عند بداية حفظه يعرف الحروف الأبجدية سوى أنه كان يحفظها، ولم يكن يميز بينها، واستغرق سنة كاملة في حفظ القاعدة النورانية للتمييز بين الحروف والآيات، التي ساعدته الآن على أن يقرأ من أي مكان في المصحف، كما يحفظ عدد الآيات ببعض السور.
وأضاف والد مصعب: "مستوى ابني الدراسي ممتاز جداً، وهو كبقية الأطفال يلهو يلعب، إلا أني ووالدته نضبط له أوقات اللعب والمذاكرة وحفظ القرآن؛ إذ ثبتنا جهاز ألعابه في الحائط؛ ليستخدمه واقفاً في وقتٍ ترفيهي قصير، يمل بعده الوقوف دون أن يقضي أغلب يومه في اللهو".
وكشف والد الطفل عن أن زوجته أم مصعب حفظت أيضاً عشرين جزءاً، ثم توقفت، وكذلك أخت الطفل التي تكبره، ذات الأربعة عشر عاماً، تحفظ القرآن كاملاً. مشيراً إلى أنه يتحرى مَواطن وأوقات استجابة الدعاء؛ إذ اعتاد أن يقضي عصر الجمعة أسبوعياً في الحرم للدعاء لعائلته.
وكانت "سبق" قد انفردت بنشر خبر حفظ الطفل البرماوي القرآن الكريم، وكشفت تفاصيل اكتشاف موهبته وتكريمه من قبل مدرسته وجاليته، فيما نقل الخبر عنها العديد من القنوات والصحف ووكالات الأنباء العربية والعالمية، ومن بينها CNN ، التي وصفت المشهد بأنه حالة قد تكون فريدة من نوعها على مستوى السعودية والعالم.