روى الكاتب الصحفي فاضل العماني قصة نجاح الفتاة السعودية العنود الزهراني (23 عاماً) مصممة عقد "دموع جابر" التراثي، والتي فضَّلت أن تترك الجامعة، لتدرس اللغات، وتتقن تصميم المشغولات اليدوية والإكسسوارات والعقود والأساور والصناعات التراثية، وتشارك في الكثير من المعارض والفعاليات، وتتمنى المشاركة في المعارض التراثية الكبرى كالجنادرية وسوق عكاظ، وتمثيل وطنها في المحافل والمشاركات الخارجية، ويؤكد الكاتب أن تجربة "العنود" ومثيلاتها من فتياتنا تحتاج دعم الجهات المسؤولة، في إطار الاهتمام بإبراز التراث الشعبي السعودي الزاخر. وفي مقاله "العنود ودموع جابر.. قصة فتاة سعودية" بصحيفة "الرياض" يقول "العماني" عن زيارته لمعرض الأسر المنتجة بالرياض في نسخته الخامسة: "دموع جابر، هو ذلك العقد الغريب الذي لفت انتباهي، وأظنه فعل ذلك مع كل الزائرين والزائرات لمحل تلك الشابة السعودية التي لم تتجاوز ال 23 من عمرها، والتي فضَّلت أن تترك الجامعة بعد شهر واحد فقط من بداية عامها الأول؛ لأنها لم تتحمل الانتظار قرابة 10 ساعات يومياً في أروقة الجامعة؛ من أجل حضور 3 محاضرات فقط.. بمجرد أن تخرجت "العنود" من الثانوية العامة بمعدل جيد، قررت أن تدرس اللغات، هذا العالم الواسع الذي سيتيح لها السفر والترحال.. قبل ثلاثة أعوام فقط، شغفت "العنود" بعالم المشغولات اليدوية والإكسسوارات والعقود والأساور، وكل ما يتعلق بالصناعات التقليدية التي تزخر بها بلادنا".
ويضيف الكاتب: "وجدت "العنود" في هذا العالم الكبير الذي يتلألأ بالألماس والأحجار الكريمة والزخارف والرسومات، حياتها التي كانت تبحث عنها. "العنود"، كما تحب أن تصف نفسها، مصممة محترفة للمشغولات والصناعات التراثية. تعشق التراث، ولكن عشقها الأكبر هو تطوير هذا التراث ليصبح أكثر حيوية وقابلية على المنافسة وسط عالم كبير من الإكسسوارات والمشغولات والصناعات، سواء المحلية أو الأجنبية. "العنود" تجيد الرسم وتشارك في بعض المعارض، وتملك جرأة كبيرة جداً في التعامل مع الصناعات التقليدية، بحيث تضيف إليها الكثير من روح العصر".
ويؤكد "العماني" أن "العنود الزهراني قصة نجاح ملهمة لفتاة سعودية آمنت بقدراتها ومواهبها، وسعت جاهدة لتحقيق أحلامها وطموحاتها.. شاركت "العنود" في الكثير من المعارض والفعاليات التراثية والسياحية، ولكنها ما زالت تنتظر الدعم والتشجيع من الجهات المسؤولة عن هذا المجال، وخاصة الهيئة العامة للسياحة والآثار، ممثلة ب"بارع" وهو برنامج رائع يهتم بتنشيط وتفعيل الصناعات والحرف التقليدية، والذي يشرف عليه الإنسان الرائع الدكتور جاسر حربش".
وعن حلمها الكبير يقول الكاتب: "المشاركة في المعارض السعودية التراثية الكبرى كالجنادرية وسوق عكاظ، وكذلك المشاركات السعودية الخارجية التي تبرز الحجم الهائل من التراث والصناعات التقليدية والحرفية التي تزخر بها بلادنا.. "العنود" لا تفكر فقط في العائدات المالية، رغم أهميتها لكل شاب وشابة سعودية، ولكنها تتوق كثيراً لتمثيل الوطن في المحافل والمشاركات الخارجية".
ويعلق "العماني" قائلاً: "ودّعت "العنود"؛ لأتركها تبيع مشغولاتها وتصاميمها الرائعة لعشاق هذه الصناعة التقليدية الرائعة، ولكن قصتها الممتعة حرَّضتني، بل ألهمتني للكتابة عن قصة نجاح فتاة سعودية.. "العنود" تجربة فتاة سعودية من شمال الرياض، ولكن كل قرية ومدينة سعودية، بها العشرات كالعنود الزهراني".
ويطالب "العماني" بالاهتمام بالتراث السعودي ويقول: "إن الاهتمام بالحرف والمهن التقليدية وتشجيع الصناعات والمشغولات الشعبية، ظاهرة رائعة تؤمن بها المجتمعات المتحضرة، التي أدركت مبكراً قيمة التراث كفعل حضاري وإلهام إنساني وتنمية مجتمعية، نحن كسعوديين، نجوب العالم، كل العالم وندسُّ في حقائب العودة تذكارات ومشغولات وتحفاً تقليدية لكل الشعوب والمجتمعات التي نزورها.. ولكن في المقابل، لا يجد الزائر العربي أو الأجنبي لوطننا الثري بكل المعالم والملامح التراثية والفولكلورية والزخرفية، أي تحفة أو تذكار أو صناعة تقليدية، تذكّره بتراثنا ومنجزاتنا.. مجسم لقلعة تاروت، أو تحفة مزخرفة من جازان، أو عقد من الأحجار الكريمة من نجد، أو خنجر مذهب من نجران، أو باب خشبي قديم من الأحساء، وغيرها من الصناعات والتحف التقليدية السعودية، سيحمل معه حكاية وطن".