فيما يعد استرجاعاً لذكريات مؤلمة لأكبر كارثة طيران سعودية، طالب مشاركون في منتدى ثقافي، بوضع برامج إعلامية توعوية، للتعامل مع الكوارث وإدارة الأزمات، وذلك بهدف تقليل الأضرار والخسائر في الأرواح والممتلكات، لأقصى حد ممكن، في حال حصول ذلك، لا قدر الله، مع العمل علي تطوير استراتيجية الوقاية، واستراتيجية التعامل والخروج من الكوارث، من خلال إجراء سيناريوهات افتراضية لكوارث محتملة. ودعا المشاركون في "منتدى معتوق شلبي يرحمه الله"، الذي أقيم الجمعة الماضية، إلى مراجعة جميع الخطط، والتأكد من الجاهزية، والاستفادة من الحوادث السابقة. وأكدوا على أهمية تقديم برامج تربوية وثقافية وإعلامية لزيادة الوعي الأسري والمجتمعي بالتعامل الأمثل مع حالات الطوارئ والأزمات.
واسترجع المشاركون في منتدى "معتوق شلبي" الثقافي، وهم نخبة من رواد المنتدى من مثقفين ومهتمين، مشاهد صادمة وقصصاً مؤلمة ودروساً وعبراً للمستقبل، من أكبر كارثة طيران سعودية عام 1980م، التي تعد أكبر حادثة طيران في الشرق الأوسط.
في بداية الندوة استهل الحديث عميد المنتدى الأسبوعي المحاضر في كلية العمارة والتخطيط بجامعة الملك سعود، المهندس فهد بن معتوق شلبي بقوله: نحن نتحدث عن حادثة وطنية كانت أكبر حادثة طيران في الشرق الوسط، وربوض الطائرة لفترة طويلة في المطار القديم كان مؤلماً لذوي ضحايا الطائرة المنكوبة. مشيراً إلي أنه "كان من الأولى تغطيتها وحجبها عن الأنظار، فرغم مرور أكثر من 30 سنة ما زالت ذكرى الكارثة حيّة في نفوس الناس".
وأوضح أن ضيف المنتدى سيتحدث بموضوعية عن تلك الحادثة كشاهد عيان فقط بعيداً عن أي استقطاب، بعد ذلك تحدث ضيف الأمسية أسعد بن محمد رشيد، أحد منسوبي الخطوط السعودية عن تفاصيل تلك الرحلة المنكوبة، مبيناً أن ما سيرويه غير موجود في الكتب أو المكتبات، وإنما هو مجرد مشاهدة ومعايشة عن قرب لتلك الكارثة الجوية التي حدثت للطائرة "لوكهيدإل 1011 -تراي ستار" ذات ثلاثة محركات، وكانت الرحلة رقم 136 في يوم الثلاثاء 19 أغسطس 1980م الموافق 8 شوال عام 1400 في الساعة 9:10 مساء.
وأردف: أقلعت الرحلة المتجهة من الرياض إلى جدة بقيادة الكابتن محمد عبدالعزيز الخويطر ومساعده الكابتن سامي عبدالله حسنين -رحمهما الله- وبعد دقائق من الإقلاع اتصل بالبرج وقال "الخويطر" هناك حريق بالطائرة وأرغب العودة، فسمحوا له بالعودة فوراً ووجهوه للمدرج الشمالي، لكي لا يتعطل المطار ولا تتأثر رحلات المغادرة.
وكما ورد في الصندوق الأسود كانت تقول له المضيفة: "عندما نهبط فرْمل ونفتح الأبواب بسرعة" وهو لم يستمع لنصيحتها وكأنه يريد أن يقوم بعمل بطولي أكثر من هذا، فكانت النتيجة أن اشتعلت النيران في الطائرة وكان عليها 301 راكب منهم 14 ملاحاً، وكانت تحمل جنسيات مختلفة: 32 باكستانياً و32 إيرانياً وكوريين وثلاثة بريطانيين واثنين من تايلند، والبقية سعوديون.
وحاولوا فتح أبواب الطائرة بعدما بدأت النيران من مخزن العفش، وقيل إن السبب هي "دوافير الغاز" التي كان يحملها الركاب الإيرانيون والباكستانيون، وقد انتهت الحادثة بوفاة جميع الركاب، ثم بدأ بعدها الموقف الأكثر ألماً وحزناً بسبب بقاء الطائرة مشتعلة أكثر من ساعتين. وفشلت فرق الإنقاذ في إطفاء الحريق وفتح الأبواب بينما كانت الطائرة تغلي من الداخل كالتّنور.
وواصل سرد تفاصيل الكارثة الجوية، بقوله: وضعت الجثث بجوار بعضها وكان هناك استحالة في التعرف عليها، حيث كانت الصورة مؤلمة جداً، فطبعت وعلقت أسماء الوفيات وتوافد الأهالي للتعرف علي ذويهم وكانت هناك حالات من الصياح والعويل والتشنج في مستشفى الشميسي، وأمرت الحكومة السعودية بدفع دية لكل شخص 160 ألف ريال.