أحال مكتب العمل بالعاصمة الرياض، دعوى رفعها موظف يشغل منصب "مدير إدارة الموارد البشرية" في شركة الاتصالات المتكاملة، المتخصصة في خدمات الإنترنت، يتهم فيها الشركة بإنهاء خدماته تعسفياً، إلى الهيئة الابتدائية من أجل تسوية الخلافات العمالية، وذلك بعد أن فشلت "جلسة الصلح" التي عقدها المكتب في إنهاء الأزمة. وقالت مصادر ل "سبق": "المسؤول المفصول من الشركة ذكر في دعواه أن الشركة قررت فصله بعد أن رفع هو وثلاثة من زملائه السعوديين خطاباً موحداً للرئيس التنفيذي بالشركة، وهو من جنسية أجنبية، يطلبون منه الترقية إلى مناصب يرون أهليتهم لها".
وأضافت المصادر: "هذه المطالبة جاءت لأن نسبة السعودة بالشركة لا تتجاوز 30%، رغم أن اشتراطات الهيئة العليا للاتصالات وتقنية المعلومات تتضمن ألا تقل النسبة في هذا القطاع الحساس عن 50 % حتى تتمكن الشركة من نيل تراخيص تقديم الخدمات".
وكشفت وثائق رسمية حصلت عليها "سبق"، أن الشركة امتنعت عن المشاركة في جلستي الصلح الأولى والثانية بمكتب العمل، فيما حضر ممثلها في الجلسة الثالثة، ورفض إرجاع المسؤول المفصول إلى عمله، وبعد ذلك أحيلت القضية إلى الهيئة الابتدائية لتسوية الخلافات العمالية، ثم امتنعت الشركة عن حضور الجلسة الأولى، واكتفت بإرسال ممثلها في الجلسة الثانية لتفادي إصدار حكم غيابي، وذلك بعد أن فقد طلب المحكم من ممثل الشركة الرد كتابياً على الهيئة الابتدائية.
وقال المسؤول المتضرر ل "سبق": "بدأت المشكلة عندما استقال مديري المباشر وهو نائب الرئيس لشؤون الموظفين، حيث نقلت مهامه إلىّ، وأود التأكيد على أن رئيس الشركة الأجنبي يدير العمل بطريقة مركزية جداً بشكل يمنع الجميع من الحصول على ترقية من دون موافقته، حتى لو كان طالب الترقية مستحقاً لها نظاماً".
وأضاف: "أصبحت صلاحياتي كمدير لإدارة الموارد البشرية بالشركة مبتورة بشكل متعمد، حيث كانت كل المسائل تحال إلى الرئيس الأجنبي للبتّ فيها، وقد عانينا كسعوديين من التمييز العنصري في ما يتعلق بإسناد المهام والصلاحيات لموظفين من جنسيات أخرى".
وأردف: "بسبب سيطرة الأجانب على المناصب والصلاحيات بهذه الشركة، فإننا كسعوديين تعرضنا لضغوط ومضايقات لضمان عدم حصولنا على المناصب العليا، واستمر ذلك الوضع إلى أن غادر عدد من السعوديين في عام 2013م مناصبهم القيادية واتجهوا للعمل في شركات أخرى هرباً من المضايقات والضغوط التي يمارسها الرئيس الأجنبي".
وتابع: "السعوديون محرومون من الترقيات مع توظيف مديرين من جنسيتين عربيتين فقط، كما يتم التلاعب في الهيكل التنظيمي باستمرار للسماج للأجانب بتولي المناصب القيادية والحصول على الرواتب الضخمة وتقليص الفرص أمام السعوديين في شغل المناصب الإدارية العليا".
وقال المسؤول المفصول: "قرار فصلي وقّع عليه الممثل القانوني للشركة وساق مبررات لذلك من قبيل إعادة الهيكلة وتقليص التكاليف وتطبيق خطة سعودة، لكن مكتب العمل بمدينة الرياض رفض هذه المبررات لأنها غير شرعية".
وأضاف: "توقيع المحامي على إنهاء الخدمة مخالفة نظامية لأن ضمّ خدمات موظفين جدد في الشركة وإعطاءهم قرارات التعيين وقبول استقالتهم وإنهاء خدماتهم وإعطاءهم مستحقات نهاية الخدمة وصرف المكافآت التشجيعية وتطبيق الجزاءات والعقوبات، كل ذلك يدخل ضمن اختصاص الموارد البشرية".
وأردف: "خطاب إنهاء خدماتي لا يحمل ختم الشركة، ومتناقض من ناحية المضمون، لأن إنهاء خدمات السعوديين بغرض تحقيق المزيد من أهداف السعودة يعتبر أمراً شديد التناقض، كما أن إنهاء خدماتي يأتي بعد تعيين نائب للرئيس لشؤون الموظفين بضعف راتبي ليقوم بمهامي الوظيفية".
وتابع: "لم يناقشني أحد في الموضوع قبل إنهاء خدماتي، واكتفوا بتسليمي خطاب ومطالبتي بمغادرة مقر العمل خلال ثلاث ساعات، وهذا الأسلوب يعتبر تعسفاً ومخالفة صريحة للنظام، كما أن الإدارة القانونية غير معنية بمبررات مثل إعادة الهيكلة والسعودة وتقليص التكاليف".
وأكد المسؤول المفصول أن هذا التصرف الذي أقدمت عليه إدارة الشركة يرجع إلى التخبط الإداري وانعدام الثقة بين الرئيس التنفيذي ونائبه لشؤون الموظفين، وكلاهما أجنبيان، ولا يريدان تحمل مسؤولية وعواقب إنهاء خدماته بشكل تعسفي.
وقال: "حتى اليوم، لم تعد الشركة الهيكلة بالشكل النظامي الذي يجيز لها الاستغناء عن بعض موظفيها، وهذا أمر يلقي الضوء على مدى مصداقية الأسباب التي تضمنها خطاب إنهاء الخدمات".
وأضاف: "الإدارة الأجنبية للشركة تتصرف بطريقة مريبة لتغطية مخالفاتها للأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية، حيث أفادت في خطاب لها وجهته إلى محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، بأنها تقدم رواتب وحوافز مغرية للموظفين السعودين لضمهم للشركة ورفع نسبة السعودة، بينما يشهد الواقع أن المناصب والرواتب الضخمة تذهب للأجانب على حساب السعوديين".
وأردف: "المعلومات التي ساقتها الشركة في خطابها إلى المحافظ معلومات مغلوطة وغير صحيحة بغرض التحايل على شرط نسبة السعودة المطلوبة، لتحقيق شروط التراخيص، وهذة النقطة كانت موضع خلاف كبير بيني وبين رئيس الشركة".
واختتم المسؤول المفصول حديثه ل "سبق" قائلاً: "رفعت خطاباً إلى وزير العمل فيما يتعلق بالتجاوزات الإدارية التي يرتكبها الرئيس الأجنبي والمخالفات النظامية للشركة، وقد أحيل الموضوع إلى إدارة التفتيش بمكتب العمل بمدينة الرياض للتأكد من وجود هذه المخالفات ومباشرتها بحسب النظام".
وحاولت "سبق" الحصول على تعليق من إدارة الشركة حول الدعوى المقدمة في مكتب العمل، إلا أن ذلك كان متعذراً.