أبدى رئيس وزراء لبنان السابق سعد الحريري استعداده للمشاركة في حكومة ائتلافية جديدة مع جماعة حزب الله باعتباره حزباً سياسياً بعد أكثر من تسعة أشهر من استقالة حكومة نجيب ميقاتي وقال إنه "متفائل جدا" بتشكيل هذه الحكومة. جاء ذلك في مقابلة مع "رويترز" على هامش أعمال المحكمة الدولية الخاصة في لبنان التي افتتحت الخميس في ضاحية لاهاي لمحاكمة المتهمين بقتل والده و21 آخرين قبل نحو تسع سنوات، حيث وجهت اتهامات إلى أربعة أعضاء من حزب الله بتدبير الانفجار في وسط بيروت. وقال "الحريري" رداً على سؤال حول مشاركته في حكومة مع حزب الله: "فيما يخص الاتفاق نحن إيجابيون في تشكيل حكومة. هذا شيء جيد للبلد وللاستقرار في البلد". وأشار إلى أنه لم يقدم تنازلات بخصوص المشاركة في حكومة ائتلافية مع حزب الله وحلفائه "فمبدأ المحاكمة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.. ونحن نعرف بأنهم افتراضياً هم الذين ارتكبوا هذا الجرائم". وأضاف: "نحن نعرف أنه من الممكن أن يكون هذا هو الحال ولكن في نهاية المطاف هذا حزب سياسي لديه تحالف كبير مع العونيين وآخرين. ونحن نحاول أن نحكم البلد مع الجميع لأننا لا نريد أن نبقي أي أحد خارجاً لأن لبنان يمر بفترة صعبة خاصة بعد أن فشل المجتمع الدولي فشلاً ذريعاً في القضية في سوريا". وردا على سؤال حول ما اذا كان متفائلا بخصوص تشكيل الحكومة قال الحريري: "انا متفائل جدا ...لا اعرف (متى) ولكن أنا متفائل". وحول ما إذا كانت هناك خطوط حمراء قال: "الخطوط الحمراء تمليها احتياجات البلاد ونحن نريد أن تستقر البلاد". وتحسم أقوال "الحريري" الجدل الدائر في بيروت حول استعداده وحلفائه للمشاركة في حكومة ائتلافية مع حزب الله ما دام يقاتل إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وتجرى مفاوضات بين الفرقاء في لبنان لتشكيل حكومة جديدة من 24 وزيراً توزع الحقائب فيها على أساس ثمانية مقاعد لحزب الله وحلفائه وثمانية مقاعد للحريري وحلفائه وثمانية مقاعد لرئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الوزراء المكلف تمام سلام. وقال مصدر سياسي بارز على صلة بالمفاوضات إن "المفاوضات قطعت شوطاً كبيراً ويمكن أن تبصر الحكومة الجديدة النور هذا الشهر". وتجمدت المفاوضات في اليومين الماضيين بسبب متابعة "الحريري" لوقائع جلسات المحكمة في "لاهاي"، حيث قال المدعون إن البيانات المستخرجة من تسجيلات شبكات الهواتف لمليارات الاتصالات والرسائل النصية أظهرت أن المتهمين الذين يحاكمون غيابياً تبادلوا الاتصالات من عشرات الهواتف المحمولة لمراقبة "الحريري" في الأشهر التي سبقت اغتياله ولتنسيق تحركاتهم في يوم الهجوم. وينفي حزب الله أي دور له في قتل الحريري ورفض التعاون مع المحكمة. وحذر الأمين العام للحزب حسن نصر الله في 2010 حين كانت المحكمة تعد لتسمية المتهمين الأربعة قائلاً: "يخطيء من يتصور أننا سنسمح بتوقيف أحد من مجاهدينا.. إن اليد التي ستمتد إلى أي واحد منهم ستقطع". وقال "الحريري": "اعتقد أن العدالة بدأت أخيراً تأخذ مجراها. اعتقد أن اليوم هو يوم عظيم للعدل في لبنان. عهد الإفلات من العقاب قد انتهى في لبنان لذلك أظن أن اليوم كان عظيماً بالنسبة لنا". وأضاف: "اعتقد بأنه مثل معظم المحاكم الدولية سوف تأخذ وقتاً. تاريخياً في لبنان كان لدينا خلال الخمسين عاماً الماضية اغتيالات وراء اغتيالات ولم يكن هناك أي محاكمة فعلية أو أي عدالة فعلية في لبنان من أجل معرفة من قتل من في لبنان". ومضى يقول: "إنها المرة الأولى التي يحصل شيء مثل هذا في لبنان وأظن بأن أولئك الذين قاموا بهذه الجرائم سيتم إلقاء القبض عليهم بالأخير. يمكن أن تأخذ وقتاً ولكن في الأخير سوف ننال منهم.. لا يمكن أن تعرف ماذا سوف يغير اليوم ولكن مع الوقت سوف نجد يوماً أن هذه المحكمة قد أوقفت الاغتيال السياسي في لبنان". وبعد وقت قصير على إسقاط حكومته واندلاع الانتفاضة في سوريا في أوائل عام 2011 غادر الحريري لبنان خوفاً على سلامته مع تصاعد العنف الطائفي. وقال "الحريري": "في نهاية المطاف سوف أعود. هناك مشكلة أمنية في لبنان وخاصة كما تعلمون بعد اغتيال شطح العام الماضي والحسن قبل ذلك. على أمل أن أعود يوماً عندما أرى ذلك مناسباً" في إشارة إلى محمد شطح المستشار السياسي للحريري ووسام الحسن رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي. وقال "الحريري": "لا اريد ان اعود وينتهي بي المطاف كالاخرين قبلي. اريد ان اعود وامارس دوري كما يجب".