قال الصادق المهدي، رئيس الوزراء السوداني الأسبق، اليوم الاثنين إن السودان يمر بأزمة اقتصادية، تقترن بمعدل تضخم "كارثي"، تهدد بتفجير احتجاجات ضد الرئيس عمر حسن البشير، وقد تؤدي إلى اضطرابات مماثلة لما يحدث في سوريا. واعتبر المهدي، زعيم حزب الأمة، أكبر حزب معارض في البلاد، الوضع أسوأ مما كان في عام 1985 عندما أطاحت احتجاجات على أسعار السلع الغذائية بالرئيس جعفر نميري. وحذَّر المهدي من أن السودان قد يشهد أعمال عنف أو حتى حرباً أهلية مثلما يحدث في سوريا أو اليمن إذا اتسع نطاق الاحتجاجات. وقال ل"رويترز" في مقابلة: "النظام مستعد جيداً لهذا الاحتمال. ربما نواجه شيئاً مثل السيناريو السوري، وليس المصري أو التونسي. إذا خرجت مظاهرات حاشدة فإنه يبدو لي أنهم سيستخدمون القوة". وأطاحت مظاهرات حاشدة بزعيمي تونس ومصر في بداية العام، لكن الرئيس السوري بشار الأسد تمسك بالسلطة من خلال محاولة سحق انتفاضة مستمرة منذ تسعة أشهر. ويكافح البشير أزمة اقتصادية منذ أن أخذ جنوب السودان معظم نفط البلاد، وهو عصب الاقتصاد في الجانبين، عندما استقل عن الشمال في يوليو. ووصل معدل التضخم السنوي إلى 19.1 في المئة في نوفمبر مع ارتفاع تكلفة الواردات؛ بسبب خسارة إيرادات النفط. وقال المهدي، آخر رئيس وزراء منتخب ديمقراطياً في السودان، وأطاح به البشير في انقلاب غير دموي عام 1989: "معدل التضخم كارثي". وأصبح المهدي رئيساً للوزراء في عام 1986 بعد احتجاجات حاشدة، كان سببها الرئيسي ارتفاع أسعار الغذاء، التي أطاحت بالرئيس نميري قبل ذلك بعام. وقال المهدي عندما طُلب منه أن يقارن بين الأزمة الاقتصادية الآن والأزمة آنذاك: "إنها أسوأ الآن". وأضاف "الآن توجد صدمة خسارة الجزء الأكبر من إيرادات النفط، التي كانوا يحصلون عليها". ورأى أنه "لا يوجد حل سريع. ليس لدى النظام وسيلة للخروج من هذا المستنقع". مضيفاً بأنه سيتعين على الحكومة أن تبدأ تدابير صارمة مثل خفض الميزانية بنسبة 50 في المئة؛ لتعويض خسارة إيرادات النفط. وتفاقمت الأزمة الاقتصادية نتيجة للقتال مع متمردين في إقليم دارفور الغربي وولايتين تقعان على حدود جنوب السودان، عدو السودان السابق في الحرب الأهلية؛ ما يستنفد الموارد في وقت يحتاج فيه السودان إلى خفض النفقات. وقال المهدي: "يوجد خطر وجود جبهات متعددة، وتوجد مخاطر نشوب حرب بالوكالة بين الشمال والجنوب. الجنوب يؤيد معارضين في الشمال، والشمال يؤيد معارضين في الجنوب". وتابع بقوله: "الشرق قد يشتعل". مشيراً إلى الاحتجاجات هناك. ويقول مسؤولون سودانيون إن هذا البلد مختلف عن سوريا ومصر والدول العربية الأخرى التي شهدت احتجاجات حاشدة، وهو قادر على التغلب على خسارة إيرادات النفط من خلال التوسع في صادرات المعادن والقطاع الزراعي. وفي الأسبوع الماضي قدم البشير حكومة ائتلافية جديدة، ضمت 14 حزباً معارضاً، أغلبها صغير، رغم احتفاظ حزب المؤتمر الوطني، الذي ينتمي إليه، بالوزارات الرئيسية. وقال البشير يوم السبت إنهم انتظروا طويلاً قبل إعلان الحكومة؛ لإتاحة الوقت للتشاور. معتبراً أن الحكومة الحالية تمثل معظم القوى السياسية. وعيَّن البشير عبد الرحمن، نجل الصادق المهدي، مساعداً للرئيس. وقال المهدي إن حزب الأمة قرر عدم الانضمام إلى الحكومة بعد محادثات مع حزب المؤتمر الوطني؛ لأنه لا يوجد تغيير للسياسة في الأفق. وأضاف "قررنا عدم المشاركة في شيء مصيره الفشل". وتريد المعارضة الآن تطوير ميثاق بشأن كيفية التغلب على الأزمة وإقناع البشير، بمساعدة من المجتمع الدولي، بالاستقالة؛ لتجنب إراقة الدماء في حالة حدوث احتجاجات حاشدة. وقال المهدي "نستخدم الميثاق لحشد الدعم من أجل نظام جديد، وتغيير يحدث بسلاسة، لا بالعنف".