الشائعات تنشأ دائماً إذا كانت المعلومات مغيبة أو أن الجهات المعنية لا تصححها - فهد العنزي: أصحاب الشائعات يتسمون بالانفعالية وينقصهم التعبير عن العاطفة ويتصيدون الأوقات التي تخدم موقفهم - عبدالله الشهري: من يصنعون الشائعة مجهولون ومن يتبناها أصحاب مصالح دوافعهم ذاتية أو سياسية أو اقتصادية - مواطنون: الوعي هو خير سلاح لمواجهة الشائعات في المجتمع
أدار الندوة: شقران الرشيدي- عيسى الحربي- غزوان الحسن إعداد التقرير الميداني المصور: عبدالرحمن العنبري
سبق- الرياض: نظمت "سبق" ندوة صحفية عن الشائعات وتأثيراتها السلبية على المجتمع والرأي العام، وقد شارك فيها الدكتور فايز الشهري، عضو مجلس الشورى والمتخصص في الصحافة الإلكترونية، والإعلامي المعروف الأستاذ عبدالله الشهري كبير مذيعي التلفزيون السعودي، وأخصائي علم النفس فهد العنزي المتخصص في التحليل النفسي وتعديل السلوك في المجتمع.
وقد ناقشت الندوة عدداً من المحاور المهمة عن الأبعاد النفسية للشائعات، وتأثيراتها على المواطن وصانع القرار، ومن يصنعها، وفي أي المواسم تزدهر، وما يجب أن يتحلى به المجتمع للحد من تأثيراتها السلبية على الرأي العام.
كما التقت "سبق" عدداً من المواطنين في "تقرير مصور" للحديث عن الشائعات وتأثيراتها، فأكدوا أن وسائل الاتصال الحديثة عززت من انتشار الشائعات التي شملت مختلف جوانب الحياة، وتناولت المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وأضافوا أن هناك من يستفيد من إطلاق الشائعات لتوجيهها نحو مصالحه الخاصة أو يعبر عن آماله ورغباته الشخصية، وأشاروا إلى أن الوعي هو خير سلاح لمواجهة الشائعات.
وفي الندوة عرَّف الدكتور فايز الشهري الشائعات بأنها مجموعة من الأفكار والتعليمات التي يتناقلها الناس دون موثوقية المصدر، وتتسم بأنه يصاحبها قدر من الغموض ومجهولة المصدر، مثل: قال لي، وسمعت، ويقولون، وهناك من يروج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ودائما تنشأ إذا كانت المعلومات مغيبة أو أن الجهات المعنية لا تصحح هذه المعلومات.
أما الأستاذ عبدالله الشهري فقال: "من يصنعون الشائعة مجهولون، ومن يحرصون على تبني هذه الشائعات هم أصحاب مصالح، إما بدافع ذاتي أو سياسي أو اقتصادي، ولا بد من وجود مسبب، وأذكر أن هناك شائعة تافهة تبنتها إحدى القنوات الفضائية وأفردت لها برنامجاً لمدة ساعتين بهدف الإضرار بالسعودية"، مشيراً إلى أن الشائعات تنمو في البيئة المضطربة التي تغيب عنها المعلومة، ودائماً هي مرتبطة بالوعي.
ومن جانبه قال الأستاذ فهد العنزي: "الشائعات لا تعترف بالوقت، وخلفها أشخاص، ولها مؤشر يدل على اضطرابات شخصية، وهذه الاضطرابات ناتجة عن البيئة الاجتماعية من حرمان ونقص، وكذلك عوامل الطرد الاجتماعي، وهي محاولات سلبية لتعويض نقص مادي أو اجتماعي"، وأشار إلى أن أصحاب الشائعات يتسمون بالانفعالية، وينقصهم التعبير عن العاطفة، ويتصيدون الأوقات التي تخدم موقفهم.
وعن تأثير الشائعات على المجتمع قال الدكتور فايز الشهري: "في السابق كان الناس ينتظرون نشرة الأخبار أو صدور الصحيفة من الغد، أما الآن فتظهر الشائعة وتنتشر وتختفي بسرعة، وهناك جنود متطوعون لخدمة الخصوم، عادة بحسن نية أو وعي غير كافٍ، وأحياناً هناك شائعات موسمية، فمع اقتراب إعلان الميزانية تظهر شائعة رفع الرواتب، وأحياناً تكون الشائعات تصفية حسابات، وهي تظهر في المجتمعات غير الواعية، وتجد هناك بيئة للانتشار مناسبة، فعلى سبيل المثال عندما استعمر البريطانيون الهند كانوا ينشرون شائعات تمس الطوائف لكي يسيطروا عليها، وأضاف الدكتور الشهري أن هناك شائعات تطلق على منتجات غذائية لمنافسة منتج آخر، وغالباً مطلقها هو منافس ويستفيد من نشرها، وهناك شائعات عن حسن النية يطلقها شخص ثم يصدقها".
أما الأستاذ عبدالله الشهري فيرى أن كثيراً من الناس يستغلون ظروفاً معينة لنشر الشائعات كالبطالة، وزيادة صرف الرواتب، وهي بالأصل كذبة، ولكن هناك في المجتمع من يشجع على انتشارها، والآن اتسعت دائرة انتشارها في ظل وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة، فهناك مثلاً شائعة القرارات الملكية التي توقع صدورها في اليوم الوطني، وصنفوا الناس فيها القرارات حول التغييرات الوزارية المتوقعة، حتى أن هناك من قال لي إن نشرة الأخبار ستصدر بهذا الموضوع، ولكن مر اليوم الوطني دون صدور قرارات، وفي اليومين الماضيين على سبيل المثال راجت شائعة عن مهلة جديدة لتصحيح أوضاع العمالة الوافدة، وعن تفتيش المنازل، حتى عقدت وزارة الداخلية مؤتمراً صحفياً وضحت خلاله كل شيء، كذلك بيئة سوق المال مرحلة خصبة لترويج الشائعات، ورأينا كيف يصعد مؤشر الأسهم ويهبط من شائعة، وعلى سبيل المثال في بريطانيا هناك جهات متخصصة في نشر الشائعات، وعالمياً ظهرت قضية شائعة عيوب السيارات بين شركتين متنافستين وربحت إحداهما.
ومن جانبه قال الأستاذ فهد العنزي: درجة اختلاف الشائعات تختلف من شخص لآخر، فهناك شائعات معينة تؤثر على شخص راشد أو كبير في العمر، والشخص العاطل عندما تأتيه شائعة عن وظيفة ينشرها بقوة، وهناك شائعات عاطفية بمعنى أن مطلقها ومروجها هدفه ليس مصلحة نفسه بل غيره، مثل شائعة إعانات ذوي الاحتياجات الخاصة من قبل الشؤون الاجتماعية بصرف مبلغ مالي، ومروجها يعرف أنها كاذبة ولكن ينشرها لإفادة الغير.
وعن وجود الشائعات المنظمة، قال الدكتور فايز الشهري: من زاوية الحرب النفسية الشائعة هي جزء من حرب المعلومات، وهي "القوة الناعمة"، والمعلومات السلبية التي نتلقاها كل يوم هي بالأصل شائعات، على سبيل المثال وثائق "ويكليكس" ونظام التنصت الأمريكي، والتسريبات الإعلامية جزء من توظيف الشائعات.. ويضيف أن الإنسان وحده هو المسؤول عن إيقاف الشائعات أو ترويجها، أما التقنية فهي وسيلة لنقل ما يدور في المجتمع، والقيم هي المبادئ الأخلاقية التي تجعل الإنسان لا يتصرف تصرفاً خاطئاً، ومنظومة القيم الأخلاقية أهم عامل لمواجهة الشائعات، كذلك التوعية مهمة في هذا الجانب، وهذا دور المؤسسات مثل المدرسة، والحي، والمسجد، ووسائل الإعلام، ويقول الدكتور "الشهري": "لابد من مواجهة الغموض لمحاربة الشائعات".
ومن جانبه يقول عبدالله الشهري: "الوضوح التام والشفافية أسهل طريقة لدحض الشائعات، وهناك مسؤولون لدينا يساعدون ويساهمون في إذكاء جذوة الشائعات، إما بعدم الرد عليها، أو النفي، وبعضهم يستخدم أسلوب التجاهل، وأسلوب التجاهل انتهى زمنه، وكان الناس في السابق ينتظرون نشرة التاسعة أو إذاعة الرياض أو إذاعة لندن لتأكيد المعلومات"، ويضيف أن المتحدثين الرسميين جزء من مهامهم الإيضاح، والآن نشاهد وزارة الداخلية خير من يقود مهمة الإيضاح من خلال متحدثها الرسمي، وآخرها قضية المؤتمر الصحفي حول تطبيق قرار التصحيح الذي عقد مؤخراً، ويشير إلى أن البرامج الدينية وخطب الجمعة تركز دائماً على العبادات ولا تركز على المعاملات.
ومن جانبه، يؤكد الأستاذ فهد العنزي "أن وسائل الإعلام وخطباء المساجد والدعاة شركاء في زيادة الوعي ومواجهة الشائعات بتأثيراتهم القوية".