في واقع المجتمع الذي نعيش فيه تبرز أكثر القضايا التي تصبح فيه مثار جدل ونقاش، فالناس يحبون كل مايثير الفضول لديهم وربما كل مايكشف المستور، حتى تحول المجتمع بفعل انعدام قيمة «الستر» كقيمة أخلاقية موجودة في قلب المبادئ الدينية إلى مجرد كلمة تقال في مواقف قليلة جداً، والبحث عن الفضائح وكشفها وتناول أعراض الناس أصبح السائد بين الأوساط المختلفة والمتعددة حتى أصبحنا نجد «الفضيحة» موجودة في المجتمعات الأسرية والمحيط الوظيفي وعلى صفحات الانترنت وعبر المواقع المختلفة وشاشات الجوال!، حتى وقع المجتمع رهينة الفضائح المتداولة بين الجميع، وربما لم يسهم الجاهل وحده في نشرها!. والبعد عن «مفهوم الستر» لم يقتصر على الأفراد، وإنما حتى بعض الجهات المعنية بشكل أو بآخر ساهمت في شيوع القضايا المتعلقة بالستر، من خلال التعامل مع بعض القضايا الأخلاقية والمالية تحديداً.. في الحلقة الأولى من ملف «الفضيحة الصفراء.. مسؤولية من؟»، نقف على مفهوم «الستر» شرعاً وقانوناً واجتماعياً؛ لنبحث عن الخلل الموجود في التعاطي مع قضايا الستر والتي أسقطت أعراض الكثيرين، وانتهكت حرمة البعض وحرمت الرحمة على المسيء، حتى جاء المجتمع فاقعاً في أطروحاته، ناصباً نفسه الجلاد والحكم ب»نشر الفضيحة والاستلذاذ بها»، فليس الهدف هنا الدعوة إلى الستر عن الخطأ، وإنما الطرق المثلى لعلاجه دون فضيحة، والذي يقودنا إلى السؤال عن خلق الستر؟، ومن أي الأبواب لا بد أن نفصل في قضية الفضيحة التي أصبحت فاكهة المجتمع التي يحبها؟. كلمة «فضيحة» تتردد في «فهرس جوجل» أكثر من ستة ملايين مرة! مفهوم الستر شرعاً في البداية أوضح القاضي بوزارة العدل الشيخ «يوسف الفراج» معنى الستر شرعاً وقانوناً، وقال: إن مفهوم الستر في معناه العام يدل على معنيين عند الإطلاق، المعنى الأول: الستر كقيمة من القيم العالية النبيلة والتي دعا لها الإسلام، ومن أظهر النصوص في الدعوة إليها ما ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «كل أمتي معافى إلاّ المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويكشف ستر الله عنه»، ويدل على ذلك أيضاً ما جاء في قصة التي زنت في عهد النبي – عليه الصلاة والسلام – فإن النبي – أعرض عنها ولم يفرح بخبرها، ولما أصرت وألحت على النبي – صلى الله عليه وسلم – تريد تطهير نفسها، فلم يسألها عليه الصلاة والسلام كم مرة فعلت الزنا، بل لم يسألها من هو الذي زنى بك، وتمنى أنها لو استترت بستر الله. وأضاف: أنه من خلال هذه النصوص يتبين سعي الإسلام في تكريس هذه القيمة وهذا الأدب الرفيع، ومن هذه النصوص وما شابهها فإن علماء الشريعة يقررون أن على المذنب في حال توبته الستر على نفسه، وعدم كشف ما وقع منه وفقاً للضوابط الشرعية، والتي منها ضرورة رد المظالم لأصحابها، والإبلاغ عن كل ما يدل على الحقيقة، ويكتسب الستر هذه الأهمية لما يحققه من حفاظ على الحياء العام، وهو مطلب أكيد في ترابط المجتمع وتقوية أواصره. مفهوم الستر قانوناً أما معناه الثاني فقد أوضح الشيخ «الفراج» أن الستر كإجراء من إجراءات الضبط، يمارسه رجال الضبط الجنائي في حال القبض على المجرم، وهذا يطرح مسألة مهمة وهي مدى أحقية رجال الضبط الجنائي في ممارسة هذا الإجراء»الستر»؟. وقال:إن الأصل أن رجال الضبط الجنائي معنيون وفقاً للمادة الرابعة والعشرين من نظام الإجراءات الجزائية بالبحث عن مرتكبي الجرائم، وضبطهم، وجمع المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام، وقد بيَّن النظام أحكام رجال الضبط في عدد من المواد، كما بيَّن أنَّ منهم أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام، ومديري الشرطة ومعاونيهم، وضباط الأمن العام، ورؤساء مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرهم، مشيراً إلى أن مفهوم الستر كإجراء يُعبَّر عنه وفقاً للمصطلحات القانونية ب»حفظ الأوراق»، وقد نصت المادة الثانية والستون: على أن ذلك من اختصاص هيئة التحقيق والادعاء العام ونصها:»للمحقق إذا رأى أن لا وجه للسير فى الدعوى أن يُوصي بحفظ الأوراق، ولرئيس الدائرة التي يتبعها المحقق الأمر بحفظها». مراجعون ينشدون حفظ أسرار معاملاتهم من قبل الموظفين وأضاف: أنه من هذه النصوص يظهر أن المنظم جعل صلاحية حفظ الأوراق لهيئة التحقيق والادعاء العام، وأما رجال الضبط الجنائي فهم معنيون بملاحقة الجرائم والمجرمين والقبض عليهم -وفقا للإجراءات النظامية-، ومن ثم تسليمهم لهيئة التحقيق والادعاء العام والتي بدورها لها سلطة تقديريه وفقاً للقواعد الشرعية والنظامية في اعتبار قضية ما مما يلزم رفعه إلى القضاء أو حفظه، فأعضاء هيئة التحقيق هم المخاطبون حقيقة بما قرره الفقهاء من قواعد وأحكام في الستر، مؤكداً في هذا السياق بأنه لا بد من الإشارة إلى أن من المفاهيم المغلوطة عندما يرد الحديث عن الستر: انصراف الذهن والحديث إلى التمثيل بأمثلة لتصرفات وسلوكيات معينة مثل قضايا الاختلاء ونحوها، مما له ارتباط بالمرأة، ويُغفل عن أن الأمر غير محصور في ذلك، وأن القواعد الشرعية والنظامية تُطبّق من غير تفريق في أصل الجرائم وطبيعتها، وإنما العبرة بمعايير شرعية ثابتة تهدف إلى تحقيق الأمن والأمان للأشخاص وللمجتمع وللدولة ككيان. وأشار إلى أن من ضمن القضايا المتعلقة بالمرأة، ما يتعلق بالجرائم المنظمة في استغلالها وابتزازها، فكل هذه الجرائم لا بد من محاربتها، وعدم التساهل فيها، وهذا التوجه محمود، حيث إنه لم يُطَّرح هذا المبدأ الشرعي وهذه القيمة الرفيعة في الجملة، كما لم يتوسع في إسنادها إلى جهات وأفراد متعددين قد يتفاوتون في التقدير والأحكام والإجراءات بل والفهم والمعرفة. شاب يستغل النت لنشر الشائعات والأكاذيب الستر هو الأصل من جهة أخرى يرى «أ.د.عبد الرحمن الزنيدي» -أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الشريعة- أن الستر، هو «حجب للسوء الصادر من شخص، أو أكثر عن الانكشاف بذاته، أو عبر المعرفة به»، وهو قيمة من قيم الإسلام السامية، وهو قبل ذلك ما اتصف به المولى الكريم سبحانه كما جاء في الحديث الصحيح «إن الله حيي ستِّير يحب الستر...الخ الحديث»، وقد حض الإسلام على هذه القيمة وكشف عن عظيم ثواب من مارسها طلباً لرضوان الله، كما جاء في الحديث «من ستر مسلماً في الدنيا ستره يوم القيامة»، بل طلب الإسلام من الإنسان إذا وقع في منكر أو فاحشة أن يستتر بها، وأن لا يعلنها للآخرين، وعدّ الإسلام تشهير الإنسان بأفعاله المشينة جريمة بحد ذاتها. وقال:إذا أدركنا منهج الإسلام في بناء الحياة البشرية من حيث الارتقاء بها إلى الدرجة الإنسانية السامية، ورفع مستوى الحساسية الخلقة فيها لدى الناس أدركنا لماذا حرص الإسلام على قيمة الستر في المجتمع المسلم؟، ولماذا توعد بالعذاب الذين يسعون لتشيع الفاحشة؟، وتكثر الفضائح الخلقية بين الناس؛ ذلك أن كثرة الفضائح، وتكشُّف الانحرافات وهتك المتورطين عرَضاً نتيجة غفلة، أو ضعف نفس، أو سطوة جوٍّ ونحوها يؤدي إلى مفاسد يسعى الشرع لدرئها، كاستمراء ضعاف النفوس لمقارفة هذه المكشوفات، وكسعي المنكشفين لتبرير أفعالهم، أو تمردهم على من حولهم إلى غيرها من المفاسد. وأضاف: لهذا، فإن هذه القيمة – قيمة الستر– ليست مطلقة؛ بمعنى أنها تمارَس في كل حال، ومع كل إنسان؛ فهي وإن كانت في الأصل سبيلاً لتحقيق الكثير من المصالح، إلاّ أنها تكون أحياناً وسيلة لمفاسد، ما يعني أن المصلحة تكون بالتشهير، والفضح؛ ويكون هذا الفضح مطلوباً شرعاً، أو مجازىً به شخص ما؛ فعلى قاعدة «الجزاء من جنس العمل» جاء في الحديث الشريف أن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته، وإذا كانت الجريمة المقترفة مما يؤدي إلى الإخلال بالكليات الخمس التي جاء الشرع بحفظها فإن الإسلام يؤكد على عقوبة مرتكبها عقوبة مشْهَرة على الملأ، كما قال سبحانه في شأن الزاني والزانية «وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين»، وهذا طبعاً إذا وصلت القضية إلى الحاكم بأن أصر على إعلانها صاحبها، أو شهد عليه شهود أربعة بممارسته للفاحشة بمرأى منهم أبصروا تفاصيل هذه الممارسة، أما دون ذلك فإن المقارف لهذه الفاحشة يشرع له أن يتوب إلى الله، ويستر على نفسه، والله غفور رحيم. تسريب مقطع فيديو لرجال الهيئة لحظة القبض على شاب حاول ابتزاز فتاة التعاطي مع قضايا الستر وأشار إلى أن تعاطي الجهات الحكومية والتطوعية مع قضايا الستر أو ما يقع من صور الخلل الاجتماعي أو الأخلاقي ليس واحداً؛ لكنه في الغالب يعتمد على الفهم الشخصي للفرد المباشر للقضية -فهمه- لمنهج الإسلام في هذا الشأن، حيث حاولتْ بعض الجهات تنظيم هذا الأمر، وفق أطر مسلكية عامة؛ مثل الستر في المرتبتين الأولى، والثانية، ثم اتخاذ إجراء أكثر صرامة وتوسعاً وهكذا، والسؤال الذي يمكن أن نتسائله في ذلك المضمون هو «هل يُتعاون مع الأجهزة التي تعمل على فضح بعض المؤسسات والأفراد المتورطين في فساد اجتماعي، أو أخلاقي؟، مؤكداً -كما سبق التقرير- على أن جلب المصلحة ودرء المفسدة هو منطلق اختيار أحد العملين: الستر أو الفضح؛ على أن الستر هو الأصل، لكن الشخص ينبغي أن يمارس عمله بتحرٍّ شديد للحق، وبحذر كبير من ظلم الناس، وبوعي ينأى به عن أن يكون أداة لصراع مصالح بين أفراد، أو جهات؛ وهو يظن أنه يحسن صنعاً، وهنا أمر مهم؛ وهو أن للعرف مدخلاً في مسألة الستر، والفضح، والتشهير وقد تمهّد في عرف الكثير من الناس استخدام الإعلام (صحافة وغيرها) لكشف صور الغش والفساد؛ وينبغي هنا أن يهتم المتخصصون في الإعلام والاحتساب ذوو العلم الشرعي ببيان الحدود التي يمكن ممارستها في هذا الشأن، لا أن يكون مجرد تقليد لمجتمعات قد تختلف عن مجتمعاتنا في قيمها الضابطة لحياتها، أما التمييز بين الأشخاص بالستر على أناس، وفضح آخرين، فله من جانب وجه اعتبار بحسب المصلحة الشرعية، ولكنه من جانب آخر إذا كان، مبنياً على استضعاف الضعيف، ومحاباة القوى فهو ظلم، وجور يحرمه الإسلام، وهو نذير هلاك للمجتمع الذي يواقع مثل ذلك التشهير بصورته الشرعية هو جزء من عقوبة المقترف، وتأديب له، وردع لمن تسول له نفسه مقارفة مثل عمله. أ.د.عبدالرحمن الزنيدي أبطال الفضائح ويقيم «د.جبرين الجبرين» -الأستاذ المشارك في قسم الدراسات الاجتماعية بكلية الآداب بجامعة الملك سعود- واقع المجتمع من حيث الأخذ بمفهوم الستر في القضايا المتعلقة بهذا المفهوم، حيث يرى أنه لا يوجد معنى دقيق لمفهوم «الستر» اجتماعياً، كما أنه من الصعب إصدار حكم على المجتمع الذي يوجد فيه أناس كثيرون يأخذون بمبدأ الستر والحرص على عدم تتبع عورات وسقطات إخوانهم المسلمين، إلاّ أنه يوجد أشخاص لا هم لهم إلاّ البحث عن الفضائح وتلقف الأخبار السيئة ونشرها، وهم جاهزون للكذب وتلفيق الأخبار ونشرها كشائعات. وقال: هؤلاء الذين يمكن تسميتهم «أبطال الفضائح» مرضى نفسيون يحتاجون إلى العلاج، وهم من يشغل نفسه ويقضي كل وقته في كيفية إيذاء الآخرين، من خلال الوصول إلى حواسبهم الشخصية وإيميلاتهم فهو مريض يحتاج إلى علاج، مؤكداً على أنه لا شي في هذه الحياة أقبح من تتبع عورات وسقطات الناس وكشفها والتشهير بهم، وقد نهى الإسلام عن هذا السلوك بشكل واضح، والميل نحو الاهتمام بالإخبار ذات الطابع الفضائحي قد يكون من طباع النفس البشرية، فالناس مع الأسف يسرعون بتصديق ونشر الذم المنتشر للإنسان أكثر من تصديقهم وفرحتهم بمدحه، ويتناقل الناس الخبر السيئ بسرعة أكثر من الخبر الحميد، وكل ما بالغ المجتمع في التكتم على سلوك أفراده كل ما كان لديه ميلاً إلى كشف هذه السلوكيات وكل ممنوع مرغوب، وإذا أردت الخبر أن ينتشر بسرعة فأخبرهم بأنه سر يجب الحفاظ عليه. وأشار إلى أنه إذا أردت انتشار أي خطاب بسرعة ويعرفه جميع الموظفين فأكتب عليه «سري»، مشيراً إلى وجود علاقة بين الستر والحفاظ على الأسرار، حيث يعتبر الحفاظ على السر من الشيم المفضلة عند العرب حيث يفتخر المتنبي بقوة الحفاظ على السر ويقول: وللسر مني موضعا لا يناله صديق ولا يفضي إليه شراب تفاوت المجتمعات وقال «د.الجبرين»: قد يكون الحفاظ على السر هو ستر لعورات الناس، فيجعلها من الأسرار التي لا يمكن البوح بها لأحد، أما عن الأسباب الاجتماعية التي تدفع المجتمع لتصيد فضائح الغير، والبعد عن «مفهوم الستر» كقيمة أخلاقية فيكمن في الارتباط بين السلوك وردة فعل المجتمع هي التي توجه الباحثين عن الفضائح، فالناس يميلون للاهتمام بالسلوكيات الممنوعة والمحرمة وما يرفضه المجتمع فتكون بؤرة الاهتمام، ففي المجتمعات التي تحرم جميع أشكال التواصل مع الجنس الآخر تجد الفضائح تتجه لرصد هذا السلوك، بينما لا يهتم أحد بهكذا ممارسات في مجتمعات أخرى، فمعظم الشعب الأمريكي غضب من الرئيس «بيل كلنتون» بعد فضيحته المشهورة؛ لأنه كذب عليهم رغم أنه أقسم أن لا يفعل ذلك ولم يهتم الكثير منهم بسلوكه الشخصي. د.جبرين الجبرين ضرر الفضيحة وأضاف:»لا نستطيع القول بأن المجتمع أصبح مجتمعاً فضائحي، فالمجتمع لم يتغيّر ولكن الذي تغيّر هو قنوات التواصل الحديثة التي تساعد في انتشار الشائعات والأخبار السلبية بسرعة، إلاّ أن توظيف التواصل الالكتروني يخدم عشاق الفضائح وهواتها؛ فتجدهم يسخرون جميع طاقاتهم وجوالاتهم لنشر الفضايح متناسين قوله تعالى (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنو لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون)»، مؤكداً على أنه لايوجد اجتماعياً أثر إيجابي على ترك قيمة «الستر» بنشر الفضائح؛ فيترتب على ذلك ضرر يتمثل في عدة جوانب، فقد يدمر حياة إنسان برئ وقد يحكم على فتاة بالإعدام في ما تبقى من حياتها، وقد يترتب على ذلك طلاق وتشتت أطفال، وربما تبقى الضحية بدون زواج، والضرر الأكبر هو عندما يتم تلفيق تهم غير صحيحة ويتم تداولها بين الناس على أنها فضيحة تعرض لها الشخص وتجد رواجاً كبيراً وتنتشر بسرعة. الشيخ يوسف الفراج تقنيات الاتصال ويقول «د.فايز الشهري» -أستاذ الصحافة الالكترونية والباحث في استخدمات وسائل الاتصال الجديدة- إن مشكلة التلذذ بنشر الفضائح هي في الأساس مشكلة ضعف قيم وأزمة سلوك متحضر، مشيراً إلى أن شبكة الانترنت والجوالات ثم شبكات التواصل عبر «البلاك البيري» ما هي إلا وسائل عززت من ثقافة التشاتم والتشهير، وما يمكن تسميته «ثقافة الفضيحة». وقال:»لقد وفرت تقنيات الاتصال الحديثة لترويج هذه السلبيات أهم عاملين وهما سرعة الانتشار ومجهولية المصدر، ويكفي أن نعلم أن كلمة «فضيحة» تتردد في «فهرس جوجل» أكثر في أكثر من ستة ملايين موضع، ووسائل الإعلام ما هي إلاّ «ناقل» لواقع المجتمع بكل تناقضاته، كما أن محتوى هذه الوسائل بشكل عام هو «انعكاس» لحياة الناس ونشاطهم وثقافتهم، وبالتالي فإن من يقوم على هذه الوسائل هم أبناء المجتمع وعينة من ثقافته، فإذا ارتفع مستوى الوعي العام انعكس ذلك على كل جوانب الحياة وعكسها المجتمع. وأضاف أن المشكلة في عصر «الاتصال الشعبي» أن المرسل والمتلقي للرسالة هم الناس للناس، من خلال الوسائط الالكترونية، وبالتالي لم تعد هناك مبادئ مهنة تحكم تدفق المعلومات، وأصبحت الشائعات والثقافة السوقية هي مادة ومحتوى معظم هذه الوسائط ما يجعل الدور التنموي والتوعوي ضعيفاً عبر هذه الوسائط الحديثة. وأشار في هذه الحال لا حل إلاّ من خلال محورين، الأول: تنمية «ثقافة الستر»، وتأصيل مفاهيم الذوق العام استناداً إلى قيم الدين، والثاني: وضع وتفعيل تنظيمات وعقوبات الإساءة إلى ذمم الناس وإعراضهم مثل نظام مكافحة جرائم المعلوماتية وقوانيين جرائم النشر. د.فايز الشهري