أكد صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية أن العمل الدبلوماسي لا بد أن يحسب بأنه جهاد في سبيل الله، قائلاً "الدبلوماسي يواجه صعوبات جمة ويكون في الخطوط الأمامية، فالموظف وعائلته الذين يعملون في رعاية المواطنين هم في جهاد في سبيل الله". وقال سموه إن رسالة السفير تأتي من الشخص الذي عينه سفيراً وهو خادم الحرمين الشريفين وهو الذي يوجهه ويرشده. وأشار سموه خلال اللقاء الذي عقد في وزارة الخارجية صباح اليوم بحضور الدكتور نزار مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية، إلى أنه خدم في مسيرته الدبلوماسية ملكين والرسالة الأولى التي ينصح بها كل سفير هي أن يكون مخلصاً لربه ثم مليكه ووطنه وثانياً أن يعمل عملاً يكون ضميره مرتاحاً تجاهه. وحول أبرز الاختلافات الجوهرية بين المجتمع السعودي والأمريكي والتي شاهدها خلال فترة تعيينه سفيراً للمملكة في الولاياتالمتحدة، قال "إلى اليوم لم أعرف العقلية الأمريكية بل إن الأمريكيين أنفسهم لا يعرفون عقليتهم وهذه إحدى المصاعب في التعامل معهم". وعن نقاط التشابه والاختلاف بين الاستخبارات والدبلوماسية وهل سوف يقوم بتسجيل خبراته ومذكراته، قال الأمير تركي الفيصل "ليس لدي نية أن أقوم بتسجيل خبراتي"، مستشهداً بما قام به الملك فيصل في ذلك الوقت وحث الكثير من الزعماء ورؤساء الدول والأصدقاء بكتابة مذكراته، حيث كانت إجابته بعد صمت طويل هل تريدونني أن أستمر في علاقاتي الجيدة مع العالم فقلنا نعم فقال إذا كتبت مذكراتي فلن يبقى لدي أي أصدقاء لأنني يجب أن أصدقهم قبل أن أصدق مع ذاتي في كتابة مذكراتي. ومضى سموه بقوله "الشيء الوحيد الذي يختلف بين العملين الدبلوماسي والإستخباراتي في العمل الدبلوماسي أنت دائماً في الواجهة وتحت المجهر أما في الإستخبارات فتكون في الخفاء وحماية هذا الخفاء والسعي في أن تبقى الإتصالات في طي الكتمان وإذا أنجزت سوف يعرف القليل بذلك وهم رؤسائك، وأي شيء يقوم به الدبلوماسي يكون له دلالات كثيرة". وعن موقع المرأة السعودية في العمل الدبلوماسي وما هي النصيحة التي يقدمها لها قال سموه: "أنا مؤمن بأن المرأة شريكة الرجل في خدمة المليك والوطن وهي قناعة شخصية، ولا يمكن أن نمضي قدماً في المجتمع إلا من خلال القوة بين الرجل والمرأة وتحمل المسؤولية وأرى أن على المرأة الخدمة الأساسية لخدمة المجتمع". وعن أهم التحديات التي واجهتها المملكة وتجربة سموه حول العلاقات بين المملكة والولاياتالمتحدةالأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر والنصائح التي يقدمها سموه للسفراء خلال خدمتهم خارج السفارة، قال إن التحدي المستديم الذي واجهه هو قلة معرفة الشعوب الأخرى بالمملكة ولذلك الافتراضات التي تنبع ما هي المملكة وسياستها وهذا الجهل منتشر على كافة الأصعدة حتى من ضمن الأشخاص الذين يعملون في وزارة الخارجية في تلك الدول التي خدمت فيها والتحدي هو التعريف بالمملكة ويأتي بذلك ما يربط بين كيف يعمل السفير مع الجهل العام عن المملكة. وحول الفترة التي عمل فيها سفيراً للمملكة في الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد أحدث 11 سبتمبر قال "كنت حويطاً بعد تعييني سفيراً للمملكة حيث جاء تعييني بعد زيارة الملك عبدالله بن عبد العزيز للولايات المتحدةالأمريكية مرتين واجتمع خلالها مع الرئيس الأمريكي جورج بوش وتم تصحيح المسار بين القيادتين؛ حيث إن 11 سبتمبر سببت شرخاً في الثقة بين القيادتين قبل إحداث الشرخ بين الشعبين. وأضاف سموه: "دخول الشك والريبة في التعامل بين الطرفين وإقناع الملك عبد الله بن عبد العزيز- حفظه الله- الرئيس الأمريكي جورج بوش بتخطي هذه الأزمة سهل عملي كسفير". وقال إنني مؤمن بالمثل القائل الناس على دين ملوكهم, حيث إن الاتفاق الذي حصل بين الملك والرئيس بوش بدأ ينزل إلى الإدارات الأخرى ويأخذ مجراه الطبيعي ووجدت جميع الأبواب مشرعة أمامي من قبل الحكومة الأمريكية". وحول اعتقاد سموه بأن إدارة الرئيس أوباما سوف تحقق تغييراً فعلياً في ميزان القوى في الشرق الأوسط، قال "إن المؤثر في العلاقة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل هو إسرائيل نفسها وهو بسبب الإرث الحميم بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، حيث لم تأت هذه من فراغ وإنما جاء من مجهود ونشاط استطاعت إسرائيل من خلاله أن تؤثر على المجتمع الأمريكي منذ حرب العدوان الثلاثي". وأضاف "سعت إسرائيل بجميع الوسائل المتاحة وغير المتاحة لتوسيع نفوذها في الولاياتالمتحدةالأمريكية ونحن العرب حيث كنا سبع دول التي ذهبت إلى الأممالمتحدة في ذلك الوقت اتفقت على وضع برنامج مشترك لمواجهة العدو الصهيوني ليس في الولاياتالمتحدةالأمريكية فقط، بل على الصعيد العالمي واستمررنا منذ العام 1948م وحتى الآن ولا يزال لدينا برنامج مشترك ونحن الآن 22 دولة عربية وهذا هو العجز الأساسي الذي جعل إسرائيل تتفوق؛ حيث إنهم وضعوا خططاً وساروا عليها ونحن ما زلنا نتخبط". وقال سموه "الرئيس الأمريكي أوباما سيعمل مع إسرائيل فيما تستطيع أن تؤثر إسرائيل عليه؛ حيث إن الوضع الاقتصادي الداخلي يواجه مشاكل وأنا لدي قناعة بأننا نحن العرب نستطيع أن نستفيد من هذا الوضع الذي وصل إليه بين أوباما ونتنياهو من جعل أوباما أداة للعرب لخدمة قضاياهم". وحول مصافحة سموه لنائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون قال سموه المصافحة التي شاهدتموها هي في الأساس طلب من نائب وزير الخارجية الإسرائيلي خلال مؤتمر الأمن الذي شاركت فيه فقد فهم بعد أن شرحت له أنني لست ممثلاً للحكومة في ذلك، اضطررت في تلك اللحظة إلى أن أفكر بأن المصافحة لا تعني شيئاً وصرحت لوسائل الإعلام بأنني إذا ندمت على كل مصافحة سوف أندم طول حياتي. واستشهد سموه بمثل معروف في المنطقة الوسطى "المرجلة تحضر وتغيب" وفي هذه الحالة جلست أفكر بأنه يمكن أن ينطبق علي هذا المثل في ذلك الوقت، حيث كان يرغب نائب وزير الخارجية الإسرائيلي أن يحرجني أمام الأشخاص الحاضرين في ذلك المؤتمر، وقال سموه أنا أنصح كل الدبلوماسيين أن لا يصافحوا أي إسرائيلي".