انتقد الشيخ الدكتور محمد السعيدي الهجوم الإعلامي العنيف على الهيئة على خلفية حادثة اليوم الوطني الذي اتهمت فيه الهيئة، وأكد السعيدي أن الإعلاميين يقومون باستهداف الهيئة تنفيذًا ل"أجندات خارجية" كتوصيات مؤسسة "راند" الأمريكية الداعية إلى استهداف المؤسسات الشرعية. وأوضح "السعيدي" أن القضايا التي أثارها إعلامنا كلها لم تدن فيها الهيئة، بل صدرت أحكام براءتها، فالهيئة بريئة ومع ذلك يتهمها الإعلام.. وأضاف قائلاً: "أناس ظهرت براءتهم بصكوك طولها أمتار ومع ذلك ما زالوا يتهمون من الإعلام"!.
جاء ذلك في برنامج "حراك" الذي يقدمه الإعلامي عبدالعزيز قاسم عبر قناة "فور شباب" في حلقة عن هيئة الأمر بالمعروف، واستضاف كلاً من الناقد الأدبي والكاتب بصحيفة "عكاظ" الدكتور سعيد السريحي والشيخ محمد السعيدي الأكاديمي والداعية المعروف، وعبدالعزيز السماري الكاتب بصحيفة "الجزيرة"، وحصة الأسمري الكاتبة والناشطة الاجتماعية، وعائشة الشهري الناشطة الاجتماعية.
وبدأ الشيخ محمد السعيدي حواره مستفهمًا من الضيف الآخر د. سعيد السريحي قائلاً: هل سعيد السريحي استيقن بأن الهيئة فاعلة لكل هذه الجرائم ليطلق عليها الاتهامات؟ ما دليله أن الهيئة هي من ارتكبت حادثة اليوم الوطني حتى يُجرّمها؟
وأكد السعيدي أن واضع هاشتاق "الشعب يريد إلغاء الهيئة" قد رد عليه الشعب، وليس صحيحًا أن الشعب يريد إلغاء الهيئة.
وقال السعيدي: نحن بحاجة للهيئة ولدورها، فبحسب دراسة علمية من "مركز أسبار" أن الجرائم الأخلاقية في السعودية تنمو كل أربع سنوات 100%.
وأشار السعيدي إلى دراسة لجامعة الإمام أثبتت أن أكثر من 8400 ضبطية للهيئة لم تقع أخطاء إلا في 35 حادثة فقط، وأضاف: كل الدوائر تخطئ مثل هذه الأخطاء، بل هناك دوائر أخطاؤها أكثر من الهيئة.. فلماذا تستهدف الهيئة فقط؟ وطالب السعيدي بأن تكون الهيئة وزارة لا رئاسة كما هو وضعها الحالي.
وفي جوابه عن تغريدة الشيخ ناصر العمر التي اتهم فيها من يهاجم الهيئة بالنفاق، قال السعيدي: الشيخ ناصر العمر إن كان يريد النفاق الأكبر فلا أتفق معه، ولكني أظنه يقصد ما يطلق عليه في عالم السياسة: (الكيل بمكيالين).
ولفت السعيدي إلى أن استهداف الهيئة من قبل الإعلام لأنهم يقومون بتنفيذ تعليمات تقرير "راند" الداعي لاستهداف المؤسسات الدينية والشرعية.
ومن جهته أكد الدكتور سعيد السريحي بأنه بإمكاننا المحافظة على جهاز الهيئة مع إجراء إصلاحات جوهرية فيه.
وأضاف قائلاً: لكننا لا نرضى أن يتحول منسوبو الهيئة إلى عصا يُجلد بها المجتمع بسبب غطائها الشرعي.
واستنكر السريحي كثرة الجرائم التي وقع فيها جهاز الهيئة، وتساءل قائلاً: هل من العدالة أن تقع مثل هذه الأمور من أناس وظيفتهم أمر الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر؟! وطالب بأن يكون هناك نظام يحمي الناس من تصرفات الهيئة.
وأوضح أن أفراد الهيئة مع تحذيرهم من المطاردة خلال سنتين فقط قتلوا 7 أشخاص بالمطاردة.
وقال السريحي: "إذا لم تكن هناك طريقة لإصلاح الهيئة فلتلغ، إن لم يقم على إدارتها رجل قوي قادر على إصلاحها فلتلغ.. إن كانت ستستمر في إزهاق الأرواح فلتلغ من أجل الحفاظ على أرواح الناس، والهيئة ليست أكرم من الكعبة، ولأن تهدم الكعبة حجرًا حجرًا أهون على الله من قتل أمرئ مسلم".
واستغرب السريحي دفاع المدافعين عن الهيئة ونفي كل الحوادث التي تتسبب فيها، وتساءل: لماذا ينفون الأخبار التي يتناقلها الناس؟ هل كذب الناس بحادثة بلجرشي؟ وهل افترى الناس حادثة اليوم الوطني؟ ليس من المنطق أن ننفي كل هذه الأحداث وكأننا نغطي الشمس بالغربال.
وأكد السريحي أن المجتمع يعاني حالة إرهاب من جهاز الهيئة، مضيفًا: "ما يصنعه هذا الجهاز قد ينفّر الناس من الخلق القويم".
وأشار إلى أن من المنتمين لهذا الجهاز من يمارس المنكر، وأثبتت هيئة مكافحة الفساد أن فيهم فسادًا إداريًا.
وقال السريحي: فلنجعل من هذا الجهاز أنموذجاً للقيم الإسلامية، فكرة إلحاق جهاز الحسبة بالشرطة حصلت بسبب التشويه الذي حصل للجهاز، وهذا الجهاز ليس كباقي الأجهزة، ولو قارناه بباقي الأجهزة نكون قد أوسعناه ذماً.
وأوضح أن الخطأ من أفراد الهيئة يكون قاتلاً لأنهم أنموذج للأمر بالمعروف. وأضاف: نحن ننكر وضع الهيئة البدائي الذي جعلهم ضحية، لتكن الهيئة وزارة أو لتكن ما تكون ولكن لا بد أن يتمثل أفرادها روح الشريعة.
وفي رده على السعيدي قال السريحي: إذا كان لدينا جهاز هيئة وتتضاعف الجريمة الأخلاقية كل أربع سنوات 100% فهذا دليل على أن جهاز الهيئة فاشل.
وفي رده على السريحي قال السعيدي: الجريمة التي يرتكبها السريحي الآن هي إثبات جريمة لم تثبت، والهيئة ليست فاشلة وهي جهة ضبط وليست جهة توعية، والإعلام المسؤول عن التوعية ثبت في دراسة علمية أن 65% من النساء اللاتي قبض عليهن في جرائم أخلاقية كن من ضحايا الإعلام وما يبث فيه.
وقال السعيدي : ضحايا الأمن العام أكثر ولم يتحدث عنهم الإعلام، بل أعضاء الهيئة يقتلون وينكل بهم ولا يتحدث عنهم الإعلام، وأحيانًا تتواصل معهم الهيئات لتوثيق الأخبار ولا تجد منهم أذنًا صاغية.
ووجّه السعيدي حديثه للسريحي قائلاً: إن كنت تقول إن جهاز الهيئة إرهابي لأنه تسبب في القتل أو شارك فيه، فلتعتبر الأمن العام إرهابياً لأنه تسبب في أكثر من حادثة قتل وهي ثابتة على بعض أفراده وصدرت بحقهم أحكام.. إن لم تفعل ذلك فإنك تكون قد كلت بمكيالين.
وفي جوابه عن سؤال السعيدي قال السريحي: إن كان جهاز الأمن مثل ما قلت فهو يمارس إرهاباً على المواطنين.
وأضاف: هناك توجيهات للصحف بعدم التعرض للهيئة وأخطائها، بل حتى مقالي الأخير تم إيقافه ولم ينشر يوم كامل من أجل أني تعرضت للهيئة!
ومن جهته شن عبدالعزيز السماري هجومًا عنيفًا على الهيئة، موضحًا أن تقاليد الهيئة عفا عليها الزمن، وأضاف: "أصبح هذا الجهاز يقدّم صورة تشوه مفهوم الحسبة". وأوضح السماري أن المعصية ليست منكرًا كما قال الإمام الغزالي، فينبغي علينا أن نفرّق بين المعصية وبين المنكر.
وقال – في مداخلته الهاتفية-: "الهيئة تقوم باضطهاد الناس ومطاردتهم من أجل الموسيقى أو قصة الشعر.. وهذه أمور عفا عليها الزمن، لا ينفع في القرن الحالي أن يطارد الناس بالشوارع، والجرائم التي تضبط عليها الهيئة منذ 1400 سنة". وفي المقابل أكدت حصة الأسمري في مداخلتها الهاتفية أن الجبناء هم من ينتقدون الهيئة بغير حق، ولا يستطيعون نقد الوزارة والأجهزة القوية. وقالت: الهيئة تمثل ولي الأمر فلها أن تنهي وتأمر باليد.
وأوضحت الأسمري أن الهيئة تحمي الأعراض فكم من فتاة لجأت إليهم فحموها من الابتزاز.
وشددت قائلة: الهيئة الجهاز الوحيد الذي يهابه كل من يريد أن ينتهك عرضًا، وكذلك تأمنه النساء.
ومن جهتها تساءلت الناشطة الاجتماعية عائشة الشهري: لماذا لا تصلح الهيئة أن تكون وزارة، وكأن رجال الهيئة من كوكب آخر! وقالت في مداخلتها الهاتفية: "نحن مع محاسبة المخطئ في الهيئة، حتى لو كان الخطأ من رئيس الهيئة".
وأوضحت الشهري أن هناك استهدافًا للهيئة، ف"لماذا لم يسلطوا الضوء على أخطاء الدفاع المدني؟ ويطالبوا بإلغائه؟.. هناك جرائم مكتملة الأركان لا يتحدثون عنها، بخلاف ما تتهم به الهيئة فما تزال قيد التحقيق".
واتهمت الشهري من يحارب الهيئة بمحاربة الدين، وأردفت قائلة: "هم لا يحاربون الهيئة إنما يحاربون الدين، ويتمنون إفساد المجتمع".
وأشارت إلى أن الهيئة تم تكبيلها تمامًا، والإعلام باستهدافه الهيئة شحن الشباب عليها، فأصبح شبابنا مشحوناً كما رأينا في حادثة فتاة المناكير.
وأضافت: "إحنا ما ذبحنا ولا جلدنا إلا إعلامنا". وانتقدت عاشة الشهري زيارة الأمير الوليد بن طلال لأهالي المقتولين بحادثة اليوم الوطني، وتساءلت قائلة: لماذا لا يزور الأمير الوليد باقي الضحايا في الحوادث الأخرى؟ والموت هو نفس الموت.. لماذا يذهب لأهالي المقتولين ويُصرّح ويصعّد الاتهامات ضد الهيئة؟