رفع رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ باسمه ونيابة عن أعضاء المجلس، التهاني لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين -حفظهم الله- ولحكومة وشعب المملكة العربية السعودية بمناسبة اليوم الوطني للمملكة في ذكراه الثالثة والثمانين. جاء ذلك في كلمة له بهذه المناسبة، قال فيها: إن الثالث والعشرين من شهر سبتمبر عام 1932م الموافق 19 جمادى الأولى 1351ه شهد تأسيس أول وحدة عربية على شبه الجزيرة العربية حينما أعلن موحد هذه البلاد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود توحيد المملكة العربية السعودية بعد أن سطر ورجاله المخلصون ملحمة بطولية تاريخية على أرض الجزيرة العربية امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً، لتوحيد أجزاء هذا الوطن تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، ذلك اليوم كان الفاصل بين حياة الخوف والفرقة والنزاعات، والجهل، وحياة الأمن والاستقرار، والوحدة ونبذ العصبية، ونشر العلم ليبدد ظلام الجهل.
إنه يوم تاريخي لا ينسى وذكرى راسخة في أذهان أبناء هذا الوطن جيلاً بعد جيل، ويحق لنا جميعاً بكل أطيافنا وأجناسنا وأعمارنا أن نفخر بهذه الذكرى العظيمة وأن نحتفي بها؛ لأنها تمثل لنا الماضي والحاضر والمستقبل.
هذه الذكرى مناسبة في كل عام يتوقف فيها أبناء هذا الوطن لقراءة الحاضر في هذا العهد الزاهر.. عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- عهد الخير والنماء، عهد الإصلاح والتحديث للأنظمة، والنقلة الحديثة في إدارة الدولة بما يواكب المستجدات ومتغيرات العصر، ويستجيب للتطورات المتلاحقة التي تشهدها المملكة العربية السعودية على أكثر من صعيد، ويساير المكانة الرائدة التي باتت تتبوأها المملكة على المستوى العالمي.
إن النهضة التنموية التي شهدتها المملكة في القطاعات والخدمات كافة، وبخاصة ما يتعلق بتنمية إنسان هذه البلاد فهو عماد التنمية ومرتكزها، وهدفها، لذلك أولى خادم الحرمين الشريفين قطاع التعليم جل عنايته ورعايته، فأمر بمشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام، والتوسع في إنشاء الجامعات لتصل إلى 25 صرحاً جامعياً في مختلف مناطق المملكة، وأنشأ جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، إلى جانب برنامج الابتعاث الخارجي للطلاب والطالبات ليواصلوا دراستهم العليا في مختلف التخصصات العلمية في عدد من البلدان الشقيقة والصديقة.
إن المتتبع لتاريخِ الحكم في المملكة العربية السعوديةِ منذ تأسِيسِها يجد أنه قام على منهج الشورى، وهو مبدأ إسلامي يستمد مشروعيته من القرآن والسنة النبوية الشريفة، وشكلت الشورى إحدى السمات المهمة في بناء الدولة وتأسيس نظام الحكم والإدارة التي جعلت هذه البلاد تتميز في نظام حكمها وإدارتها، فقد كان من أول القرارات التي اتخذها الملك عبد العزيز -رحمه الله- بعد توحيد أركان البلاد أمره بتكوين مجلس للشورى؛ لإيمانه العميق بأهمية مبدأ الشورى في إدارة شؤون البلاد وسار أبناؤه البررة من بعده على هذا النهج القويم في إدارة شؤون الدولة.
إن النقلة النوعيةً والتاريخية التي شهدها المجلس في هذا العهد الميمون تمثلت بالقرارِ التاريخي لخادمِ الحرمينِ الشريفينِ بتعيين 30 امرأةً في المجلسِ؛ ليمنحها حق المشاركة في دائرة صناعة القرار وإسهامها في مسيرة التنمية، هذا القرار غير المسبوق تاريخياً هو تقديرٌ من خادم الحرمين الشريفين للمرأةِ السعوديةِ وما وصلت إليه من النضج الفكري والعلمي والخبرة العملية بما يمكنها من المشاركة بفاعلية في صناعةِ القرارِ الوطني.
إن المجلس وبتوفيقٍ منِ اللهِ تعالى ثم بدعمِ ولاة الأمر أصبح سنداً قوياً للدولة، وحلقة رئيسة في منظومة السلطة التنظيمية في المملكة، وعضواً فاعلاً في العديد من الاتحادات البرلمانيةِ سواء على المستوى العالمي أو القاري أو الإقليمي، ويتفاعل مع نظرائِه الأعضاء في هذه الاتحادات تفاعلاً إيجابياً وبما يراه مفيداً لتطوير عمله وآلياتهِ، ويحقق أهدافهُ السامية.
وعلى الصعيد السياسي سجلت المملكة بمكانتها الاقتصادية ووزنها الإقليمي حضوراً قوياً على الساحة الدولية فأصبحت ضمن مجموعة العشرين التي تضم أكبر عشرين دولة اقتصادية، إلى جانب سياساتها الثابتة التي تقوم على مبدأ الحق والعدل، فكانت المملكة دوماً إلى جانب القضايا العربية والإسلامية تعمل على دعمها ونصرتها في مختلف المحافل الدولية، والشواهد كثيرة، منها على سبيل الذكر لا الحصر مؤتمر التضامن الإسلامي الاستثنائي الذي دعا له خادم الحرمين الشريفين وعقد في مكةالمكرمة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك 1433 ه ومؤتمر الحوار العالمي بين أتباع الأديان الذي عقد في مدريد 2008 م وأسفر عن إنشاء مركز الملك عبد الله العالمي للحوار في العاصمة النمساوية فيينا.
إن ما نعيشه اليوم من إنجازات ما هو إلا امتداد للخطة الاستراتيجية التي أسسها الملك عبد العزيز -رحمه الله- وسار على إثرها أبناؤه البررة الكرام، وما أحوجنا الآن، أكثر من أي وقت سبق، إلى مزيد من العمل وتضافر الجهود لتنمية هذا الوطن والحفاظ على مكتسباته في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله. وأسأل الله تعالى أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني، وأن يديم على بلادنا الغالية أمنها واستقرارها.