- مشكلة الاقتصاد السعودي أكبر من البطالة ولا بد من إدارة مختلفة - الحل في التخطيط الاقتصادي السليم وخطة شاملة يديرها جهاز إداري مستقل
الدكتور إحسان بو حليقة: - الجهاز التنفيذي للدولة ضعيف لا يستطيع مواكبة إمكانات الاقتصاد للنمو والتنمية
- أتمنى أن نحتفي بالإنجازات السنوية كما نحتفي بإعلان الميزانية لنقول هذا ما أُنجز من مشاريع
الدكتور طارق كوشك: - مشاكلنا تتمثل في سوء الإدارة وسوء التخطيط وسوء إدارة الميزانية وضعف الكفاءات وثقافة المجتمع السلبية
- الحل هو إسناد المهمة للشباب في إدارة الدولة والمناصب المهمة
الأستاذ عبد الحميد العمري: - منذ نصف قرن ونحن نتراجع للوراء وكثير من الوزراء لا يعرفون ما هي المسؤوليات والمهام المناطة بوزاراتهم
- أطالب بإلغاء وزارة التخطيط ومحاسبة ومراقبة أجهزة الدولة
أدار الندوة: شقران الرشيدي متابعة: عبدالرحمن العنبري- عبد الرحمن الغامدي- فؤاد الشافعي تصوير: فايز الزيادي
سبق – الرياض: نظمت "سبق" ندوة اقتصادية تحت عنوان "الاقتصاد السعودي واقعه ومستقبله"، تم فيها مناقشة عدد من المحاور الاقتصادية المهمة والمشاكل، والمعضلات التي تواجه الاقتصاد السعودي، ومسببات الفقر، والبطالة، والتضخم، وسوء توزيع الدخل، وأسباب أزمة السكن، وعدم تنوُّع الإنتاج والاعتماد المستمر على البترول، إضافة إلى محور يتساءل: هل الكفاءات الإدارية التي تدير المشاريع التنموية ضعيفة، وتداعيات قرار تأنيث المحال النسائية، ومدى انعكاس الأوضاع العربية غير المستقرة على الاقتصاد السعودي، وأسباب تزايد العمالة الوافدة التي تستنزف الاقتصاد السعودي بملايين الريالات سنوياً في ظل عدم وجود فرص عمل حقيقية للشباب السعودي، وكذلك دوافع جشع التجار المستمر، وغلاء الأسعار، وكيف يمكن الحد منها؟ إضافة إلى مناقشة مبررات فشل حملات المقاطعات الشعبية.. وغيرها من المحاور الاقتصادية الملحة.
وشارك في مناقشة المحاور الخبراء الاقتصاديون (الدكتور عبد الرحمن السلطان أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة العامة وعميد الخدمة المجتمع والتعليم المستمر في المؤسسة العامة للتعليم الفني، الدكتور إحسان بو حليقة الخبير الاقتصادي المستشار وعضو سابق في مجلس الشورى، الدكتور طارق كوشك الخبير والمستشار الاقتصادي أستاذ المحاسبة والمراجعة الحكومية المساعد بجامعة الملك عبد العزيز والأستاذ عبد الحميد العمري خبير ومستشار اقتصادي بارز حاصل على شهادة سياسات وبرمجة الاقتصاد الكلي "IMF").
وحضر الندوة من "سبق" الزميل لطفي عبد اللطيف، نائب رئيس التحرير، والزميل أحمد البراهيم مدير العلاقات والحالات الإنسانية، والزميل الصحفي عيسى الحربي.
وكان أهم محاور الندوة قد تناول "مشاكل الاقتصاد السعودي والحلول الممكنة". وعن هذا المحور قال الدكتور عبد الرحمن السلطان: "أعتقد أن هناك مشاكل عدة تواجه الاقتصاد السعودي، بل إن هناك من يرى أن الدول الغنية كالسعودية ذات الموارد الاقتصادية ليس من المفروض أن تعاني مشاكل اقتصادية، على اعتبار قدرتها على تنوع الدخل والإنتاج".
وأضاف الدكتور السلطان بأن الخطة الخمسية الأولى كانت تطالب منذ عشرات السنين بتنوع الإنتاج، وعدم الاعتماد فقط على البترول، لكننا وجدنا أننا الآن لا نزال نعتمد بشكل أكثر على هذه السلعة؛ وبالتالي لا بد الآن من إدارة مختلفة للاقتصاد لوضع الحلول. والمشكلة ليست في البطالة فقط، بل تدني مساهمة من هم في سوق العمل "في مسارات سوق العمل" بشكل أكبر؛ فلدينا حالياً 7.5 مليون شاب سعودي، وخريجون لا يجدون فرص عمل، ولا بد من أن نتعامل معهم بجدية؛ فمشكلتنا أكبر من البطالة، وتتفرع إلى مشاكل أخرى، كتأهيل السعوديين لسوق العمل، وتدنى مساهمة المواطن في سوق العمل، وارتفاع معدلات الفقر، وصعوبة التكيف، وسوء توزيع الدخل، وأزمة الإسكان بسبب ارتفاع أسعار الأراضي، إضافة إلى التضخم، وسوء إدارة التدفقات الأجنبية للاقتصاد السعودي، وعدم وجود سياسات تنظم الاقتصاد، وكذلك ارتفاع تكاليف المعيشة لعدم وجود سياسات اقتصادية مرنة".
وأشار الدكتور السلطان إلى أن الحل هو في التخطيط الاقتصادي السليم الشامل الذي يدير الاقتصاد السعودي، ليس لجهة معينة، بل بخطة شاملة يديرها جهاز إداري مستقل، ينفذها ويحرص على تنسيق الجهود مع الأجهزة الحكومية الأخرى، الذين اتضح أنهم لا يملكون الوقت والقدرة، فوزارة التخطيط حالياً لا تقوم بالتخطيط بل تجمع طلبات الجهات الحكومية السنوية، وتضع خططاً متكررة؛ وبالتالي هناك صلاحيات منزوعة من وزارة التخطيط لوزارة المالية، وهذا خلل كبير – على حد وصفه.
ومن جانبه قال إحسان بو حليقة: "أنا لا أسميها مشاكل بل هي معوقات أو معضلات الاقتصاد السعودي، وتتمثل في سوء إدارة الموارد البشرية، وعدم استغلال المتاح من العمالة المواطنة؛ وبالتالي اتساق سياسة استقدام العمالة الوافدة مع أي شيء اقتصادي".
وأضاف الدكتور بو حليقة "على الرغم من أن أغلب سكان السعودية شباب إلا أننا لسبب أو لآخر نستقدم الكثير من العمالة الوافدة من أمثال شبابنا، لكنهم عمالة أمية، غير ماهرة، وخبراتهم قليلة، وهم منافسون للسعوديين؛ ما خلق مشاكل كبيرة في السوق السعودي، ولك أن تتخيل أن عام 2011م استُخرج فيه مليون و200 ألف تأشيرة، وعام 2012م استُخرجت مليونا تأشيرة، والآن سياسة الاستقدام هي (لإسكات المقاولين)، الذين يطلبون التأشيرات، في حين أن إنتاجية العمالة الوافدة متدنية إجمالياً".
وأوضح الدكتور بو حليقة "تطلعاتنا التنموية كبيرة، لكنها لا تواكب الواقع؛ فالجهاز التنفيذي للدولة لا يستطيع مواكبة إمكانات الاقتصاد السعودي للنمو والتنمية لأسباب عدة، ونحن نتحدث كثيراً، ونحتفي بإعلان الخطط الخمسية، لكننا لا نتابع تنفيذها، والعبرة دائماً بالتنفيذ".
وقال الدكتور بو حليقة: "أتمنى أن نحتفل بالإنجازات السنوية كما نحتفي بإعلان الميزانية، ونقول هذا ما أُنجز من مشاريع تنموية سنوياً، وهي تنفيذ ما أمره به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما قال لوزراء (لا عذر لكم).. فالوزراء حالياً في أفضل الحالات؛ فالموارد متاحة، وهناك وفرة للإنفاق قياسية، تتحقق عاماً بعد عام، لتنفيذ الخطط والإنجاز".
وفي السياق ذاته يرى الدكتور طارق كوشك أن مشاكلنا الاقتصادية تتمثل في سوء الإدارة، وعدم تجديد دماء المسؤولين، وضعف التخطيط، وضعف الكفاءات، وتفشي الثقافة الاجتماعية السلبية تجاه المهن الحرفية.
وأكد الدكتور كوشك أن الاقتصاد السعودي يواجه مشاكل عدة، أهمها "هرم" القيادات الإدارية التي لم تتغير في إدارة الدولة منذ سنين؛ وبالتالي لا تقدم جديداً للمجتمع، كذلك عدم تجديد دماء المسؤولين الحكوميين بشكل عام؛ ما انعكس على الاقتصاد الذي لا يتطور؛ لأن من يديره لم يتطور؛ فالعقول الجديدة هي القادرة على إدارة ومواكبة مستجدات الحياة والتطور.
ويرى الدكتور كوشك أن الحل هو إسناد المهمة للشباب في إدارة الدولة والمناصب المهمة، وكذلك تغيير طريقة إدارة الميزانية العامة للدولة بشكل أكثر مرونة وتطوراً، والاستفادة بشكل أكبر من كفاءات وطاقات المبتعثين السعوديين، والعمل على تغيير ثقافة المجتمع نحو تقبل الوظائف المهنية.
أما الأستاذ عبد الحميد العمري فيعتقد أن ما يذكر عن مشاكل الاقتصاد مجرد ظواهر كالفساد، والتضخم، والاحتكار.. لكن الظواهر أسبابها أخطر، ولا بد من معالجة الأسباب أولاً قبل الظواهر.. فالمشكلة الرئيسية حالياً هي أن الاقتصاد السعودي "اقتصاد ريعي"؛ وبالتالي لا تنفع مع الحلول التقليدية بل لا بد من تغيير كامل "جلد" الاقتصاد السعودي؛ لأننا منذ نصف قرن ونحن نتراجع للوراء، ولا نزال نعتمد على البترول، ولا نزال في الغيبوبة ونوم عجيب، في ظل ترهل الإدارة المسؤولة عن التخطيط، وضعف المنافسة التي تسأل عنها الدولة.
وقال الأستاذ العمري: "الخطط التنموية لم يتحقق منها شيء، كهدف رئيس، ولا نزال نستورد 3 أضعاف ما نصدر، ولدينا 10 ملايين عامل في سوق العمل، ولا نزال نستقدم من دول متخلفة".
وأضاف الأستاذ العمري بأن الأخطر هو غياب الرؤية الواضحة للمجتمع والاقتصاد السعودي؛ فالخطط التنموية منذ أكثر من 44 سنة متناسخة وحبر على الورق، وهي التي يجب أن يكون هدفها كرامة وتعزيز وتعليم وتأهيل الإنسان السعودي، إضافة إلى عدم تعزيز الهوية الوطنية فالمواطن السعودي أصبح متعدد الشخصيات، ويعاني انفصاماً شخصياً لتلقيه رسائل عدة من جهات متناقضة عدة.
وقال الأستاذ العمري: "كثير من الوزراء لا يعرفون ما هي المسؤوليات والمهام المناطة بوزاراتهم".
مطالباً بإلغاء وزارة التخطيط، وبالمحاسبة والمراقبة، فالمشكلة في الاقتصاد السعودي تتمثل في سوء الإدارة، وغياب الرؤية؛ وبالتالي نحن في حالة فراغية من الحياة، لا نعلم من أين نبدأ؟ وأين ننتهي؟ فكل الوزارات تدعي ولا تنفيذ. فعلى سبيل المثال كلما زاد الصرف المالي والاعتمادات على وزارة الصحة قل الانجاز فأين المحاسبة والمراقبة؟ للأسف لا توجدان.