كشف تجمُّع طبي أن المملكة تسجِّل زيادة سنوية في أعداد المصابين بمرض السكري بنحو 150 ألف حالة مرضية جديدة سنوياً، وبنسبة نمو قُدِّرت بنحو 80% للفئة العمرية بين 20 إلى 80 عاماً. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقدته نخبة من أطباء الغدد وأمراض السكري، ونظمته "نوفارتس" العالمية في فندق الإنتركونتننتال في الرياض؛ لمناقشة أحدث مستجدات علاج مرضى السكري على الصائمين.
استعرض الأطباء نتائج دراسة علمية صدرت حديثاً، شملت 1300 من المرضى الذين يصومون في شهر رمضان، في عشر دول إسلامية هي: السعودية، والكويت، والإمارات، والبحرين، وعمان، ومصر، ولبنان، وإندونيسيا، وبنغلاديش، وباكستان، أظهرت أن تناول عقار (فيلداجليبتين) أحد موانع أنزيم "دي بي بي 4" أدى إلى انخفاض نسبة الإصابة بهبوط سكر الدم إلى 6%، مقارنة ببعض الأدوية الأخرى المحفزة لإفراز الأنسولين التي تعدَّت نسبة الهبوط عندهم إلى 21%.
وقال الدكتور صالح الجاسر استشاري الغدد الصماء والسكري بمدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني إن دول العالم تصرف سنوياً 471 مليار دولار على مرض السكري، وأن الولاياتالمتحدة وحدها تنفق نحو 230 مليار دولار، بمعدل 10 آلاف دولار للفرد الواحد، فيما تنفق السعودية حوالي 1500 دولار سنوياً على المريض الواحد، أي حوالي ستة مليارات ريال تصرفها المملكة على مرض السكري، ويشمل المرض المنظور وغير المنظور.
وتابع أن نسبة الإصابة بالسكري في المملكة للفئة العمرية بين 20 و80 عاماً وصلت إلى 23.4% في نهاية نوفمبر 2012 طبقاً لإحصاءات الاتحاد العالمي للسكري، ليصل عدد المصابين إلى 3.4 ملايين مصاب في المملكة.
وأوضح الجاسر أن نحو 80% من المصابين بمرض السكري يموتون بسبب أمراض بالقلب، وهو السبب الرئيس؛ لأنه في الغالب مرض السكري يصاحبه خلل في أمراض أخرى كارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول، وأنه كلما زاد ارتفاع ضغط الدم وزاد معدل الكوليسترول زاد معدل التسرب في الشرايين الإنتاجية، وأدى إلى ضيقها وانسدادها.
بيَّن الجاسر أن هناك عوامل كثيرة تتعلق بالصوم ومرض السكري وتحديد العلاج الأمثل ونمط الغذاء الأفضل، فالعمر والوزن وطبيعة العمل وطول فترة المرض ونوع السكري، ووجود أي حالات أخرى مصاحبة تختلف من شخص لآخر.
وأضاف أن هذه كلها عوامل مهمة جداً في تحديد نوع العلاج الأمثل، فنجد أن البعض يمكنه السيطرة على مستوى السكر بالدم، من خلال اتباع نظام غذائي مع المحافظة على الوزن الأمثل، في حين يحتاج البعض الآخر لاستخدام الأقراص أو حقن الأنسولين؛ لتحقيق ذلك، وكل هذه العوامل لها أهميتها في تقرير مدى القدرة على الصيام دون مشاكل.
وطالب استشاري الغدد الصماء والسكري بمدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني الدكتور صالح الجاسر، بتفعيل دور خطباء الجوامع ومناقشة القضايا الاجتماعية والصحية، وسرعة إدراج الرياضة البدنية في مدارس البنات؛ لمواجهة خطر ارتفاع معدلات البدانة، والإصابة بمرض السكري وتأثيره.
من جهته أوضح الدكتور محمد الحربي مدير مراكز ووحدات السكري بوزارة الصحة، أن مرض السكري في المملكة يُعتبر من الأمراض الأساسية وكثيرة الحدوث، وأن الإحصائيات تقول إن نسبة الإصابة بالسكري في المملكة تصل إلى 14.1% من السكان وأن 28.9% نسبة الإصابة بالمرض في الفئة العمرية لأكثر من 30 سنة، وهذا يعني أن عدد المصابين بين أربعة إلى ستة ملايين مصاب، منهم ثلاثة ملايين مصاب مسؤولة عنهم وزارة الصحة.
وبيَّن "الحربي" أنه من خلال الدراسات أوضحت أن المملكة تحتل المرتبة الثالثة عالمياً من حيث الإصابة بالنوع الأول من السكري وخاصة الأطفال بشكل كبير، وأن النوع الأول من مرض السكري لا شأن له بنمط الحياة؛ لأنه قد يولد الطفل مصاباً بالمرض.
وبيَّن أنه حينما استشعرت وزارة الصحة خطورة الموقف بدأت بخطوات؛ أولها إنشاء مراكز متخصصة للسكري في جميع مناطق ومحافظات المملكة بلغت 28 مركزاً موزَّعة على 13 منطقة و7 محافظات، يعمل منها حالياً 19 مركزاً، وسوف تستكمل بقية المراكز، بهدف أن تكون مراكز متخصصة تقدم العلاج لمرضى السكري ومرجعية.
وتابع أن الخطوة الثانية أن الوزارة وبدلاً من أن يكون مرض السكري كحال بقية الأمراض في وزارة الصحة، خصصت له إدارة خاصة قبل عام، حيث إنه لا يوجد في الوزارة مثلاً إدارة للربو أو القلب، مما يعكس مواجهة الوزارة لهذا التحدي.
وأضاف "الحربي" أن الوزارة ستعمل في العام القادم على تنفيذ الخطة الوطنية للمكافحة وعلاج السكري، وتقوم بإنشاء وحدات يصل عددها إلى 45-50 وحدة؛ بحيث يكون في كل منطقة مركز متخصص ووحدات في المستشفيات، وأن هناك نحو 76 استشارياً في الغدد الصماء والسكري في وزارة الصحة.
إلى ذلك أشار الدكتور يوسف الصالح استشاري أمراض الغدد بالشؤون الصحية بالحرس الوطني إلى أنه ومع أن شهر الصوم ينبغي أن يقل فيه الأكل ويزيد العمل، ولكن نرى أن كمية الطعام للأسرة الواحدة تزيد 4 أضعاف فيما عداه من الشهور، مع قلة في النشاط البدني، مما يؤدي إلى زيادة في الوزن.
وتابع: "هناك عامل مهم لمريض السكري وهو ارتفاع درجة حرارة الجو في رمضان لهذه السنة؛ فهو وقت الصيف مع طول فترة الصيام إلى ما يقارب أربع عشرة ساعة تقريباً".
من ناحيته شدد الدكتور أنور الجماح استشاري أمراض الغدد بالمستشفى الجامعي بالرياض على وجبة السحور وقال: "وكلما أخرتها كان أفضل، وأي إهمال لها قد يؤدي إلى انخفاض السكر في الدم أثناء الصيام والتبكير في الإفطار، وبالإمكان أخذ علاج السكري سواءً حبوب أو أنسولين مع أذان المغرب، وتجنُّب القيام بتمرينات رياضية أثناء الصيام، وخصوصاً بعد العصر لتفادي انخفاض السكر".