حلقة مليئة بالمفاجآت تمكن الإعلامي سعود الدوسري في الحلقة 14 من برنامجه "أهم 10" من انتزاع كل جديد من ضيفه الإعلامي المصري عمرو أديب، الذي بدأ حلقته بإظهار حالة الإحباط التي مرت عليه، فترك على إثرها مصر وتوجه نحو بيروت، التي كان شبه مقيم فيها بعد حالة اليأس التي أصابته كسائر المصريين من حكم الإخوان. وتذكر "أديب" طفولته، شارحاً: "كنت مراهقاً يوم هزيمة 1967 وكان حلمي أن تقود مصر العالم العربي بعد خوضها الحرب ضد العدو الإسرائيلي، لكن هذا الحلم لم يتحقق... يوم بكى والدي... حينها أدركت أن الخسارة كبيرة، خسرنا القدس والضفة الغربية... أمّا على المستوى الشخصي انكسرت كما انكسر الكثير من الشباب... وكنا نتساءل هل فعلاً هزمنا أو كما قالوا لنا للتجميل إنها نكسة".
وقال: "في وقتها كان الإعلام المصري إذا صح القول إعلاماً كاذباً مخادعاً لا يقول لنا حقيقة ما يحصل ويصوّر لنا القوّة المطلقة، في حين أنها ليست فعلاً موجودة؛ لأنه وصف الهزيمة بالنكسة. اعتقد أن الرئيس جمال عبدالناصر كان رجلاً ثورياً يسعى من أجل الأفضل لمصر".
وتابع: "بالنسبة لثورة يناير 2011 التفكير كلّه كان قائماً على فكرة الإسقاط، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ما البديل؟ هل تبدّلت حالة المصريين إلى الأفضل؟ اليوم يبقى السؤال هل أن حكم الإخوان أخذنا نحو الأفضل؟ والأمر ليس مرهوناً بالوقت الذي تولّى فيه الإخوان الحكم فطريقتهم في إدارة شؤون البلاد خاطئة.
في عهد الرئيس أنور السادات كنّا كطلاب جامعيين نتظاهر من أجل حثّ الرئيس ومطالبته محاربة إسرائيل، يوم عبر 100 ألف جندي مصري سيناء وقناة السويس شعرت بفرحة لا توصف شعرت أننا على قيد الحياة، وأننا لسنا جثثاً هامدة بل إن هناك أملاً ببناء مستقبل مصر من جديد... بعد اغتيال (السادات) جاءتني فرصة للسفر إلى لندن... في الثمانينات من القرن الماضي كنت أرى أن مصر تتجه نحو التطرّف الديني، ولكن حسني مبارك كان محكماً بالقبضة على الإخوان المسلمين".
واختار اليوم الثاني لقاءه مع الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي اعتبره من أهم أيام حياته: "كنت شاباً لم يكن إيماني قوياً إلى درجة التفكير بسكينة النفس والروحانية المطلقة، كان لقاء الشيخ الشعراوي بالصدفة، عندما كنت في لندن طلب مني صديقي مرافقة الشيخ، وبالفعل منذ أن استقبلته على المطار حتى آخر يوم من إقامته التي استغرقت 94 يوماً لم أفارقه قطّ، وسافرت معه إلى مصر.
ومن خلال معرفتي الوثيقة به وعن قرب أقول: إنه رجل معتدل وسطي تعلّمت منه الكثير. هو ليس من طلاب السلطة، وهو من دعاة أن يحكم الإسلام وليس رجال الدين، نحن اليوم أمام مدرستين في الإسلام تفسّر الإسلام وتنقله إلى الآخرين بشكل مغلوط.
هناك من يشوّه صورة الإسلام عبر تطبيقاتٍ شرسة رجعية تدعو إلى التشدّد والممارسات الشرسة القاسية، بينما الإسلام هو دين التسامح والمغفرة الرحمة.
ومن لا يفهم حقيقة الإسلام ويرى كل هذه الممارسات يخاف منه وينفر من الصورة التي تمّ تصويرها عن الإسلام وأخذها على أنها الصورة النمطية".
اليوم التالي كان يوم اتهم بمناصرة الرئيس مبارك، ولكنه مصرّ على أن ثورة الأجيال احتضنها الإخوان ويقول "أديب": "لا مانع لدي أن تحكمني أي من الفرق أو الجماعات السياسية وليس عندي مشكلة مع الإخوان وحكمهم، ولكن مشكلتي أن يحكموا بالطريقة الصحيحة فهم من لحظة وصولهم إلى الحكم لم يحققوا ما كان يطمح إليه الشعب من عدالة واستقرار وأمن".
واختار اليوم الرابع يوم تأثير نجيب محفوظ على حياته وقال: "نشأت في منزل والدي وهو كاتب سيناريو، بالتالي كانت لقاءاتي به كثيرة فاستطعت التقرّب منه والتعرّف عليه وعلى إبداعاته.
بالنسبة لي عندما حصل محفوظ على الجائزة كنت في قمة السعادة كمواطن عربي مصري يفوز بجائزة نوبل للآداب، فكانت بالنسبة لي لحظة فخر كبيرة".
واليوم التالي في حياة عمرو أديب يذكره قائلاً: "كيف كان يتعامل محفوظ مع النظام السياسي هناك نظرة نمطية من قبل الأمن للمفكّر والمثقّف بعين الريبة والقلق، بالتالي إذا انتقد أو دعي للثورة، فهو كان يتحايل على السلطة من خلال استخدام الرمزية في رواياته مثل كليلة ودمنة. أنا ضد سقوط حرمة الحاكم واليوم لا حدود للانتقاد أي أن في مصر أي شخصية مستباحة برأي يجب أن يكون الانتقاد انتقاداً محترماً".
اليوم السادس كان يوم الإفراج عن نيلسون مانديلا وعنه يقول: "هذا الشخص هو أعظم شخص في الحياة، وأنا لا أستطيع التخلي عن ملذات الحرية والحياة لأكون مثله، رغم أنّه قضى 27 سنة كمعتقل رأي خرج من السجن وهو مصّر على رأيه، واللافت أنه لم يخرج رجلاً أسود حاقداً على ذلك الرجل الأبيض الذي سجنه".
اليوم السابع الذي كان أكثر تأثيراً كان يوم أحداث 11 سبتمبر، تاريخ أثّر في حياة "أديب" في حينها كان في سويسرا في رحلة علاجية يقول: "عندما خرجت من عند الطبيب وسرت في شوارع سويسرا تلك المدينة الهادئة لاحظت حالة من التوتّر المكتوم في محلات الأدوات الكهربائية؛ حيث كانت شاشات التلفزة تعرض ما يحدث في الولاياتالمتحدةالأمريكية، صعدت إلى غرفتي في الفندق وبدأت أسمع الأخبار ولم أصدق ما يحصل أن برجي التجارة العالمية قد انهارا، وتمنيت أن لا يكون وراء هذا العمل أي شخص عربي أو مسلم، وبدأت المعلومات تصل عن ضلوع ابن لادن في هذه العملية.
تلقيت اتصالات كثيرة تنتقدني على موقفي أن هذا ليس جهاداً بل عمل تخريبي، ولكن فيما بعد أدرك الناس خاصةً من انتقدني، أن مثل هذه الأعمال رفضها الإسلام، وتعامل الإعلام السعودي بحكمة ووعي مع مسألة تفجير البرجين، وقد فصلت القيادة السعودية بين جنسية وديانة الجناة وبين سياسة السعودية المرتبطة بالولاياتالمتحدة، فكانت القوات السعودية إلى جانب القوات الأمريكية في السعودية تحارب لاستعادة الكويت، كما أن ابن لادن كان على علاقة وثيقة مع الولاياتالمتحدة عندما حارب السوفيت في الشيشان. لم يكتفِ الإخوان بلجوئهم للسعودية بعد الإرهاب التي اتهموا به".
واليوم الثامن الذي ترك أثره في نفس عمرو أديب كان يوم وفاة الممثل أحمد زكي الذي كان صديقاً مقرّباً جداً منه، وكانوا زملاء قبل أن يصبحوا مشهورين، وكان هناك علاقة عائلية كبرت هذه العلاقة مع الأيام.
لما مرض زكي في الثمانينات رافقه أديب في رحلة علاجه إلى لندن، ومن ثمّ علاجه من التدخين.
وقد حوّل رواية إلى فيلم "امرأة واحدة لا تكفي" كما كان إلى جانبه في فيلم حليم. أن أحمد ذكي شخص متواضع جداً لا يهتم بالمال ولا الشهرة هو شخص غير عادي هو عبقري.
اليوم التاسع كان يوم نجاح فيلم عمارة يعقوبيان وقال عنه: "هو أوّل فيلم من إنتاج شركتي وهو عمل فني فريد من نوعه، هو عمل فني من الناحية الأدبية وصعوبة الإنتاج من الناحية السياسية ومجموعة من النجوم التي وجدت في فيلم واحد.
هذا الفيلم تعرّض لحملة من قبل الإخوان المسلمين مدعيين أنّ فيه إساءة للدين، فقامت لجنة الإعلام والفن في استجوابي، وكنت أنا وحدي أناقش وأردّ على الجميع، ثم تمّ التصويت لصالحي 14 صوتاً وواحد امتنع، بذلك فزت في معركتي لعرض الفيلم في مصر. أنا لست موالياً أنا لا أدافع عن السلطة، ولكنني أؤمن بالإصلاحات وليس بالثورة، وأؤمن بالسير نحو إقناع السلطة بالإصلاح أفضل من إسقاط النظام".
أما اليوم العاشر جمعه في عدة أيام دون تاريخ وهي أيام ولادة أبنائه ويوم إطلاق فيلم ابنه: "عند ولادة أبنائي شعرت بمسؤولية أكبر وفرحت وصرت أنتبه إلى صحتي من أجل أولادي، كنت محظوظاً لأن كان لي أب متفهم، وكذلك كنت مع أولادي لم أرغمهم في يوم من الأيام على شيء، كما كنت شديد الاحترام لوالدي.
يوم تمّ افتتاح فيلم ابني محمد كنت أطير من الفرح هذا الشاب المكافح هو الذي تولى عملية الإنتاج وكل ما هنالك من تفاصيل، ونجاحه أفرحني كثيراً خاصةً أنّه هو من اختار دراسة المسرح والكتابة في الجامعة الأمريكية في القاهرة، أنا بدوري دعمته ووقفت إلى جانبه".