دخل الإعلامي سعود الدوسري في الحلقة الرابعة من برنامج "أهم 10" على قناة "روتانا خليجية" في تفاصيل أمنية أكثر منها شخصية، في لقائه مع أحد أهم عناصر استقرار وحفظ الأمن في دبي، وهو الفريق ضاحي خلفان، قائد شرطة دبي، الذي تحدث عن أيام كثيرة اعتبرت مفصلية في حياته كضابط شرطة، بدأها بأيام طفولته التي أثرت فيه وعلَّمته الدقة والثقة بما يفكر. أيام كثيرة من حياته اختصرها "خلفان"، ليبدأ بالحديث عن طفولته ومدرسته، فتذكر في المرحلة الابتدائية كيف طلب منه أستاذه أن يملي عليه لينقل علامات الطلبة من سجل إلى آخر لأنه الأول على فصل، ووجد العلامات لكل مادة واسم يحتاج إلى دقة وتركيز، وأملى عليه العلامات دون أخطاء، فكانت عملية غير مسبوقة لطفل في عمره، وبقيت هذه الواقعة في نفسه وأعطته الثقة فيما يفعل.
وفي العمر نفسه، تذكر عندما دخل الماء إلى منزله حين كان يعيش في "الجميرة" التي كانت تعتبر حينها من المناطق النائية، وكانت في وقتها آبار المياه الحلوة بعيدة عن البيوت، وكانت النساء تعانين من حمل المياه، فعندما وصلت المياه إلى المنازل وفتح الصنبورة ورأى المياه تتدفق شعر بأهمية الخدمة الحكومية وضرورتها.
وتذكر "خلفان" أيضاً أيام حين ظهرت عليه ملامح الكاتب القاص، إذ كان من المفترض أن يكتب موضوعاً من صفحة أو صفحتين، فاسترسل بالكتابة إلى أن أنهى الدفتر كله، وكان من المفترض أن تكفيه أوراقه لمدة ستة أشهر، ولكنه كتب عن صديقين تجمعهما صداقة في مرحلة الشباب، وافترقا ليلتقيا متناقضين، وعندما قرأ الأستاذ القصة قال له إن الدفتر أعطي له لمدة ستة أشهر، لكنه تغاضى عن الأمر لأن ما أعجبه أن أخطاءه اللغوية قليلة، وأن ما كتبه يصلح ليكون قصة قصيرة.
اليوم المفصلي في حياة ضاحي خلفان كان يوم قرر الدخول إلى الشرطة، حيث رفض والده الذي أراده أن يتوجه إلى الجامعة، لكنه فكر بالوضع المادي للأسرة التي كانت تحتاج لأن يعمل أحد فيها بسبب كبر والده، خصوصاً عندما جاء يوم العيد ولم يكن لديه حذاء يرتديه، وفي هذا الوقت أعلنت الشرطة عن ابتعاث دورة، ورفض والده، لأن قائد الشرطة إنكليزي وأساء التعامل مع الناس، وقال والده إن أبناء العوائل والضاحية لا يدخلون الشرطة، فناقش والده قائلاً له لماذا نترك الشرطة للأجانب ولما لا ندخل فيها ونصلحها نحن، فاقتنع برأيي ودخل الشرطة.
وعن الجرائم التي حدثت في دبي وكشفت، ومنها مقتل الفنانة سوزان تميم ومحمود المبحوح، رد قائلاً إن قاتل سوزان كان يريد قتلها في مكان آخر، وعندما نفذ جريمته جاء إلى دبي وكشفت الجريمة، ولم يفلت من العقاب، أما عن قتلة المبحوح فقال إنه لم يكن معروفاً عند كل الناس، وعندما جاء إلى دبي طلب منه إجراء مقابلة وكشف عن وجهه، وقال إنه قتل جنديين، وهنا لام "خلفان" حركة حماس بمقتله لأنها لم تؤمن له الحراسة التي يؤمنونها لخالد مشعل في زياراته، وأسف لأن من استقبل اليهود هو فلسطيني، وتم القبض عليه في ألمانيا بتهمة تزوير جواز سفر، وخرج بكفالة وتوجه إلى إسرائيل.
وكشف "خلفان" أن شرطة دبي ضربت المخابرات الإسرائيلية بكشفها صوراً ومعلومات عن عناصر الموساد السريين، كما كشفوا المادة التي قتلوا بها المبحوح.
وتذكر ضاحي خلفان أول رحلة له في الطائرة خارج الإمارات يوم ابتعاثه في دورة تدريبية للشرطة، وبعد عودته اقترح على قائد الشرطة أن يكون لشرطة دبي مختبراً جنائياً، فصرخ بوجهه وطلب منه الخروج لأن الفكرة استفزته، وبعد عشر سنوات تنحى الضابط الأجنبي وجاء هو قائد شرطة بعمر 28 سنة، وكان أصغر قائد شرطة على مستوى العالم، وأول عمل قام به كان المختبر الجنائي.
وتحدث قائد شرطة دبي أيضاً عن رفع التسمية والصفات والألقاب للشيوخ والأمراء ليكتفوا بالقول بمناداتهم بأسمائهم، مثل الشيخ زايد والشيخ محمد، وعن تنفيذ المخالفات المرورية بحق الجميع أعلن أن الشرطة حررت بحق الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي مخالفة، وأعطى مثلاً آخر، إذ خالفت سيارة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، فلما لا يحررون بحقه مخالفة، وهم على يقين أنه سيدفع الفاتورة بالشيك مباشرة.
وطلب "خلفان" من الأجهزة التسامح مع السعوديين، لكنه أوضح أنه لا يريد أن يكون الشرطي مجرد قانوني، بل أن يلمس الجانب الإنساني مع السائحين والسعوديين لأن نسبتهم أكثر من غيرهم، واتبع أسلوب دفتر مخالفات معفاة لأن الهدف ليس الغرامة بل السلامة.
وكان "خلفان" هو من قرر التعاون بالوسائل الإلكترونية، حين أدخل الكمبيوتر إلى مراكز الشرطة بعد عشرين يوماً من تسلمه القيادة، إذ أراد تطوير الاستمارات الشخصية لمخالفات المرور الذي كان يعاني من ازدحام، وكان الكمبيوتر أهم جهاز يسرع الاستمارات، كما يرى في يوم إدخال البصمة الوراثية إلى شرطة دبي يوماً مهماً لأنه تحت إشراف متخصصين إماراتيين.
وعن علاقته بالإخوان قال إنهم أشخاص ضلوا الطريق ويجب أن يأدبوا، فقبل أن ينتقدون ليصلحوا أنفسهم، وهو تكلم عن تنظيم نصب شخصا ما خليفة للدولة الإسلامية، وذكر أنه إذا كان لا بد من خلافة إسلامية ينبغي أن تنطلق من الجزيرة العربية، أرض الحرمين الشريفين، وحث من يتكلم عن الجهاد على أن يتركوا أولادهم يجاهدون ويكونون قدوة، وهو سيسير وراءهم.
كما أوضح "خلفان" أنه قرر أن تنشئ شرطة دبي قسماً لحقوق الإنسان بعد حضوره لمؤتمر للأمم المتحدة، وليساعد هذا القسم الموقوفين، وحين اعترض البعض قال لهم لماذا ننتظر لكي تأتي تقارير خارجية تبحث عن عيوبنا وتضعها إدانية علينا، فلما لا نسعى كضباط لوضع قسم ونترك رجلاً يبحث عن الخلل ويمسك من يحاول أن يخل بالنظام أو يستغل وجوده.