علمت "سبق" أن مجلس الشورى، أسقط أمس الأحد توصية تقدم بها عضو شورى تطالب وزارة الشؤون البلدية والقروية بتقديم دراسة عاجلة عن جدوى "جباية" الزكاة على الأراضي و"فرض" الرسوم على الأراضي التي لا يجب فيها الزكاة، وأثر ذلك على استقرار أسعار الأراضي ومكافحة التضخم وأثره السلبي على الأمن والاقتصاد والمعيشة، ودور ذلك في معالجة ملفات الإسكان والفقر وغلاء الأسعار. وطالبت التوصية بتقديم الأسباب الكافية في حالة الجدوى أو العدم، وأن تشمل الدراسة كل الجوانب الشرعية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها مما يصب في مصلحة العباد والبلاد.
وكشفت معلومات "سبق" أن فضيلة الشيخ الدكتور عيسى الغيث عضو مجلس الشورى تقدم بالتوصية ضمن توصيات تقرير وزارة الشؤون البلدية والقروية، لكن التوصية سقطت عند التصويت بالأغلبية الحاضرة المصوتة، حيث بلغ عدد الحاضرين 130 وعدد الذين أيدوا التوصية 52 وعدد الذين عارضوها 61 وعدد الذين امتنعوا عن التصويت 17.
وأوضحت مصادر "سبق" أن مجموع عدد المصوتين 113 وتحتاج إلى إقرار التوصية للنصف 1 أي 57 لافتين إلى أن النصاب نقص خمسة أصوات فسقطت التوصية.
وذكر "الغيث" في التوصية أنه "في جباية الزكاة والرسوم على الأراضي تحقيق عدة مصالح منها مصلحة للإسكان بخفض الأسعار وبالتالي تسهيل الحياة على الناس حيث يعيش أكثر من نصف المواطنين في مساكن مستأجرة، كما أن فيه مصلحة لملف الفقر بشكلٍ مباشر عبر ضخ هذه الأموال لحساب الضمان الاجتماعي وبشكلٍ غير مباشر عبر كبح جماح أسعار المساكن سواء الأراضي أو المنازل شراءً واستئجاراً".
وقال في التوصية إنه "قد يقال إن مجلس الشورى يدرس حالياً نظام جباية الزكاة ولا حاجة إلى هذه الدراسة باعتبارها تحصيل حاصل، فأقول إنني عضو في اللجنة الخاصة بالمجلس بشأن مشروع هذا النظام، ولكن من المعلوم أن النظام الأصلي لم يتضمن الزكاة على الأراضي، ويحتاج المشروع إلى مزيدٍ من الوقت، كما سيحتاج المجلس إلى دراسة عاجلة تسهّل عليه اتخاذ القرار بشأنه، فضلاً عن أن في الدراسة تقوية للموقف حتى لدى الجهات التشريعية الأخرى فضلاً عن صاحب القرار".
وقال "الغيث": "ومن المعروف أن الأنظمة في المجلس تحتاج دراستها وإقرارها إلى وقت طويل وهذه الدراسة عاجلة، كما أن النظام المشار إليه يختص بالزكاة ولا يشمل الرسوم، وكذلك قد لا يشمل جميع الأراضي، وبالتالي فتكون هذه الدراسة مساعدة للمجلس ولغيره بهذا الشأن".
ولفت إلى أنه "قد يقال إن هيئة كبار العلماء أفتت بعدم جواز جباية الزكاة على الأراضي، فأقول إن هذا غير صحيح، حيث اطلعت على قرارين لمجلس هيئة كبار العلماء الأول برقم 217 وتاريخ 9-7-1425ه بشأن "فرض" رسوم على الأراضي المخدومة بنسبة معينة من قيمتها، وقرر المجلس بالأغلبية عدم جواز ذلك لأن الأصل حرمة أموال المسلمين، في حين خالف القرار الشيخ عبدالله المنيع وتوقف عنه الشيخ عبدالله الركبان ولم يحضر الجلسة الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله، وبهذا يظهر أن هناك خلافاً في المسألة، ولاسيما أن الدولة تفرض الرسوم على أمور كثيرة وعند التحريم فإنه يشملها وهذا محل نظر".
واعتبر أن "هذه الدراسة سوف تساعد حتى مصدر الفتوى على إعادة النظر فيها، لأنه من المتقرر شرعاً أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وإذا تصور صاحب الفتوى وصاحب الشورى وصاحب القرار هذا الموضوع بدراسة شاملة وعاجلة فسوف يبني حينئذ قراره على تصور كامل وجديد، وكما تغير رأي هيئة كبار العلماء في شأن تقنين الشريعة فقد يتغير في مسألة الرسوم كذلك".
وعن مسألة الزكاة، قال "الغيث": "الهيئة لم تحرم جباية الزكاة على الأراضي، وقد اطلعت على القرار رقم 218 وتاريخ 9-7-1425ه بشأن جباية الزكاة الشرعية المتوجبة على عروض التجارة في الأراضي وذلك جواباً على اقتراح عددٍ من أعضاء مجلس الشورى، وقد اعتمدت الهيئة قرارها السابق رقم 63 في 25-10-1398ه المتضمن بالنص قولهم في الاستدلالات "ولعدم وجود أدلة شرعية تدل على وجوب قيام ولي الأمر بمطالبة الناس بزكوات أموالهم الباطنة..إلخ" ثم قالوا "ولكن إذا طلبها ولي الأمر فدفعوها له برئت ذمتهم منها".
ولفت إلى أنه "لاحظ هذه المسألة الشيخ الدكتور صالح بن حميد عند توقيعه عليها فقال بخط يده على القرار نفسه "مع العلم أن المطلوب هل لولي الأمر جواز ذلك وليس الوجوب وما تضمنه القرار أعلاه هو عدم وجوب ذلك على ولي الأمر لهذا فإن القرار عندي محل تأمل"، كما توقف الشيخ الدكتور عبدالله الركبان عن القرار، ثم قرروا بالأكثرية وليس بالإجماع عدم وجوب ذلك ولكنهم لم يقرروا تحريم ذلك مما يعني عدم وجوب ذلك على ولي الأمر ولكن يجوز له ذلك حين يرى فيه المصلحة العامة".
وقال: "وبهذا ندرك أن موضوع فرض الزكاة على الأراضي محل بحث ونظر ويحتاج إلى دراسة شاملة وعاجلة تُسهل على مؤسسات الفتوى والتشريع تقرير ما فيه مصلحة الوطن والمواطنين".
واعتبر "الغيث" أن "الواقع في الكثير من المدن أن أكثر من نصفها غير معمرة، وأكثر من نصف الناس لا يملكون مساكن، وأكثر من نصف النفقة تذهب لإيجارات المساكن، مما يفرض علينا في مجلس الشورى السعي في معالجة هذا الملف وهذه الدراسة العاجلة سوف تُسهل المهمة للمجلس ولغيره في اتخاذ القرار".
وقال: "صرّح أحد كبار المسؤولين في وزارة الإسكان بأن هناك أكثر من مائة ألف قرض من الصندوق تم الإعلان عنها ولم يستلمها أصحابها لعدم وجود أراضٍ لديهم وعدم قدرتهم على شرائها لارتفاع أسعارها بشكلٍ غير طبيعي، فضلاً عن أن المشكلة ليست في شح الأراضي وإنما في ارتفاع أسعارها واحتكار الكثير منها".
واعتبر أن "جباية الزكاة وفرض الرسوم هما من أهم الحلول لهذا الملف ولغيره من الملفات المرتبطة به فضلاً عن دعم الضمان الاجتماعي بتلك الأموال الضخمة المجبية من الأراضي". ولفت إلى أنه "خلال الأيام الماضية انخفضت أسعار الأراضي بنسبة قدرت بعشرين بالمائة وذلك ببركة الأوامر الملكية الحكيمة بشأن الأراضي والإسكان".
وتساءل: "فكيف لو صدر من مجلسكم الموقر قرار بشأن جباية الزكاة وفرض الرسوم على الأراضي بعد هذه الدراسة، التي ستكون بالتأكيد فيها العلاج الكبير لملفات الإسكان والفقر وغيرهما؟"