أكد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن اختيار غالبية الشعب المصري للدكتور محمد مرسي، بإرادتها الحرة، ليكون رئيساً لها أربع سنوات، يجعله من "أولي الأمر" الذين تجب طاعاتهم، ويحرم الخروج عليه بغير كفر أو معصية بارزة، محذراً من زعزعة استقرار مصر. واستدل البيان بقول الله جل وعلا: {يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنوا أَطِيعوا اللَّهَ وَأَطِيعوا الرَّسولَ وَأولِي الْأَمْرِ مِنْكمْ} [النساء:59]، وبالحديث الذي رواه البخاري ومسلم، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السمع والطاعة حق على المرء المسلم، فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة". قائلاً: لم يأمر محمد مرسي ولا حكومته بكفر ولا معصية، فواجب الشعب أن يطيعه.
واعتبر "الاتحاد" إصرار أعداد من الجهات المعارضة في مصر على التجمع في 30 يونيو لإسقاط الرئيس، وإجراء انتخابات مبكرة، يعني "إتاحة الفرصة للبلطجية والمستأجرين بالملايين، ودعاة الشغب والفتنة أن ينضموا إليهم، ويستخدموا المولوتوف والخرطوش والنار، ويفسدوا في الأرض بعد إصلاحها".
ووصف "الاتحاد" في بيانه ذلك بأنه "يعني قتل البرآء، وترويع الآمنين، وتعريض الممتلكات الشخصية والعامة، وقطع الطرقات، وتعطيل مصالح الناس، ومرافق الحياة في مصر، في 30 يونيو، بحجة المطالبة بتنحي الرئيس المصري أ.د. محمد مرسي -حفظه الله- الذي انتخب انتخاباً شرعياً، ثم جاء الاستفتاء على الدستور بموافقة ما يقرب من ثلثي المنتخبين، حيث كان ذلك موافقة أخرى من الشعب المصري على كونه رئيساً له".
واستغرب البيان، الذي حمل توقيع رئيس الاتحاد أ.د يوسف القرضاوي، وأمينه العام أ.د علي القره داغي، أن ينخرط في هذه الدعوة المغرضة بعض المثقفين والإعلاميين والسياسيين ممن يعول عليهم في الوقوف مع الحق ومناصرته، والذب عن ثوابت الأمة، والتمسك بمقتضيات المنطق، والعقل، وحكم صناديق الاقتراع.
واستبعد "علماء المسلمين" أن يستجيب العقلاء والخيرون من شباب مصر العظيم، الذي أطاح بالطاغية دفاعا عن الحرية والكرامة، وزكى انتخاب الدكتور محمد مرسي حرصا على تحقيق العدالة والتنمية والمساواة وبناء مصر العظيمة ذات المكانة الرائدة عربيا وإسلاميا وإقليميا ودوليا.
وحث "الاتحاد" على استنفار جهود الشعب المصري الكريم، خاصة نخبه المثقفة وطلائعه الشبابية، لحماية المكتسبات الديمقراطية، واستكمال جهود الإصلاح السياسي والمؤسسي للدولة، وإتقان التخطيط للتنمية المستديمة الشاملة والعادلة، ولتؤمن لشعب مصر الكريم- بكل مكوناته- ما يستحقه من حياة كريمة، تليق بمكانة مصر التاريخية والحضارية، ودورها المرتقب في المشهد العربي والإسلامي والدولي.
وأضاف البيان: إن الشعب المصري الكريم لجدير أن يقف بالمرصاد لدعاة الفتنة، الذين يمكرون به لتمزيق وحدته، وتعطيل تنميته، والدوس على مكتسباته الديمقراطية والدستورية. معتبرا ذلك الوقوف هو عين "الوفاء لأرواح الشهداء والكرامة، وتقدير معاناة الجرحى والضحايا، والاعتراف بجهود الخيرين من قادة الرأي والفكر والدين، وأبطال القيادات العسكرية الذين أوصلوا الشعب المصري الكريم، إلى أن يعبّر عن اختياره لقيادته بإرادته الحرة، ولأول مرة في تاريخ مصر الطويل".
وأهاب "الاتحاد" بالمعارضة السياسية احترام إرادة الشعب المصري، والتزام الطرق والأساليب النضالية المشروعة والقانونية، بعيدا عن استغلال العواطف، حتى لا تؤسس بذلك للتشويش على من وصلوا للمسؤولية عن طريق صناديق الاقتراع والانتخابات الحرة النزيهة، وهو ما يهدد بمسلسل من الاضطراب وعدم الاستقرار واختلال الموازين إذا حدث -لا قدر الله- لن ينجو منه أحد، حتى الذين يستمرئونه في الظروف الراهنة.
وأوضح "الاتحاد" أنه يصدر هذا البيان "دعما للشرعية الدستورية، ودفاعا عن استقرار الدولة المصرية، وحرية شعبها في اختيار من يحكمه"، داعيا "الرئيس المنتخب الأستاذ الدكتور محمد مرسي إلى ضرورة التعامل الحكيم مع الموقف لحماية السلم العام والطمأنينة والسكينة، حتى لا تنتشر الفتنة، وينجح دعاة الفساد في زعزعة أمن المجتمع، والعبث بسكينته واستقراره، والتلاعب بمقدرات الدولة ومرافقها العمومية، وبنيتها التحتية.
وطالب "علماء المسلمين" جميع القوى الإسلامية والوطنية والخيرة إلى الوقوف مع إرادة الشعب المصري وثورته والوقوف ضد فلول النظام السابق، وأعداء الاستقرار في مصر، محذرا من التفرق حول أهداف الثورة المصرية العظيمة؛ حيث إن هذه المؤامرة اليوم ليست ضد الرئيس د. محمد مرسي، وإنما هي ضد إرادة الشعب المصري في اختياره الإيمان بالله تعالى أساسا، والاستمساك بالإسلام مرجعا، والعودة إلى الريادة والقيادة".
وختم البيان بالدعاء قائلا: حفظ الله الشعب المصري من كل مكروه، ومن كل نزاع تذهب به الريح. ووفق الله الرئيس المنتخب ا.د. محمد مرسي إلى ما فيه مصلحة العباد والبلاد. وحفظ الله الجماهير المصرية، والنخب المصرية، من شر دعاة الفتنة والفساد. وأبقى الله الشرفاء، من أهل العلم والرأي والدعوة للبلد، رعاة وحماة من كل شر".