تشهد العاصمة المصرية خلال الساعات القليلة المقبلة، تحركات حثيثة من قبل السلطات الرسمية لمناقشة الأوضاع الداخلية في ضوء خطاب الرئيس حسني مبارك وإقالة الحكومة وسط توقعات باحتمال تجدد المظاهرات. فقد أعلن رئيس مجلس الشعب المصري فتحي سرور، أمس الجمعة، أن مجلس الأمن القومي سيعقد اليوم السبت لمناقشة الأوضاع الداخلية على خلفية المظاهرات، على أن يعقد البرلمان اجتماعاً مماثلاً غداً الأحد للسبب ذاته. وأوضح سرور أنه كان من المفترض أن يعقد البرلمان اجتماعه اليوم السبت، لكن وجود بعض النواب في صعيد مصر وتعذر وصولهم إلى العاصمة، استدعى تأجيل الاجتماع إلى يوم الغد. وشدد سرور على أن الإجراءات التنفيذية تبقى في يد السلطة التنفيذية، مؤكداً أن الأمور في يد أمينة، في إشارة إلى الرئيس مبارك، قبل أن يحذر مما أسماها الأفعال التي تجاوزت حدود الجرائم العادية على نحو قد يضطر السلطات إلى اتخاذ قرار يقع في إطار جريمة الإرهاب. وجاءت تصريحات سرور في أعقاب خطاب الرئيس مبارك الذي أعلن فيه إقالة الحكومة والتأكيد على المضي قدماً في سياسة الإصلاحات، سواء على صعيد تعزيز الديمقراطية والحريات وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، محذراً في الوقت نفسه من وجود مخطط "لزعزعة الاستقرار والانقضاض على الشرعية. الشارع والمعارضة بيد أن الخطاب لم يلق قبولاً على مستوى الشارع بالنسبة إلى المتظاهرين أو بالنسبة إلى القوى السياسية المعارضة التي اتفقت على أن المشكلة ليست في تطبيق الإصلاحات بل في النظام نفسه. فعلى مستوى الشارع حيث تجمع المتظاهرون بعد فترة وجيزة من إلقاء الخطاب متحدين حظر التجول، حيث أكد العديد من المشاركين أن المشكلة ليست في الحكومة بل في الرئيس مبارك نفسه. وعلى صعيد القوى والأحزاب السياسية المعارضة توالت المواقف المطالبة بتغييرات جذرية وليس الإصلاحات فقط، حيث طالب حزب الوفد المصري المعارض الجمعة بتعديل دستوري بشأن مدة الرئاسة وبتشكيل حكومة انتقالية رافضاً أي تدخل أجنبي. وقال رئيس الحزب السيد بدوي في مؤتمر صحفي عقده في القاهرة الجمعة: إن الظروف الراهنة باتت تتطلب تعديلاً دستورياً يحدد فترة الولاية الدستورية للرئيس بست سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وتشكيل حكومة انتقالية والدعوة لانتخاب جمعية وطنية لوضع دستور جديد، محذراً من أي محاولة للقفز فوق انتفاضة الشعب لتحقيق مكاسب. الإخوان والغد واعتبر عضو جماعة الإخوان المسلمين عبد المنعم أبو الفتوح أن خطاب الرئيس مبارك لم يكن في مستوى التطلعات، مطالباً الأخير بالرحيل، كما ناشد الجيش التدخل للمساهمة في إنقاذ الأوضاع.
وفي سياق متصل، قال بيان صادر عن حزب الغد المعارض: إن الخطاب لا يتناسب مع مطالب الشعب، ومبارك لم يفهم بعد حقيقة الأوضاع، مؤكداً استمرار الانتفاضة حتى تحقيق مطالب الشعب. بدورها تعهدت الجمعية الوطنية للتغيير في بيان لها بمواصلة الاحتجاجات، مطالبة الشعب المصري بحماية مؤسسات الدولة، في حين دعت "جبهة شباب مصر" عبر شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، قوى المعارضة و "الشباب الأحرار"، إلى "تكوين مجالس شعبية تحافظ على الممتلكات العامة والخاصة، وتمنع أي محاولات تخريبية أو نهب من ضعاف النفوس". الحزب الحاكم من جهته وفي أول رد فعل على الخطاب، اعتبر عضو الأمانة المركزية للتثقيف السياسي في الحزب الوطني الحاكم مجدي الدقاق، أن ما طرحه مبارك يشكل إشارة جيدة، ووفقاً ل "الجزيرة نت" كشف أن هناك حزمة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية ستتخذ من قبل حكومة جديدة توقع أن تنال قبول "الغاضبين"، حسب تعبيره. وأضاف أن السلطات تتفهم مطالب الشباب ولكن في إطار القانون، مشيراً إلى أن على الحكومة الجديدة القيام بمهام عاجلة للاستجابة لمطالب الشعب على المدييْن القريب والبعيد. وفي المقابل تساءل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشورى مصطفى الفقي عن مدى تلبية التعهدات التي تضمنها الخطاب لمطالب الشعب المصري، وقال للجزيرة: إن الأيام القادمة هي التي ستحدد مدى قبولها لدى الشارع. يشار إلى أن الفقي دعا قبل الخطاب الرئاسي، الرئيس مبارك إلى التدخل لمعالجة الوضع، نافياً إمكانية معالجة الأمور بالأسلوب الأمني فقط.